- الخراز: الرؤيا تفسَّر بحسب الحال التي يكون عليها صاحبها وليس بمزاج المفسر
- الطبطبائي: لا يستند إلى ضوابط شرعية وللمفسر شروط بيّنها العلماء لا يملكها الأغلبية
انتشرت برامج إعلامية على عدة مواقع إلكترونية وعبر وسائل التواصل تهتم بتفسير الأحلام وتتلقى مكالمات من يسأل عن تفسير منام او حلم رآه، فهل تفسير الرؤيا بهذه الطريقة صحيحة شرعا؟ وما التأصيل الشرعي لتفسير الرؤيا؟ ومن يكون له هذا الحق؟
بداية، يرى د.خالد الخراز أن ما يحدث الآن من تفسير للرؤى عبر وسائل التواصل والمواقع الإعلامية والصحف وعبر الرسائل دون معرفة الحال يعتبر من أكبر أخطاء المؤولين للرؤى، ولو أنهم وجهوا الناس إلى السنة الصحيحة لارتاحوا وأراحوا، فالرؤى التي تكون في الغالب حديث النفس، والرؤيا التي تكون من الشيطان يكفي معها الاستعاذة والتحول الى الجنب الآخر في النوم وألا يحدث بها أحدا فإنها لن تضر، فلم السؤال عنها إذن؟
وزاد: أما الرؤيا الصالحة فإن كانت خيرا فهي نافعة والحمد لله سواء سألنا أو لم نسأل فإنها من الرحمن، أما أضغاث الأحلام فإنها أخلاط أعمال الناس يوميا فلا تضر، وبهذا يضيق المجال على المفسرين وعلى الناس ألا يعيشوا حياة القلق بمعرفة الرؤيا. وأكد بالقول انه يجب على الإنسان صاحب الرؤيا ايا كانت ان يلجأ بالدعاء إلى الله عزّ وجلّ وليحسن التفكير ثم يتوكل على الله لأن الغيب لا يعلمه إلا الله وحده.
وحول الفرق بين الرؤيا والحلم، أوضح د.الخراز ذلك بقوله: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «الرؤيا من الله والحلم من الشيطان»، لأن الحلم يراه النائم، والرؤيا أحاديث الملك الموكل بالأرواح، والحلم وسوسة الشيطان والنفس، وما يراه النائم هو اعتقادات يخلقها الله في قلبه، فإن كانت بواسطة الملك فهي رؤيا وإن كانت وساوس الشيطان فهي الحلم. وقد بين ابن القيم أقسام الرؤيا في كتابه الروح، حيث يقول: الرؤيا على ثلاثة أنواع: رؤيا من الله، ورؤيا من الشيطان، ورؤيا من حديث النفس، الرؤيا الصالحة منها إلهام يلقيه الله في قلب العبد وهو كلام يكلم به الرب عبده في المنام، ومنها مثل يضربه ملك الرؤيا الموكل بها، ومنها: التقاء روح النائم بأرواح الموتى من اهله وأقاربه وأصحابه وغيرهم.
وحول تفسير الرؤيا عن طريق وسائل التواصل والإعلام، أكد د.الخراز ان هذا شيء خطير ولا يجوز وأنها تبعث على القلق وتقلق الناس بأوهام وخرافات، وضرب مثالا على ذلك حين جاءه شخص تعاني امرأته من وساوس فقال: رأت زوجتي في منامها ان ضرسها قد وقع وطلبت من مفسر الأحلام تفسيرا فأخبرها ان احد اقاربها سيموت، ولا يدري هذا المفسر ان امرأتي كانت تعاني من ألم في ضرسها منذ أيام، فسبب لها هذا التفسير هلعا وخوفا وبكاء دائما مما يدل على ان المفسر قال لها شيئا غير حقيقي ولو كان يعلم ما بها من ألم لما قال هذا، وهذا ان دل فإنما يدل على اهمية ان يعرف المفسر حالة صاحبة الرؤيا وألا يفسر جزافا وهذا ما يحدث بسبب تفسيرات خاطئة بعيدة عن الواقع الذي يعيشه صاحب الحلم.
