حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أن المفاوضات الجارية من أجل هدنة في قطاع غزة هي «ربما آخر» فرصة للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى وإيقاف إطلاق النار في الحرب المستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية «حماس».
وقال بلينكن خلال لقائه الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في تل أبيب أمس: «إنها لحظة حاسمة، على الأرجح أفضل وربما آخر فرصة لإعادة الرهائن إلى ديارهم والتوصل إلى وقف إطلاق نار ووضع الجميع على طريق أفضل إلى سلام وأمن دائمين».
وأضاف: «لقد حان الوقت لكي يقول الجميع: نعم، وألا يبحثوا عن أي أعذار لقول لا»، مؤكدا أنه «لم يعد هناك وقت نضيعه». وتابع: «لقد حان الوقت لإنجاز الصفقة. لقد حان الوقت أيضا للتأكد من عدم قيام أي جهة بأي خطوات يمكن أن تعرقل هذه العملية».
ونوه وزير الخارجية الأميركي إلى أن هذه «لحظة محفوفة بالمخاطر» بالنسبة لإسرائيل وسط مخاوف من احتمال شن هجمات من إيران وحزب الله اللبناني وغيرهما، مشددا على ان واشنطن «اتخذت إجراءات حاسمة للردع.. وللدفاع إذا لزم الأمر ضد أي هجمات».
واستطرد بالقول «إننا نعمل للتأكد من عدم حصول أي تصعيد وعدم حصول استفزازات وعدم حصول أي أعمال يمكن أن تبعدنا بأي شكل من الأشكال عن إنجاز هذا الاتفاق أو تؤدي إلى تصعيد النزاع وتوسعته إلى أماكن أخرى وزيادة حدته».
والتقى وزير الخارجية الأميركي، ضمن زيارته التاسعة إلى المنطقة منذ اندلاع الحرب في السابع أكتوبر الماضي، كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يؤآف غالانت، وذلك قبل توجهه إلى مصر حيث ستستأنف المباحثات برعاية أميركية وقطرية ومصرية حول اتفاق الهدنة المرتقب.
وجاءت تحذيرات بلينكن غداة تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن بأن الهدنة في غزة «لاتزال ممكنة»، وتشديده مساء أمس الاول على أن الولايات المتحدة «لن توقف» جهودها من اجل التوصل لاتفاق الهدنة.
وقال بايدن للصحافة بعد قضائه عطلة نهاية الأسبوع في منتجع كامب ديفيد إن المحادثات لاتزال جارية و«نحن لن نستسلم».
وتعليقا على تصريحات بلينكن، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد عبر حسابه على منصة «إكس»: «عندما يقول وزير الخارجية الأميركي ربما هذه فرصة أخيرة للتوصل إلى اتفاق، فهذا نداء لنتنياهو: لا تفوت هذه الفرصة، لا تتخل عنهم (الرهائن). من واجبك إعادتهم»، مضيفا «إذا لم يعودوا فلا يمكننا التعافي».
وكان نتنياهو الذي يواجه ضغوطا داخلية للمضي في اتفاق وقف اطلاق النار، قد دعا إلى «توجيه الضغوط على حركة حماس» و«ليس على الحكومة الإسرائيلية».
في المقابل، حملت «حماس»: «نتنياهو كامل المسؤولية عن إفشال جهود الوسطاء، وتعطيل التوصل لاتفاق، والمسؤولية الكاملة عن حياة أسراه»، داعية الوسطاء إلى الزامه بتنفيذ ما وفقت عليه الحركة ضمن المقترح الذي أعلن عنه الرئيس بايدن في وقت سابق من العام الحالي.
واعتبرت أن المقترح الجديد «يستجيب لشروط نتنياهو ويتماهى معها، وخاصة رفضه لوقف دائم لإطلاق النار، والانسحاب الشامل من قطاع غزة».
ودانت الحركة خصوصا «الإصرار الإسرائيلي على إبقاء قوات على حدود قطاع غزة مع مصر أو ما يعرف بـ «محور فيلادلفيا»، و«الشروط الجديدة في ملف» المعتقلين الفلسطينيين الذين يفترض أن يتم تبادلهم برهائن محتجزين في غزة.
وفي سياق الجهود الدولية والإقليمية الرامية للتوصل لاتفاق وقف اطلاق النار في غزة، بحث وزير الخارجية السعودي سمو الأمير فيصل بن فرحان، ونظيره المصري د.بدر عبدالعاطي في الرياض أمس، الأوضاع الراهنة في القطاع، والتطورات ذات الصلة بصفقة الهدنة.
في هذه الأثناء، نددت جامعة الدول العربية باستمرار الجرائم ضد الإنسانية التي يقترفها الاحتلال الإسرائيلي في غزة.
وقالت الجامعة العربية في بيان بمناسبة اليوم العالمي للعمل الانساني أمس إن ما يحدث في القطاع هو انتهاك صارخ لكافة المواثيق والأعراف الدولية في ظل عجز كامل من المجتمع الدولي لوقف عدوان الاحتلال الغاشم على المدنيين وعمال الإغاثة والأطقم الطبية في القطاع أثناء تأدية واجبهم الإنساني. واستنكر البيان استمرار اسرائيل في سياسة التجويع ضد المدنيين ومنع وصول المساعدات الإنسانية وتقييد حركة إيصال المساعدات إلى مستحقيها والاستهداف المستمر والمتعمد لسيارات الإسعاف والمستشفيات والمراكز الطبية التي تعاني من نقص شديد من الأطقم الطبية والأدوية والمستلزمات الطبية وتعمل بأقل من القليل من الموارد المتاحة.
ميدانيا، يواصل الاحتلال الإسرائيلي قصف الأحياء السكنية والمرافق المدنية في غزة، في حين نفذت المقاومة عمليات نوعية جديدة، مكبدة قوات الاحتلال مزيدا من الخسائر في الأرواح والعتاد.
وأفادت وسائل إعلام فلسطينية وإسرائيلية بأن معارك ضارية وقعت بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال في مناطق عدة بمحافظة خان يونس جنوبي القطاع.
وأفادت قناة»الجزيرة الفضائية باستشهاد رضيعة وإصابة عدد من النساء النازحات بنيران الجيش الإسرائيلي في منطقة أصداء غربي خان يونس.
جاء ذلك في وقت أعلنت وزارة الصحة التابعة لـ «حماس» في غزة ان حصيلة الحرب التي تشنها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضي على القطاع المحاصر، ارتفعت إلى 40139 قتيلا على الأقل، واكثر من 92743 مصابا.