اقتحمت القوات الإسرائيلية عدة أحياء في مدينة غزة على متن دبابات وقصفتها بشكل مكثف ومفاجئ أمس، ما دفع مرة أخرى آلاف الفلسطينيين إلى الفرار، رغم الحديث عن بوادر و«آمال كبيرة» بالتوصل إلى اتفاق وقف لاطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين.
وقال شهود عيان والدفاع المدني والمكتب الإعلامي لحكومة «حماس» إن الجنود الإسرائيليين اجتاحوا عدة أحياء في مدينة غزة شمال القطاع، ومن بينها الدرج والتفاح والصبرة وتل الهوى ما دفع آلاف إلى الفرار مرة اخرى. وأعلن الدفاع المدني في غزة «تلقي بلاغات بوجود عشرات الشهداء والمصابين»، مشيرا أن طواقمه لا تستطيع الوصول إليهم «في ظل القصف العنيف». وأشار الى أن «قوات الاحتلال تحاصر عشرات العائلات».
وأفاد الشهود بأن الجيش الإسرائيلي طلب من السكان عبر مكبرات الصوت إخلاء حي الدرج وحي التفاح. وأشاروا الى أن الدبابات تمركزت في عدة أحياء، بينما تتقدم في مناطق اخرى بمساعدة غارات جوية وطائرات مسيرة.
من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن قوات اسرائيلية اقتحمت مقر رئاسة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بعد تنفيذ سلسلة غارات عنيفة وإطلاق قنابل دخانية في محيطه.
وأوضحت أن عشرات القناصة من جنود الاحتلال يعتلون بعض المباني المرتفعة في محيط مقر «أونروا» بالقطاع.
وبعد عشرة أشهر على بدء الحرب، تواصل القوات الإسرائيلية خوض معارك في مناطق عدة كانت قد أعلنت السيطرة عليها في السابق، مثل حي الشجاعية في شرق مدينة غزة، حيث قال الجيش إنه قتل «عشرات» من المقاومين.
لكن في الأسابيع الأخيرة، اشتد القتال مجددا في العديد من المناطق التي كان الجيش الإسرائيلي قد أعلن السيطرة عليها، وخاصة في الشمال، بينما يتواصل الهجوم في رفح.
وأعلنت السلطات الصحية في قطاع غزة امس عن «استشهاد 40 فلسطينيا وإصابة 75 آخرين في ثلاث مجازر ارتكبها الاحتلال».
وقالت السلطات الصحية في بيان إن حصيلة العدوان المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي ارتفعت إلى 38193 شهيدا و87903 إصابات. وتسببت الحرب في نزوح جماعي وكارثة إنسانية في قطاع غزة حيث يعاني آلاف الأطفال من سوء التغذية وسط شح في المياه والغذاء، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
وقد حذر المفوض العام لـ «أونروا» فيليب لازاريني من «اننا نواجه خسارة جيل بأكمله في غزة، ويجب إعادة الأطفال إلى بيئة تعليمية آمنة».
وأضاف في تصريحات نقلتها قناة «الجزيرة»: 50% من مؤسساتنا في غزة دمرت وقتل أكثر من 500 شخص أثناء وجودهم في مقراتنا. وأكد ان نحو 250 ألف شخص هجروا من خان يونس للمرة السادسة أو السابعة، ولا يوجد مكان آمن في غزة.
على صعيد مفاوضات الهدنة التي ترعاها قطر ومصر والولايات المتحدة، قال قيادي في حماس لوكالة «فرانس برس» أمس الأول، إن الحركة وافقت «أن تنطلق المفاوضات من دون وقف إطلاق نار» دائم في قطاع غزة وهو شرط كانت «حماس» تضعه لاستئناف المفاوضات. ويأتي تصريحه وسط تجدد جهود الوساطة التي تبذلها الدول الثلاث واعتبرت مصادر امنية اسرائيلية انها «فرصة ذهبية» للتوصل إلى اتفاق.
وذكر المسؤول، طالبا عدم الكشف عن هويته، أن «حماس كانت في السابق تشترط أن توافق إسرائيل على وقف كامل لإطلاق النار بشكل دائم» لتخوض مفاوضات حول الرهائن.
وأضاف «هذه الخطوة تم تجاوزها حيث ان الوسطاء تعهدوا بأنه مادامت مفاوضات الأسرى مستمرة، يستمر وقف إطلاق النار». وأشار القيادي في حماس إلى ان «الكرة في الملعب الإسرائيلي، إذا أرادوا التوصل لاتفاق فهذا ممكن جدا أن يتحقق».
ولفت إلى أن حماس «أبلغت الوسطاء بأنها تريد إدخال المساعدات بكميات تصل إلى 400 شاحنة يوميا في المرحلة الأولى للاتفاق وتريد انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا ومعبر رفح».
بينما رد نتنياهو بأنه سيستمر بالحرب حتى القضاء على حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ العام 2007.
وقال مكتبه إن «أي اتفاق مقبل سيسمح لإسرائيل بالعودة والقتال حتى تحقيق كل أهداف الحرب». وأضاف انه سيعمل على ضمان إعادة أكبر عدد من المحتجزين الأحياء لدى «حماس». وقد أثارت مواقف نتنياهو مخاوف في اسرائيل من نيته عرقلة الصفقة، حيث نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن شروط رئيس الوزراء تضر بالمحادثات مع مصر بشأن محور فيلادلفيا. وذكرت هيئة البث الإسرائيلية نقلا عن مصدرين قولهما إن قادة الأجهزة الأمنية صدموا من بيان مكتب نتنياهو بشأن صفقة التبادل.