بعد أقل من شهر على انسحابه المفاجئ من السباق الرئاسي، خص الديموقراطيون الرئيس جو بايدن بتكريم يليق بسنواته المديدة في السياسة، شارك فيه المسؤولون أنفسهم الذين ساهموا في دفعه إلى الخروج لإفساح المجال لتسمية نائبته كامالا هاريس مرشحة للحزب للانتخابات الرئاسية لمواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترامب في نوفمبر.
ووصلت هاريس إلى شيكاغو بعد جولة انتخابية متنقلة في حافلة في ولاية بنسيلفانيا، للظهور بجانب بايدن على المسرح بمناسبة إلقاء خطابه الوداعي، في لحظة رمزية تصور وحدة الصف بين الديموقراطيين بشأن خلافته في البيت الأبيض.
وقبيل انطلاق المؤتمر، قال بايدن أنه يشعر بـ «الارتياح، ارتياح حقيقي»، حيث يدرك بايدن جيدا أن إرثه السياسي يتوقف على فوز هاريس على ترامب في الانتخابات، وهو يعي أنه في حال هزمها خصمها، فسوف يلومه العديدون على بقائه في السباق لوقت طويل قبل الانسحاب في الشوط الأخير.
وبالرغم من التكريم، فإن الانسحاب سيكون له حتما طعم مرير للرئيس الذي شاهد صعود هاريس بوجه ترامب إلى أن تخطته حتى في بعض استطلاعات الرأي، وموجة الحماسة التي عمت الديموقراطيين، وهو ما لم يتمكن من تحقيقه خلال فترة ترشحه.
ويعود بايدن بعد خطابه مباشرة ليبدأ عطلة تستمر ستة أيام في كاليفورنيا، فيما يتواصل المؤتمر من دونه.
وقالت لوري بيث هاغر الممثلة عن ولاية نورث داكوتا التي حضرت إلى شيكاغو للمشاركة في المؤتمر «أشعر بالحنين»، مشيدة بـ«الرئيس العظيم».
وقالت انها «معجبة أيضا بالشجاعة، الشجاعة السياسية التي تحلى بها بالتأكيد باتخاذه هذا القرار».
ويشيد الديموقراطيون ببايدن باعتباره المرشح الذي هزم ترامب عام 2020 ثم قاد البلاد لإخراجها من صدمة السادس من يناير 2021 حين اقتحم أنصار ترامب مقر الكونغرس، ومن جائحة كوفيد.
ونجحت هاريس في قلب الحملة الانتخابية رأسا على عقب، فحفزت الشباب والنساء والناخبين السود، وهي فئات فقدت اهتمامها بالانتخابات حين كان السباق يدور بين رجلين مسنين.
في المقابل، زعزع هذا التحول في السباق حملة ترامب الذي ندد بـ «انقلاب» نفذه الديموقراطيون على بايدن.
وكان يبدو قبل شهر فقط أنه متجه نحو انتصار سهل وساحق ولاسيما بعد نجاته من محاولة اغتيال، ثم ظهوره بضمادة على أذنه في المؤتمر الوطني لحزبه الذي كلله مرشحا للبيت الأبيض في ميلواكي.
وبموازاة المؤتمر الديموقراطي، سيجول ترامب على عدة ولايات تشهد منافسة محتدمة فينظم تجمعات انتخابية طوال الأسبوع في بنسيلفانيا وميشيغان وكارولاينا الشمالية.
وسيتيح مؤتمر الحزب لهاريس منصة لتعرض رؤيتها أمام جمهور أميركي ما زال يحاول فهم توجهاتها، على أن تلقي كلمتها في آخر أيام المؤتمر.
وخلال إحدى محطات جولتها بالحافلة برفقة تيم والز مرشحها لمنصب نائب الرئيس، توجهت هاريس إلى إحدى الناخبات بالقول «نحن جميعنا في المركب نفسه»، مضيفة «علينا أن نستحق كل صوت وهذا يعني أن نكون على الطريق وأن نلتقي الناس».
وأمام مجموعة من المتطوعين، قالت هاريس إن «الذين يفكرون فقط في سحق الآخرين هم جبناء»، في إشارة ضمنية إلى الخطاب العدائي لمنافسها ترامب.
وبعد هذه الجولة، توجهت هاريس (59 عاما) إلى شيكاغو.
