دخلت فرنسا حقبة سياسية جديدة مع انتهاء الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية التي شهدت مشاركة قياسية بلغت نحو 67% وفق استطلاعات الرأي وهي الأعلى منذ الانتخابات المبكرة عام 1997.
وقد أظهرت النتائج الأولية تصدر تحالف «الجبهة الشعبية الجديدة» اليساري، متبوعا بتحالف الرئيس إيمانويل ماكرون (معا)، فيما حل تحالف حزب التجمع الوطني اليميني المتشدد ثالثا.
ووفقا لهذه النتائج الأولية، يتوقع ان يحصل تحالف اليسار بين 172 و 215 مقعدا في البرلمان الجديد، بينما سيحصل معسكر الرئيس ايمانويل ماكرون بين 150 و 180 مقعدا، فيما سيحصد حزب التجمع الوطني اليميني وحلفاؤه بين 115 و 155 مقعدا.
وعلى ضوء هذه النتائج الأولية، لا يتوقع حصول أي من الكتل الثلاث على غالبية مطلقة في الجمعية الوطنية المقبلة.
هذا، وقالت الرئاسة الفرنسية إن الرئيس إيمانويل ماكرون «بصفته الضامن لمؤسساتنا سيحترم اختيار الشعب الفرنسي».
وأضاف «الإليزيه» أنه:«تماشيا مع التقاليد سينتظر الرئيس ماكرون الصورة الكاملة للبرلمان قبل اتخاذ القرارات التالية اللازمة».
ونقلت وكالة فرانس برس عن أوساط الرئيس الفرنسي قولها إنه يدعو إلى «توخي الحذر» في تحليل نتائج الانتخابات التشريعية.
من جانبه، رأى زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون أنه على رئيس الوزراء «المغادرة» وأنه ينبغي على الجبهة الشعبية الجديدة متصدرة الانتخابات والتي ينتمي إليها حزبه، أن «تحكم».
وقال ميلانشون زعيم حزب «فرنسا الأبية» معلقا على النتائج الأولية للانتخابات: «شعبنا أطاح بوضوح أسوأ الحلول»، وذلك بعدما حل اليمين المتشدد ثالثا.
بدوره، قال رئيس حزب التجمع الوطني بارديلا إن حزبه لن يشارك في أي ترتيبيات سياسية ستجرى على خلفية نتائج الانتخابات التشريعية.
وكان «التجمع الوطني» وحلفاؤه قد تصدروا نتائج الدورة الأولى بفارق كبير (33.15%) متقدما على تحالف اليسار «الجبهة الشعبية الجديدة» (28.14%) والمعسكر الرئاسي (يمين وسط) الذي نال 20.67% من الأصوات.
وفيما يخص نتائج الانتخابات التشريعية في أقاليم ما وراء البحار الفرنسية، تم انتخاب مرشح مناد باستقلال كاليدونيا الجديدة، بينما فاز اليسار في غويانا والمارتينيك وغوادلوب، محبطا بذلك طموحات اليمين المتشدد.
وأصبح إيمانويل تجيباو (48 عاما) أول مناد بالاستقلال في كاليدونيا الجديدة ينتخب نائبا منذ عام 1986 عن هذا الأرخبيل الواقع في جنوب المحيط الهادئ.
وفاز تجيباو المدعوم من الائتلاف اليساري «الجبهة الشعبية الجديدة» بنسبة 57.44% من الأصوات في الجولة الثانية.
كذلك، أعيد انتخاب النواب اليساريين المنتهية ولايتهم في الدوائر الانتخابية الأربع في غوادلوب، في مواجهة مرشحين من حزب التجمع الوطني.
وأعيد انتخاب النائبين المنتهية ولايتهما عن غويانا والمدعومين من «الجبهة الشعبية الجديدة»، في ظل مشاركة منخفضة بلغت 24.95%.
أما في المارتينيك فقد حقق النائب المنتهية ولايته جان فيليب نيلور (الجبهة الشعبية الجديدة) فوزا ساحقا (86.58%) على منافسه من التجمع الوطني. كذلك، حصل النائبان عن الجبهة ذاتها والمنتهية ولايتهما جيوفاني وليام ومارسيلين نادو على عدد كبير من الأصوات.
وحققت المرشحة الاشتراكية بياتريس بيلاي مفاجأة في الدائرة الثالثة بفوزها بنسبة 54.53% من الأصوات في مواجهة جوني حجار النائب المنتهية ولايته عن «الجبهة الشعبية» الذي كان متقدما في الجولة الأولى.
وحقق أنصار الاستقلال في اقليم بولينيزيا في المحيط الهادئ فوزا مهما، اذ حافظت المنادية بالاستقلال مارينا ريد أربيلو على مقعدها بفارق بسيط (50.87%) على باسكال هايتي فلوس زوجة الرئيس السابق غاستون فلوس.
كما فاز المرشح الاستقلالي نيكول سانكي بحصوله على 55.88% من الأصوات في مواجهة النائب المنتهية ولايته ستيف شايو.
وفاز الاستقلالي من يمين الوسط، موراني فريبو بحصوله على 54% من الأصوات، متقدما على النائب تيماتي لو غاييك الذي حصل على 35% من الأصوات.
هذا، وكانت مراكز الاقتراع قد فتحت ابوابها في الساعة السادسة صباح أمس في فرنسا القارية، بعدما صوت الناخبون يوم السبت في أرخبيل سان بيار إيه ميكلون في شمال المحيط الأطلسي، وغويانا والأنتيل وبولينيزيا وكاليدونيا الجديدة في جنوب المحيط الهادئ.
وسعيا لقطع الطريق أمام التجمع الوطني اليميني، انسحب أكثر من مئتي مرشح من اليسار والوسط من عدة دوائر انتخابية .
هذا، وأبدت عواصم أوروبية كبرى شريكة لباريس، مخاوف من تولي حزب «التجمع الوطني» اليميني برئاسة جوردان بارديلا (28 عاما) الذي يشكك في المؤسسات الأوروبية ومعروف بقربه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إدارة بلد يعتبر من الأعضاء الأساسيين في الاتحاد الأوروبي.