- العنزي: من أعظم أسباب الأمن طاعة ولاة الأمر في المعروف والاجتماع عليهم وحولهم
- العتيبي: أسأل الله أن يديم على بلادنا الكويت نعمة الأمن والأمان والاستقرار والرخاء
- السويلم: عندما يعمّ الأمن والأمان والاستقرار البلاد تلقي بظلالها على الناس وعلى أمنهم وحياتهم
- الشمري: علينا الاستفادة من أخطائنا بإصلاحها وتقويمها وأن نعتبر بما مضى من محن عشناها
من أعظم النعم على الإنسان نعمتا الأمن والأمان، ومن دون الأمان لا يستطيع الإنسان أن يحقق رسالته في الدنيا ولن يكون هناك أمن اجتماعي وازدهار اقتصادي ولا حياة مطمئنة. حول أهمية الأمن والأمان في حياة المسلم نتعرف أكثر من خلال هذا التحقيق.
يقول د.سعد العنزي: الأمن نعمة عظيمة وفضل كبير يمنّه الله تعالى على من ارتضى من عباده، وهو أخطر وأجلّ النعم، وقال العلماء ان أعظم نعمة بعد الإيمان بالله جل وعلا نعمتا الأمن والأمان في العباد والبلاد، قال تعالى: (بل الله يمنّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين). فالأمن في الأوطان مطلب الشعوب والمخلصين لبلدانهم، كما قال نبي الله إبراهيم (رب اجعل هذا بلدا آمنا). وأن تكون نعمة يمتن الله بها على من وهبهم إياها، كما في قوله تعالى: (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف).
كما جعل الله تعالى الأمن من نعيم الجنة وأنهم لا يخافون ولا يفزعون قال تعالى: (وهم في الغرفات آمنون).
قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «من أصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها».
فترويع المسلمين وتخويفهم وإرهابهم ممنوع في الإسلام وحرمه الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يروع مسلما». وقال: «من حمل علينا السلاح فليس منا». وقال: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر».
وقتل المسلمين وإرهابهم وزعزعة الأمن فيهم من الموبقات ففي قتلهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما».
ومن أسباب تحقيق الأمن ودوام النعم «شكر الله» بالاستقامة على طاعة الله جل وعلا والابتعاد عما نهى الله عنه فبالشكر تدوم النعم وتزيد قال تعالى: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد).
ومن أسباب تحقيق الأمن التمسك بالشريعة الإسلامية وتطبيقها والمحافظة على مقاصدها وإقامة حدودها قال تعالى: (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون).
وأسباب تحقيق الأمن البعد عن المعاصي والذنوب.
ومن أعظم أسباب الأمن طاعة ولاة الأمور في المعروف والاجتماع عليهم وحولهم قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، وما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة).
نعمة شرعية
من جانبه، بين المعلم والخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية د.فيصل علوش العتيبي أن الأمن نعمة شرعية وضرورة حياتية، إذ لا حياة ولا استقرار واطمئنان بدون وجود الأمن، بل لا يمكن للمسلم أن يعبد ربه على الوجه الأكمل إلا بوجود الأمن، ولذا امتن الله على كفار قريش بنعمة الأمن فقال تعالى: (الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) (قريش: 4).
وهناك أسباب وبواعث من حرص على توافرها أمّنه الله في نفسه ومجتمعه وبلده ومن قصّر فيها أو في بعض منها سلب الله منه شيئا من هذه النعمة العظيمة، فمن الأسباب الجالبة للأمن:
1- توحيده الله وحده والبعد عن الشرك. فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) (الأنعام: 82)، شق ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسول الله، أينا لا يظلم نفسه؟ قال: (ليس ذلك، إنما هو الشرك، ألم تسمعوا ما قال لقمان لابنه وهو يعظه: (يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) (لقمان: 13)) رواه البخاري ومسلم.
2- طاعة الله تعالى والبعد عن الذنوب والمعاصي وعدم المجاهرة بها. قال صلى الله عليه وسلم: «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب» وقال: «ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي، ثم يقدرون على أن يغيروا، ثم لا يغيروا، إلا يوشك أن يعمهم الله منه بعقاب» رواه أبوداود.
3- شكر الله على جميع نعمه الظاهرة والباطنة الدينية والدنيوية، قال سبحانه: (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) (النحل: 112).
4- طاعة ولاة الأمور ولزوم جماعة المسلمين، فبها يستتب الأمن. قال صلى الله عليه وسلم: «السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» متفق عليه.
5- إقامة الصلاة على وجهها وإيتاء الزكاة المفروضة وإقامة شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال عز وجل: (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز، الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور) (الحج: 40، 41).
هذه بعض الأسباب الجالبة للأمن حق لمن عمل بها وقام بشأنها سواء كان فردا أو مجتمعا أو بلدا أن يرزقه الله الأمن بمقدار ما أقام من هذه الأسباب.
