بيروت - زينة طبّارة
اعتبـر المفكـر السياسـي د. حارث سليمان في حديث إلى «الأنباء» ان «غياب الدولة هو النقطة المركزية في البحث عن أسباب فشل النظام وشيوع الفوضى والفساد والخروج عن دور المؤسسات لاسيما الدستورية منها».
وقال: «الدولة هي منظومة إدارية وقانونية، ومجموعة من المفاهيم والقواعد، وتقوم على 3 معايير أساسية، وهي:
الدستور وسيادة القانون، اللعبة الديموقراطية على قاعدة الأكثرية تحكم والأقلية تعارض، الغلبة على الطوائف والمذاهب والأحزاب مع تامين الضمانات لهم».
ورأى سليمان «ان ما يحصل في لبنان هو اولا انتهاك الدستور والقفز فوق القانون بشكل فاضح وعلني، وثانيا عدم تقبل المنظومة الحزبية والسياسية من دون استثناء بالخسارة ايا يكن نوعها ومحورها وعدم التزامها بالتالي بنتائج اللعبة الديموقراطية، وثالثا استباحة الدولة وتغليب الطوائف والأحزاب عليها ككيان معنوي كامل متكامل».
ولفت بمعنى أدق إلى «ان الدولة في لبنان مغلوبة، والغالب هو كل طائفة بمفردها، وبالتالي مجموعة طوائف تغلب الدولة، علما ان الدولة هي الإطار القانوني والإداري والمعنوي والمفاهيمي لحماية الفرد، فيما الفرد في لبنان تغلبه الجماعة داخل طائفته نتيجة غلبة الأخيرة على الدولة، وافتقاده بالتالي أدنى حقوقه الطبيعية كالكهرباء والمياه والطبابة والتعليم والنقل والملكية الفردية وسائر الخدمات العامة». وأضاف: «ما نسمعه في السياسة عن حقوق المسيحيين والمسلمين، باطل ولا أساس له في مفهوم الدولة، لأن الحقوق تعطى فقط للفرد كإنسان، وليس للجماعات كمنظومات طائفية ومذهبية. الدستور اللبناني يتكلم عن حقوق الأفراد مع ضمانات للجماعة ليس إلا. ولبنان دولة سائبة تغلبها مجموعات سياسية طائفية، وتتحكم بها وفقا لمصالحها وطموحاتها ومشاريعها، ما يعني ان الجميع في لبنان من طوائف وأحزاب أقوى من الدولة. والأقوى من الجميع هو حزب الله.. وأي كلام آخر تزييف للحقيقة والواقع».
وذكر على سبيل المثال ان «حزب الله اعلن الحرب على إسرائيل من دون الرجوع إلى الحكومة والمؤسسة العسكرية، وذلك في انتهاك صارخ لمفهوم الدولة والسيادة والقانون، فالحروب تعلنها الدول بقرار من سلطاتها التنفيذية وليس بقرار حزب يعتبر نفسه أقوى من الدولة وصاحب الحق الحصري في إعلان الحروب من عدمه، مع فارق ان حزب الله يعلن الحروب ويطلب من الدولة ان تكون المفاوض في التسويات، وذلك ليس إيمانا منه بدور الدولة، انما للتهرب من تقديم التنازلات التي ستفرض عليه، اي انه يرمي كرة التنازلات في ملعب الحكومة، ويعلن في المقابل براءته منها إلى جانب إعلانه عن انتصار مجيد للمقاومة، تماما كما حصل في ملف الترسيم البحري لجهة تنازله عن الخط 29 وتهربه من المسؤولية عبر إلصاق هذا التنازل بالحكومة اللبنانية. وهو ما سيتكرر لاحقا في التسوية المقبلة حول الجنوب اذا حصلت، اذ ان الحزب سيتلطى خلف تفاوض الحكومة مع المبعوثين والوسطاء الدوليين، لتبرير إعادة انتشاره بعيدا من الخط الأزرق. وبكل أسف الدولة ممسحة في أجندة حزب الله».