وأضاف: ومع الأسف نجد بعض المفسرين يجدون هذه الأسئلة مناسبة للحديث والثرثرة على شاشات التلفزيون وعلى المواقع الإلكترونية وغيرها، فكلما رأت المرأة رؤيا سارعت وطلبت تفسيرها.
وبين د.الخراز ان تفسير الرؤيا له أصول وليس مجرد قواعد ثابتة تطبق على كل الحالات السائلة، فهناك معرفة حال السائل من الصلاح أو عدمه ومعرفة الرؤيا وتفصيلاتها والظروف النفسية والعضوية ودرجة إيمان المفسر وصلاحه، كل هذا وغيره يجعل لكل مفسر وجهة نظر ولكل عالم تفسيرا خاصا، فكل رؤيا ليس بالضرورة لها تفسير وليس بالضرورة ان تتحقق، فمثلا رؤيا يوسف عليه السلام لم تتحقق إلا بعد نحو أربعين سنة من رؤيتها، ثم هناك شيء آخر انه لن نرى ان اثنين من المفسرين قد اجتمعا على تفسير حلم واحد يقتنع به هو نفسه. وطالب د.الخراز المسلمين خاصة النساء بعدم الجري وراء بعض مدعي تفسير الأحلام او بعض المفسرين الذين تتلاعب بهم الظنون والأهواء والابتعاد عن مسائل تفسير الأحلام عبر وسائل الإعلام وفي الفضائيات امام جميع الناس خاصة ان معظمها مسائل الاصل فيها الستر، أما إشاعتها أمام الناس فهو عمل ضرره اكثر من نفعه ويسيء للمسلمين ويبين امام خصومهم كأننا أمة مشغولة بالغيبيات.
ويوضح العميد السابق لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د.سيد محمد الطبطبائي الرأي الشرعي في تفسير الأحلام عبر وسائل التواصل المختلفة فيقول: يمكن ان نتكلم عن احكام تفسير الأحلام بصورة عامة وأمام الناس، فهذا لا يتفق مع القواعد الشرعية لتفسير الرؤيا، حيث ان كثيرا من الناس يحدث بكل ما رآه ويسأل عنه، وهذا غير مشروع، حيث نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يحدث الناس إذا رأى في منامه ما يكره، ففي الحديث الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رجل فقال: يا رسول الله رأيت كأن رأسي قطع، وأنا أتبعه، فقال: لا تحدث بتلاعب الشيطان بك في المنام، كما قال صلى الله عليه وسلم: «فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل ولا يحدث بها الناس». والواقع أن كثيرا ممن يسأل عن تفسير الأحلام يحدث بما رآه من الأمور التي يكرهها وهذا خلاف المشروع، أما إذا كان قد رأى في منامه ما أحب فكذلك يجب عليه الا يخبر به الا من أحب، وليس ان يسأل ويخبر بها من لا يعرف حقيقته او لا علاقة له به، ويدل على ذلك الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فإذا رأى احدكم ما يحب فلا يحدث بها إلا من يحب». وأضاف: كما ان العلماء قد نصوا على أن المفسر لا يفسر الرؤيا حتى يعرف لمن هي، وهذا متعذر اليوم عبر وسائل الإعلام، فالمفسر لا يعرف من المتصل وهل صادق ام كاذب ام حافظ ام ناس، او حال السائل وحقيقته فلا يستطيع ان يطبق القواعد الصحيحة لتفسير الأحلام، وعن الشروط الواجب توافرها في مفسر الأحلام، قال د.الطبطبائي: لقد بين العلماء العديد من الصفات التي يجب ان تتوافر في مفسر الأحلام، أهمها ان يكون عالما بكتاب الله تعالى حافظا له، ودارسا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وعاملا على تطبيقها وأن يكون متقنا لفنون اللغة العربية وعارفا بالأمثال العربية وما يجري على ألسنة الناس وعاداتهم، بالإضافة الى ان يكون تقيا بعيدا عن المعاصي والفواحش وأن يكون ناصحا للناس قوي القلب لا يعرف بالتزلف لدى الوجهاء والحكام، مشهورا بالصدق والورع.