- الرشوة تقلب الحق باطلاً والباطل حقاً وهي مهدرة للأموال جالبة للظلم معطلة للمصالح
- يجب وضع العقوبات الصارمة لكل من يتعاطى الرشوة ومن يريد الوصول إلى المناصب بغير حق
أكد د.عادل المطيرات على تحذير الإسلام من صفات مقيتة وأفعال مشينة وأخلاق ذميمة إذا أشربها قلب قسا وأظلم، وإذا ارتضاها مجتمع خرب وتهدم وفسد وتحطم، وقد يستهين بها كثير من الناس وهي خطيرة، ويستمرئها فئات من البشر وهي فاتكة جالبة للخطر، مفسدة للبشر، لا تبقي ولا تذر، وأحد هذه الأعمال الذميمة هي: الرشوة، تلطخ بها أناس وعاش بها أقوام يسمونها بغير اسمها ويلقبونها بغير لقبها، ويغلفونها بعبارات جذابة، ويقدمونها بألفاظ خلابة، مثل هدية أو إكرامية، أو رمز للحب والتقدير أو مكافآت، ولكن الرشوة رشوة وإن تعددت مظاهرها وتلونت مناظرها وتنوعت اسماؤها.
أوله حرمتها
وعن أدلة حرمة الرشوة، قال د.المطيرات: الرشوة بهذا المعنى محرمة، ومن كبائر الذنوب لقوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون)، ومما يدل على تحريمها ما صح عن أبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله الراشي والمرتشي والرائش» فالراشي هو الذي يعطي من يعينه على الباطل، والمرتشي هو الآخذ للرشوة، والرائش هو الذي يسعى بينهما وكلهم ملعون مطرود من رحمة الله.
أكل أموال الناس بالباطل
ولفت د.المطيرات إلى أن الرشوة من كبائر الذنوب ومما يجلب سخط علام الغيوب وهي حرام بإجماع المسلمين سواء كانت للقاضي أو للقائم على بيت المال، أو لأي عامل في وظيفة من وظائف الدولة، أو لمن يريد الوصول إلى المناصب.
آثار الرشوة
وعن سبب التشديد في حرمتها، قال د.المطيرات: الإسلام حرمها لأنها أكل للمال بالباطل، وشيوعها في المجتمع شيوع للفساد والظلم، وتقلب الحق باطلا والباطل حقا، وترفع الوضيع وتضع الرفيع، وتذل العزيز وتعز الذليل، تقدم من يستحق التأخير، وتؤخر من يستحق التقديم، وتقدم السفيه الخامل وتبعد المجد العامل، وهي مهدرة للأموال، جالبة للظلم، مثيرة للشحناء، معطلة للمصالح، تساعد على الإثم وتعين على العدوان، تهين الكريم وترفع اللئيم، تبطل حجة المحق وترفع حجة الكاذب.
مفاسدها
وعرض د.المطيرات مفاسد الرشوة في الفرد والمجتمع، منها: ان الراشي والمرتشي مطرودان من رحمة الله، كما تؤدي إلى فساد الأفراد وغلبة الجشع عليهم، حيث يحرص كثير منهم على كسب المال وتكثيره عن طريق الرشوة، كما أنها تؤدي إلى ذهاب المودة والرحمة بين أفراد المجتمع، بحيث يصبح قضاء حوائجهم ورد حقوقهم مرتبطا بالرشوة فيؤدي ذلك الى تعطيل مصالح كثير منهم ولحوق الضرر بهم لعجزهم او ورعهم عن التعامل بالرشوة، كما انها تؤدي الى عدم استجابة الدعاء وعدم التوفيق في الرزق والمعاش، كما أنها توصل من لا يستحق الى المناصب العليا عن طريق دفع الرشوة مما يؤدي الى اسناد الامور الى غير اهلها، بالإضافة الى الاثم على رب الأسرة الذي ينفق على أهل بيته من المال الحرام.
فساد المجتمع
وحول تأثير الرشوة على المجتمع، أكد د.المطيرات أنه إذا شاعت الرشوة في مجتمع فهي مؤذنة بفساده، معلنة عن دماره واضعة لعزيزه، مذلة لكرامته، ممتهنة لعزته، وكم يكون من الإكبار والإجلال لبلد لا يعرف رشوة ولا يقبل تزويرا، صاحب الحق يأخذ حقه، وصاحب العمل يقوم بواجبه دون تطلع لأحد، أو استشراف لعطاء، تشعر فيه بالراحة وتجد فيه الطمأنينة، ونوقن فيه بالإنصاف، وكم يكون من الامتهان والاحتقار والضيق بالبلد الذي لا يقوم إلا على الرشوة ولا يتحرك إلا بالعطية ولا تحصل على الحق إلا بما هو أشق، يخدم فيه الراشي ويقدم فيه المعطي، يضيع الحق في زحمة الاموال الباطلة، ويحرم الضعيف حقه لأنه لم يقدم رشوة ولم يأت بهدية، بل قد استساغها بعضهم حتى جعلها حقا واجبا، انها مرض عضال وداء مزعج خطر فاتك.
وطالب المطيرات العقلاء بأن يسعوا إلى قمعها وأن يتعاونوا لدحضها وأن يجتهدوا لتمزيقها، كما طالب الدولة ان تضع العقوبات الصارمة والجزاءات الرادعة لكل من يعطي الرشوة، فهي بذلك تحفظ كيانها وتحمي بنيانها وتصون كرامتها وتعين كل ذي حق لأخذ حقه وتقمع كل ذي باطل من تحقيق باطله فتنال بذلك رضا ربها وتسعد في دنياها وآخرتها (يأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم).