عمَّ الإضراب الشامل مختلف القطاعات في إسرائيل أمس، استجابة لدعوات عائلات الرهائن المحتجزين في غزة لتشديد الضغط على حكومة بنيامين نتنياهو لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في القطاع، فيما يدرس الوسطاء في المفاوضات مقترحا نهائيا للاتفاق المحتمل.
وشل الإضراب العام الذي قاده الاتحاد العام للعمال (الهستدروت) مظاهر الحياة في إسرائيل، لاسيما على الصعيد الاقتصادي، وذلك غداة تظاهرات حاشدة شهدتها مدن إسرائيلية عدة احتجاجا على مماطلة نتنياهو في التوصل لاتفاق الهدنة مع «حماس».
وأعلنت بلديات عدة التزامها بالإضراب، ومنها تل أبيب وحيفا (شمال)، حيث أغلقت المدارس والجامعات، وتأثرت وسائل النقل العام التي تديرها شركات خاصة جزئيا بالإضراب.
في المقابل، لم تلتزم بلديات أخرى مثل القدس وعسقلان بالإضراب، وبقيت الحركة فيها على طبيعتها.
وفي مطار بن غوريون قرب تل أبيب، انتظر عشرات الركاب عند مكاتب تسجيل الوصول بعد تأجيل بعض الرحلات، بحسب وكالة «فرانس برس».
وفي وقت لاحق، أمرت محكمة العمل الإسرائيلية في تل أبيب بوقف الإضراب، وقالت في بيان «نصدر أمرا على المستوى الوطني بوقف الإضراب الذي أعلن عنه.
وجاء قرار المحكمة بناء على طلب وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموطريتش.
وأتى هذا الإضراب غداة تحركات احتجاجية واسعة مناهضة للحكومة ومطالبة بإعادة الرهائن، في عدد من المدن لاسيما تل أبيب، حيث نزل عشرات الآلاف إلى الشوارع. وكرر محتجون قطع طرق في المدينة أمس.
وأثار العثور على جثث رهائن في نفق بمدينة رفح في جنوب غزة، قالت إسرائيل إنهم قتلوا»من مسافة قريبة جدا«قبل يومين أو ثلاثة من الوصول اليهم، غضبا عارما وتظاهرات حاشدة شهدتها مدن إسرائيلية عدة احتجاجا على عدم إبرام الحكومة اتفاق هدنة مع حركة «حماس».
توازيا، يدرس الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس تقديم اقتراح نهائي لإسرائيل و«حماس» بشأن الهدنة في غزة.
ووفقا لصحيفة «واشنطن بوست» تتشاور واشنطن مع كل من مصر وقطر حول ملامح «صفقة نهائية» لتقديمها للأطراف في الأسابيع المقبلة، وهي الصفقة التي إذا فشل الجانبان في قبولها، يمكن أن تمثل نهاية المفاوضات.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين أنه لم يتضح ما إذا كان اكتشاف جثث الأسرى الستة سيجعل من المرجح أن تتوصل إسرائيل و«حماس» إلى اتفاق في الأسابيع المقبلة أم لا، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة ومصر وقطر كانوا يعملون على صياغة الاقتراح النهائي قبل العثور على الرهائن الستة مقتولين في نفق تحت مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
ميدانيا، استمرت المعارك والقصف الإسرائيلي على مختلف مناطق قطاع غزة، ما أسفر عن سقوط المزيد من القتلى والجرحى، تزامنا مع اليوم الثاني من «هدن إنسانية مؤقتة» لتسهيل حملة التطعيم ضد شلل الأطفال.
وشهدت المنطقة الوسطى في القطاع المحاصر بضع ساعات من الهدوء مع إطلاق حملة واسعة النطاق للتطعيم.
وأعلنت المتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لويز ووتريدج أن 87 ألف طفل تلقوا الجرعة الأولى من اللقاح في وسط غزة.
من جهته، أكد المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني أن حملة التطعيم هي «سباق مع الزمن للوصول إلى ما يزيد قليلا على 600 ألف طفل».
وقال «لكي تنجح هذه الحملة، يتعين على أطراف الصراع احترام فترات التوقف المؤقتة في المنطقة».
وتزامنا مع الحرب في غزة، واصلت إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق في شمال الضفة الغربية المحتلة، حيث سمع دوي انفجارات واشتباكات عنيفة في مدنية جنين ومخيمها، ما أجبر مجموعات من الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيين على مغادرة منازلهم وهم يرفعون الرايات البيضاء.
وقال الفلسطيني عادل مرعي لـ «فرانس برس»: «نعيش في رعب وخوف على الأطفال».
وأضاف «ثمة أطفال رضع ليس لديهم حليب، لا حفاضات، لا خبز ولا طعام لباقي السكان. لا أحد يجرؤ على الخروج»، وتابع «ثمة قناص (إسرائيلي).. يطلق النار على أي شيء يراه. أنا خرجت مخاطرة وسرت بجانب الجدار لئلا يلحظني.. لكي أحضر مياها للشرب».
وقال مسؤولون محليون إن الجرافات الإسرائيلية في وسط مدينة جنين ومناطق أخرى ألحقت أضرارا بالبنية التحتية بما في ذلك أنظمة المياه.
وقتل ما لا يقل عن 24 فلسطينيا برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، وفق أرقام وزارة الصحة الفلسطينية. وقالت حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، إن 14 على الأقل من إجمالي القتلى في الضفة هم من عناصرهما.