تولى الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان مهام منصبه رسميا أمس في ولاية رئاسية مدتها 4 سنوات، عقب مراسم تنصيبه من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي، وذلك بعد فوزه في الانتخابات المبكرة التي أجريت على جولتين.
وخلال مراسم بثها التلفزيون الرسمي، تلا مدير مكتب المرشد الأعلى نص حكم خامنئي في تنفيذ رئاسة الجمهورية للدكتور مسعود بزشكيان، والذي جاء فيه «تكريسا لإرادة الشعب العظيم، أنفذ أصواتهم في اختيار الشخصية الحكيمة، والصادقة، والشعبية، والعالمة.. وأقلده منصب رئاسة جمهورية إيران الإسلامية».
وأضاف ان «الدورة الرابعة عشرة لانتخابات رئاسة الجمهورية، بعد الدورة غير المكتملة لرئيس الجمهورية الفقيد إبراهيم رئيسي، إحدى مفاخر الشعب الإيراني، ودليل على استقرار نظام إسلامي راسخ، ومؤشر على عقلانية الأجواء السياسية في البلاد ورصانتها».
وبزشكيان هو الرئيس التاسع للجمهورية منذ تأسيسها بعد الثورة الإسلامية عام 1979، وهو محسوب على التيار الإصلاحي في البلاد، وقد تغلب في الجولة الثانية من الانتخابات التي أجريت في 5 الجاري على منافسه المحافظ سعيد جليلي.
والرئيس الجديد جراح قلب يتولى تمثيل تبريز، كبرى مدن شمال غرب إيران، في مجلس الشورى منذ 2008. وسبق له أن شغل منصب وزير الصحة في عهد الرئيس خاتمي.
وأقيمت مراسم تنصيب بزشكيان في طهران بحضور مسؤولين إيرانيين وديبلوماسيين أجانب، ومن المقرر أن يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى (البرلمان) غدا، قبل تشكيل حكومته وطرح أسماء وزرائها لنيل الثقة.
وشكر الرئيس الجديد خلال مراسم التنصيب المرشد الأعلى علي خامنئي والشعب الإيراني على الثقة التي أولاه إياها، متعهدا بتحمل «المسؤولية الجسيمة» لمنصبه الجديد.
وقال بزشكيان في كلمة له أثناء المراسم بثها التلفزيون الرسمي الإيراني مباشرة إن حكومته عازمة على تحقيق تطلعات وآمال الشعب الإيراني وتحقيق التنمية على جميع المستويات وخدمة المواطنين.
وأضاف: «نتطلع إلى التنمية في البلد والوصول إلى المرتبة الأولى في المنطقة من الناحية الاقتصادية والعلمية والتقنية إضافة إلى إقامة علاقات بناءة ومؤثرة مع العالم».
ودعا الجميع إلى الوحدة الوطنية والتضامن ونبذ الفرقة والاختلافات الداخلية والالتزام بالقانون، متعهدا بالعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية والحريات المشروعة وحل مشكلات المواطنين ومعاناتهم.
بدوره، حض خامنئي الحكومة المقبلة على صياغة مقاربة «نشطة وفعالة» في مواجهة الأوضاع الإقليمية، داعيا إلى إيلاء الأولوية للديبلوماسية في التعامل مع دول الجوار.
وأوضح انه «ليس لدينا عداء مع الدول الأوروبية» في حال تخـلـت عـن «موقفها السلبي».
وبعد مراسم التنصيب، تسلم بزشكيان مقر الرئاسة من محمد مخبر، النائب الأول الذي تولى المنصب بالإنابة بعد تحطم مروحية إبراهيم رئيسي ومرافقيه في 19 مايو الماضي.
وفي وقت لاحق، أصدر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مرسوما رئاسيا بتعيين محمد رضا عارف نائبا أول لرئيس الجمهورية.
وجاء في المرسوم الرئاسي الذي أورد نصه التلفزيون الرسمي الإيراني أن تعيين عارف بهذا المنصب يأتي بالنظر إلى «كفاءته وخبراته في الإدارة والتنفيذ».
وشغل عارف (72 عاما) منصب النائب الأول للرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي خلال الفترة (1997 - 2005)، كما شغل مناصب عدة، منها: وزارة الاتصالات، والتمثيل النيابي للعاصمة طهران في البرلمان خلال دورته العاشرة، ورئيسا لجامعة طهران في الفترة من 1994 إلى 1997.
وكان بزشكيان قد تعهد خلال حملته الانتخابية بالسعي لإحياء الاتفاق الدولي المبرم عام 2015 الذي أتاح رفع عقوبات اقتصادية عن طهران مقابل تقييد أنشطتها النووية.
وأبدى الرئيس الجديد عقب انتخابه في رسالة نشرتها صحيفة محلية صادرة بالإنجليزية في وقت سابق من يوليو الجاري، استعداده للدخول في «حوار بناء» مع الدول الأوروبية لتخفيف تأثير العقوبات الأميركية.
كما عرض بزشكيان في رسالته الخطوط العريضة لسياسته الخارجية، حيث شدد على «ضرورة أن تعترف واشنطن بالواقع، وأن تفهم، مرة واحدة وإلى الأبد، أن إيران لا ولن ترضخ للضغوط».
الجدير بالذكر أن رئيس الجمهورية في إيران لا يتمتع بصلاحيات مطلقة، لكنه يرأس المجلس الأعلى للأمن القومي، والسلطة التنفيذية، حيث لا يوجد منصب لرئيس الوزراء في البلاد، وهي إحدى السلطات الـ 3 إلى جانب التشريعية والقضائية. ويؤدي الرئيس دورا أساسيا في توجيه الحكومة وسياساتها الخارجية والداخلية، إلا أن رأس الدولة وصاحب الكلمة الفصل في سياساتها العليا هو المرشد الأعلى.