- الشريكة: إيـذاء الناس يحبـط الأعمـال فطهـروا قلوبكــم
- العنزي: أذية المسلم والاعتداء عليه يستوجبان سخط الله
- الشمري: ما يحصل في «وسائل التواصل» من تحريش الشيطان
- يوسف: من كمال الإيمان أن تحب للناس ما تحب لنفسك
أمراض أخلاقية يمارسها البعض ضد إخوانهم، مثل إلحاق الأذى والحسد والحقد وتدبير المكائد والدسائس وغيرها من الأمراض الأخلاقية. فما العلاج الشرعي لهذه الأمراض؟ وكيف يواجه الإسلام هذه السلوكيات؟
في البداية يقول د.عبدالله الشريكة: توعد الله عزّ وجلّ من يسبب الأذى للمسلمين سواء بالقول أو الفعل أو ينسب إليه ما هو بريء منه، أو يسبب له ما يتأذى منه.
فالمسلم السوي بصفة عامة يحب للناس ما يحبه لنفسه، متذكرا أن من لوازم الإسلام أن يسلم المسلمون بل أن يسلم الناس جميعا من لسانه ويده، وأن كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه، وأن عليه ان يطهر قلبه من الغل والحسد والرغبة في الأذى، وأن يكون ذا صدر سليم، لأن ذلك يجعله من خير الناس كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن اي الناس أفضل، قال: «كل محموم القلب، صدوق اللسان». ثم فسر محموم القلب بقوله هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد.
وأكد الشريكة ان إيذاء الناس يحبط الأعمال ويوقع أصحابه في النار، قال تعالى: (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا)، وأشار الى ان المؤمنين يتعرضون للأذى في كل وقت من المنافقين الذين ينشرون السوء ويدبرون المؤامرات ضدهم. قال تعالى: (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله) فكأن ثمرة عدوانهم تعود عليهم ويصيبهم الضرر قبل ان يصيب الآخرين.
أمراض نفسية
ويرى د.سعد العنزي أن الأسس الاجتماعية في الإسلام بنيت على الأخوة في الايمان وهي ركيزة أساسية اسس عليها الاسلام نظامه الاجتماعي لتنظيم العلاقات الاجتماعية قال تعالى: (إنما المؤمنون إخوة) وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم «لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يحقره، ولا يخذله».
فلا كمال لإيمان المسلم إلا بحبه لأخيه ما يحبه لنفسه، قال صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».
وفي المقابل حرم الله تعالى اي اشكال الأذية والاحتقار والمعاداة القولية والفعلية للمسلمين: قال تعالى (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا)، فهذا اعتداء على المسلم وانتهاك لحرمته فمن فعل ذلك من غير سبب شرعي فقد احتمل اثما وبهتانا عظيما.
قال قتادة رحمه الله «إياكم وأذى المؤمن، فإن الله يحوطه ويغضب له» وقال ابن رجب، رحمه الله، «تضمنت النصوص أن المسلم لا يحل إيصال الأذى إليه بوجه من الوجوه من قول أو فعل بغير حق».
وأذية المسلم والاعتداء عليه بغير حق شرعي يستوجب سخط الله تعالى وغضبه. فإيقاع الأذى والمشقة والشدة على المسلم هو احد انواع الظلم والاعتداء، بصريح قوله صلى الله عليه وسلم «واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب».
والأصل في العلاقات الاجتماعية في الإسلام هو التراحم والتعاون فيما بينهم فهم «رحماء» يتواصلون ويتعاونون على الخير ويتناصحون كل مسلم يحب لأخيه ما يحب لنفسه قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، وقال تعالى: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم).
