أمرنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن نتعاهد قلوبنا بالاستغفار لأن كثرة الذنوب والمعاصي تسوّد القلب، فقال صلى الله عليه وسلم: إن المؤمن إذا اذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، وإن زاد زادت حتى يُغلف بها قلبه، فكان الران الذي قال عنه الله تعالى: (كلا بل ران على قلوبهم).
ونحن نبحث عن النجاة من المحن والفتن وأعظم وسيلة لذلك هي الاستغفار، فطلب المغفرة من الله كنز للمسلم والمسلمة، وقد أثنى الله عز وجل على المستغفرين بالأسحار، فقال: (وبالأسحار هم يستغفرون) وقال: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) فإذا كنت ممن يبحثون عن الأمان في كل وقت وحين فعليك أن تتعهدي قلبك بالاستغفار وقد تعهد الله أن يغفر لمن استغفره فقال: ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما.
وعد الله تعالى
كما وعد الله عز وجل بأن الاستغفار يجلب الخير ويدفع البلاء فقال على لسان نوح عليه السلام: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا).
وقال عز وعجل: (واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى)، قيل إن المتاع الحسن: سعة الرزق ورغد العيش والعافية في الدنيا وأما الأجل المسمى فهو الموت.
دأب الأنبياء والرسل
وكان الاستغفار دأب الأنبياء والرسول، وتوالت دعوات الأنبياء لقومهم إلى الاستغفار فقال آدم وزوجه: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) وقال نوح: (رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا).
وقال موسى: (ربّ إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم). وقال شعيب لقومه: (واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود). وقال صالح لقومه: (فاستغفروه ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم».
قال علي - كرم الله وجهه: العجب ممن يهلك ومعه النجاة، قيل وما هي: قال: الاستغفار.
وروي عن الحسن البصري انه قال: استغفارنا يحتاج إلى استغفار.
سيد الاستغفار
أفضل الاستغفار ان يبدأ المسلم بالثناء على ربه، ثم يثني بالاعتراف بذنبه، ثم يسأل ربه بعد ذلك المغفرة قال النبي صلى الله عليه وسلم: «سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني، وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» (رواه البخاري).
أفضل الاستغفار
من أفضل الاستغفار أن يقول المسلم: «استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه».
قال النبي صلى الله عليه وسلم أن من قاله: «غفر الله وإن كان فر من الزحف».
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه ليُغَانُ على قلبي وإني لأستغفر في اليوم مائة مرة».
(ألقيت هذه المحاضرة في مسجد فاطمة الجسار بمنطقة الشهداء)