وأظهر استطلاع لصحيفة واشنطن بوست ومحطة إيه بي سي ومركز إيبسوس، نشرت نتائجه الأحد تقدما ضئيلا لهاريس على ترامب في صفوف الناخبين المسجلين، على مستوى البلاد، في حين كان استطلاع أجرته الجهات نفسها قبل شهر يشير إلى تنافس على أشده بين الرئيسين الحالي والسابق.
وتم تشديد التدابير الأمنية تحضيرا لمؤتمر الحزب في شيكاغو، حيث يتوقع أن يترافق بنزول عشرات الآلاف إلى الشوارع احتجاجا على موقف الإدارة الديموقراطية الداعم لإسرائيل في حربها على قطاع غزة التي تسببت بأزمة إنسانية كارثية في غزة.
وقال رئيس بلدية شيكاغو براندون جونسون في تصريح لمحطة إيه بي سي «نحن جاهزون»، مشيرا إلى أن شرطة المدينة تنسق مع جهاز الخدمة السرية وغيره من الوكالات لضمان «سلامة وسلمية وحيوية» المؤتمر.
أما حاكم ولاية إيلينوي جاي بي بريتزكر فقال إن الاحتجاجات المخطط لها سيسمح بها شرط أن تبقى سلمية.
وحذر في تصريح لمحطة سي ان ان الإخبارية الأميركية من أن «مثيري الاضطرابات في حال وجدوا سيتم توقيفهم وسيدانون».
الجمهوريون يطلقون إجراءات ترمي لعزل الرئيس الأميركي
واشنطن - أ.ف.پ: أطلق الجمهوريون في الكونغرس إجراءات رسمية ترمي لعزل الرئيس الأميركي جو بايدن، تزامنا مع انطلاق المؤتمر الوطني الديموقراطي، في خطوة يستبعد أن تحقق هدفها.
ويتهم التقرير الصادر عن ثلاث لجان نافذة في مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون بايدن بالفساد على خلفية تعاملات نجله هانتر التجارية الخارجية.
وقال رئيس اللجنة القضائية جيم جوردان إن التحقيق يظهر «بشكل قاطع» أن بايدن «استغل منصبه العام من أجل المنفعة المالية الخاصة لعائلة بايدن وشركاء بايدن التجاريين».
بدوره، لفت رئيس لجنة مجلس النواب للإشراف والمحاسبة جايمس كومر إلى أن «إرث الرئيس بايدن يتسم باستغلال المنصب العام والفساد والمعوقات»، لافتا إلى أن «الأدلة التي قدمها تحقيقنا الرامي للعزل تشكل أقوى قضية لعزل رئيس في منصبة حقق فيها مجلس النواب طوال تاريخه».
لكن لا أدلة على أن بايدن استغل منصبه من أجل منفعة ابنه أو أنه تدخل في تعاملات هانتر التجارية. ولا دليل قاطعا في الوثيقة المبنية على استنتاجات بشأن العلاقة بين الرئيس ونجله.
ولطالما نفى بايدن مساعدة ابنه في مشاريعه التجارية سواء في أوكرانيا أو الصين.
واستغل الجمهوريون مدى سنوات ارتباطات هانتر بايدن الخارجية وحياته الشخصية المثيرة للجدل لإحراج الرئيس.
لكن محاولات التوصل إلى بناء قضية لعزل بايدن والتي يرى فيها كثيرون مجرد مسعى للانتقام بعد قرار بعزل الجمهوري دونالد ترامب مرتين عندما كان رئيسا، لم تصل قط إلى مرحلة التصويت عليها في مجلس النواب.
ولا يحظى الجمهوريون سوى بغالبية ضئيلة للغاية في المجلس ويستبعد أن ينجحوا في التوافق على عزل بايدن.
من جهتهم، رفض الديموقراطيون في لجنة الإشراف والمحاسبة مساعي الجمهوريين، مشيرين إلى أن القضية غير مستندة إلى ادلة، رغم «الكم الهائل» من المستندات.
وأفاد الديموقراطيون في بيان بأن «الكم الهائل من المستندات يثبت بشكل قاطع أن جو بايدن لم يرتكب أي خطأ، ناهيكم عن أي جريمة كبرى أو مخالفة أو جريمة أخرى تستدعي العزل».