التغافل عن الزلات
من جانبه، يرى الشيخ سعد الشمري انه ابتلي كثير من المجتمعات المسلمة والأسر والجماعات بشيء مما يعكر العلاقات فيما بينهم من أمور تدل على غل وأحقاد وإحن بثها الشيطان في قلوب كثير منهم ليحرش بينهم ويفسد العلاقات، فاتبعه كثير ممن ضعف ايمانه ورق دينه فانتشر بينهم من السوء والكذب والغيبة والبهتان والقذف والطعن في الذمم واتهام الناس بلا بينة ولا برهان ولاسيما ما يحصل في وسائل التواصل من التراشقات، فتلاشت المودات وتجافى الأقرباء وقد يصل الأمر الى بعضهم من الشتم والسب وربما الضرب والإضرار، وغالب هذا إنما منشؤه سوء النية وسوء الظن والتفاخر والتعالي وأمور المادة من اختلاف على بعض الورثة على املاك من ورثوه ويعطون ويمنعون بلا استناد إلى شريعة الله التي ضمنت حقوق الورثة، وغيرها من المنازعات والمخاصمات، وكذلك ما يحصل بين الأصدقاء والزملاء والأرحام والجيران والله المستعان.
أما كيف حلّ الإسلام مثل هذه الظواهر وهذه الأمور فيكون بعدة اشياء منها:
تقوى الله سبحانه والنظر الى المطالب الأخروية التي بها سعادة المرء ونجاته والفوز بكرامة الله ونعيم الجنة، ومعرفة حقيقة الدنيا وأن ليس فيها ما يدعو الى الخصام والتباغض مهما غلا ثمنه وبهظ سعره فالمرء ينظر انها دار ممر، والآخرة هي الدار الباقية، والمسلم على الحقيقة هو من سلم المسلمون من لسانه ويده، والتغافل عن الزلات والعفو عن السيئات وأخذ الكلام على احسن محمل وأن يحسن الظن بإخوانه، والتناصح لا التفاضح فالنصيحة قاعدة عظيمة لجمع الكلمة ولم الشمل والبعد عن مواطن الشقاق والاختلاف، والتسامح والتواضع الذي هو سبب رفعة العبد وعزه اذ من تواضع لله رفعه، وأن يترك كل ما من شأنه الدعوة الى الخصومات والمنازعات من الغيبة واحتقار الناس والحط من اقدارهم وسوء الظن بهم، وعليك بالدعاء لإخوانك بصلاح الحال وسعادة الدار فإن الدعاء لأخيك بظهر الغيب مستجاب ويدل على سلامة القلوب ونقاوة الصدور.
إثم عظيم
ويضيف الشيخ يوسف العنزي بقوله: لقد خلق الله عزّ وجلّ الخلق وهو أعلم بما ينفعهم ويصلح حالهم، فكل ما نراه نافع للناس، فهو مشروع ومأمور فيه، وكل ما نراه ضار، فهو ممنوع ومنهي عنه.
ومن ذلك نفع الناس والسعي لمصالحهم والبعد عن أذاهم وإلحاق الضرر بهم.
وقد قال ربنا عن الذي يؤذي المؤمنين انه ارتكب اثما عظيما (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثما مبينا).
وقد حث نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم على نفع الناس فقال: «خير الناس أنفعهم للناس» حسنه الألباني وفي المقابل نهى عن أذاهم فقال: (لا ضرر ولا ضرار) صححه الألباني.
كما نهاك ان تضر نفسك فلا تضر الناس، وقال يحيى بن معاذ «ليكن حظ المؤمن منك ثلاثة: ان لم تنفعه فلا تضره، وإن لم تفرحه فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه».
وليكن قصدنا يا إخواني الفوز برضا الله وجنته، والنجاة من غضبه وناره، فإن المسلم لينال باللين ما لا يناله بالغلظة والشدة، كما في الحديث «حُرّم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس» صححه الألباني.
لتكن معاملتك للناس كما تحبهم أن يعاملوك، فمن كمال الإيمان ان تحب للناس ما تحب لنفسك.
وأن يبتعد عن أذية غيره قال تعالى: (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا).