دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جميع القوى السياسية إلى «بناء غالبية صلبة» في الجمعية الوطنية، وذلك بعد ايام قلائل من الانتخابات التشريعية الفرنسية التي «لم يفز فيها احد».
وقال ماكرون في رسالة إلى الفرنسيين نشرتها صحف محلية «لم تحصل أي قوة سياسية على غالبية كافية بمفردها، والكتل والائتلافات التي ستنبثق من هذه الانتخابات كلها أقليات».
ودعا «جميع القوى السياسية في مؤسسات الجمهورية ودولة القانون والحكم البرلماني إلى الانخراط في حوار صادق ومخلص لبناء غالبية صلبة تكون بالضرورة ذات تعددية».
وأضاف «يجب أن تبنى هذه الغالبية حول بعض المبادئ الرئيسية للبلد والقيم الجمهورية الواضحة والمشتركة ومشروع عملي وفهمه سهل».
وتابع «سأسمي رئيسا للحكومة في ضوء هذه المبادئ»، مؤكدا أن ذلك سيحصل حين تبني القوى السياسية «تسويات».
وأوضح الرئيس الفرنسي «حتى ذلك الحين، ستواصل الحكومة الحالية ممارسة مسؤولياتها ثم ستكون مسؤولة عن تصريف الأعمال كما جرت العادة الجمهورية»، في وقت تستعد فرنسا لاستضافة الألعاب الأولمبية في أقل من ثلاثة أسابيع.
وبحسب استطلاع للرأي نشر الأربعاء، فإن سبعة فرنسيين من عشرة «ليسوا راضين» عن التشكيلة الجديدة للجمعية الوطنية.
جاء ذلك وسط مداولات سياسية مكثفة لاختيار رئيس للوزراء وتشكيل الحكومة.
ويهيمن على هذه المداولات، النقاش الدائر في صفوف اليسار حول الشخصية الفضلى لمنصب رئيس الوزراء.
وتصدرت الجبهة الشعبية الجديدة المؤلفة من اليسار والمدافعين عن البيئة، الانتخابات من دون تحقيق الغالبية المطلقة. وهي ترى أن عليها اختيار رئيس الحكومة.
وسيكون للكتلة اليسارية 190 إلى 195 مقعدا أي أقل بنحو مئة نائب عن الغالبية المطلقة لكنها تؤكد أنها قادرة على حصد تأييد غالبية من النواب على مشاريع محددة. وشددت على أنها ستطبق برنامج الجبهة الشعبية الجديدة.
وفيما يعتزم اليسار اقتراح رئيس للوزراء على ماكرون، يعرب قسم كبير من المعسكر الرئاسي عن رفضه لذلك.
وقالت وزيرة المساواة الاجتماعية أورور بيرجيه التي أعيد انتخابها نائبة في الجمعية الوطنية «نحن أكثر من 160 بقليل اليوم وأسمع نوابا من الجمهوريين واليمين ويمين الوسط واليسار، يقولون إنهم مستعدون للانضمام إلينا، ما يعني أننا سنتمكن من التفوق عدديا على الكتلة اليسارية».
من جهته، دعا الرئيس المنتهية ولايته لنواب المعسكر الرئاسي سيلفان مايار إلى «اجتماع جماعي» للبحث في «النواب الذين يمكن ضمهم إلى كتلة الوسط».
وسبق لفرنسا أن شهدت ثلاث حكومات تعايش بين رئيس للجمهورية ورئيس للوزراء من معسكرين مختلفين، لكنها تواجه حاليا جمعية وطنية مشرذمة بين ثلاث كتل رئيسية من دون غالبية مطلقة.
وجريا على العادة منذ العام 2022، يتطلع المعسكر الرئاسي بشكل أساسي إلى اليمين للبحث عن حلفاء.
وقال وزير الداخلية جيرالد دارمانان «من الممكن أن يكون هناك رئيس وزراء يميني، وهذا لن يزعجني على الإطلاق».
ويؤيد عدد كبير من النواب هذا التوجه إذ يريدون أن يتجنبوا «بأي ثمن» حكومة تضم أعضاء من حزب فرنسا الأبية.
ودعا رئيس الوزراء الأسبق إدوار فيليب (يمين وسط) إلى توقيع «اتفاق فني» مع حزب الجمهوريين يهدف إلى «تطوير وإدارة شؤون البلد لمدة سنة على الأقل».
وبعدما أبدوا عدم مرونة حيال فرضية تشكيل ائتلاف، يبدو أن بعض قادة اليمين بدأوا ينفتحون تدريجيا على الفكرة ويطالبون بتعيين رئيس وزراء من معسكرهم على رأس «حكومة وحدة».