أسأل الله أن يعيننا جميعا على القيام بأمره والعمل بشرعه، وأن يديم على بلادنا الكويت نعمة الأمن والأمان والاستقرار والرخاء إنه ولي ذلك والقادر عليه.
بالشكر تدوم النعم
من جهته، قال الشيخ يوسف السويلم: قال الله عزوجل: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام)، كان هذا مطلب إبراهيم عليه السلام يدعو الله تعالى أن يجعل بلده آمنا.
وأعلم الله تعالى موسى عليه السلام وخفف من روعه وسكّن نفسه، حيث قال تعالى: (وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولَّى مدبرا ولم يُعقِّب يا موسى لا تخف إنك من الآمنين) (القصص: 31)، فالأمن مكانته عظيمة في الإسلام ووضعه العلماء في منزلة أعظم من منزلة نعمة الصحة، فقال الرازي - رحمه الله - سئل بعض العلماء الأمن أفضل أم الصحة؟ فقال: الأمن أفضل، والدليل على ذلك ان شاة لو انكسرت رجلها فإنها تصح بعد زمان ثم إنها تقبل على الرعي والأكل ولو أنها ربطت في موضع وربط بالقرب منها ذئب فإنها تمسك عن العلف ولا تتناوله حتى تموت، وذلك يدل على أن الضرر الحاصل من الخوف أشد من الضرر الحاصل من ألم الجسد (تفسير الرازي).
وأكد أن الأمن والأمان والاستقرار إذا عم البلاد ألقى بظله على الناس وأمن الناس على دينهم وأنفسهم وأموالهم وأعراضهم ومحارمهم وأظلتهم نعمة الطمأنينة والأمان، وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في قوله: «من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها»، ونادى السويلم للنظر الى من فقدوا نعمة الأمن والأمان والاستقرار وأصبحوا مشردين في العالم في قلق وخوف وهلع. وأكد ان أهم أسباب تحقيق الأمن التوحيد والإيمان، قال تعالى: (الذين آمنوا ولم يُلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) فليشكروا الله، فبشكره تدوم النعم، اللهم أدم علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار.
نعمة كبرى
وأكد الشيخ سعد الشمري ان الأمن من أعظم النعم التي ينعم الله بها على عباده، إذ به يأمن الناس على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، وتسير أمور حياتهم ويستقيم به أمر الدين والصلاة في المساجد جمعة وجماعة وحضور حلقات العلم، والتسوق في المحلات والمتاجر وغير ذلك مما هو سبب الأمن وأثره في حياة الناس.
ولكن لو نظرنا في كتاب الله عز وجل لوجدنا الارتباط الوثيق بين الأمن والإيمان، وذلك ان الأمن من الإيمان، قال الله تعالى: (الذين آمنوا ولم يُلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) وقال الله تعالى: (ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفّرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم ولو أنهم أقاموا التوراة....)، وقال تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا...) وهذه حقيقة ثابتة وسنة جارية وسنة الله لا تتغير ولا تتبدل (فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا)، وعلينا أن نحقق ونعلم ثلاث حقائق إيمانية وأسباب نجاة وعظة وعبرة. الأولى: أن السعادة في الدنيا والآخرة والنجاة فيهما لا يكون إلا بالإيمان والعمل الصالح. الثانية: أن نعتبر ونتعظ بحال من كفر وعصى وكيف عذّبه الله وكيف أنزل الله عليه سخطه فإن الاعتبار بحالهم وما جرى عليهم خير معين على تقوية الإيمان والثبات على الإسلام. الحقيقة الثالثة: عدم الاغترار بما عليه الكافرون والعصاة من عظيم متاع الدنيا وزخارفها (فلا يغررك تقلبهم في البلاد)، فإن عاقبة أمرهم العذاب.
والمقصود أن نتدبر قول الله تعالى: (إن الله لا يغيِّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وهذا من كمال عدل الله وتمام حُكمه في عباده بأنه لا يغير نعمة أنعمها على أحد إلا بسبب ذنب ارتكبه، فعلينا أن نصلح فيما بيننا وبين الله وأن نعمر قلوبنا بحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وأن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر وأن نعد أنفسنا إعدادا صحيحا قائما على منهج الله من إصلاح الباطن والظاهر وأن نتعاون فيما بيننا وأن نعتز بديننا وأن نستفيد من أخطائنا بإصلاحها وتقويمها وأن نعتبر بما مضى من مصائب عشناها ومحن أدركناها ومما يستوجب علينا أن نشكر الله أن صرفها عنا، محنة فُقد فيها الأمن واستمر فيها القتل وانتهكت فيها الأعراض وسلبت الأموال، فغير الله تعالى إلى عودة الأمن والاطمئنان ونسأل الله أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان والإيمان ويجعلنا ذاكرين له شاكرين لنعمه.