بيروت - عامر زين الدين
أدرك الشارع الدرزي باكرا واقعية وقوفه على نقطة تحول جذرية تأخذه إلى أبعد من اصطفاف سياسي داخلي ومفترق طرق، يتجاوز ما اصطلح على تسميته «لقاء الشويفات للثنائيتين الدرزية والشيعية»، الذي يجري التحضير له على قدم وساق.
ومع التئام هيئة المجلس المذهبي الدرزي أمس في دورته الرابعة، اثر الانتهاء من انتخاباته التي جرت قبل 10 أيام، دون أي تداعيات تعكر صفو النتائج، اذ انه الأول في عهد شيخ العقل د.سامي أبي المنى، كان المشهد مألوفا جدا. وما يفرقه الموقف من قانون مشيخة العقل بين الزعيم وليد جنبلاط والامير طلال ارسلان يجمعهما معا، إزاء النظرة الجديدة التي فرضتها تحولات المنطقة، بدءا من أحداث 7 أكتوبر في غزة.
كذلك يدرك الشيخ أبي المنى ان النائب السابق أرسلان يقدر مواقفه الوطنية والروحية الجامعة والتواصل قائم بين الرجلين، بغض النظر عن الموقف المبدئي من القانون المذكور والمقاطعة للانتخابات ترشيحا واقتراعا.
وفي كلمته الافتتاحية خلال ترؤسه المجلس في دار الطائفة، بحضور جنبلاط والاعضاء، رأى شيخ العقل ان المجلس «يواكب المستجدات الوطنية ويهتم بقضايا الناس والمجتمع ويسهم في تمتين الشراكة الوطنية ويتخذ المواقف المناسبة، بالتنسيق الدائم مع القيادة السياسية وبالتكامل معها ومع الرئاسات والمرجعيات الروحية والسياسية والإدارية في الدولة، وبالإضافة إلى دوره في المساهمة بنهضة الطائفة ورعاية أبنائها، فإن له دورا أساسيا في التأكيد على هوية الطائفة وتثبيت ركائز وجودها في مواجهة التحديات والعواصف التي تضرب المنطقة وتكاد تقتلع جذورها اذا لم نكن واعين ومدركين لمخاطر المخططات والسياسات العدوانية، ولكن جذورنا الروحية والمعروفية والوطنية ثابتة والحمد لله، وسنصونها معا، كما نصون الوطن، ولن نتخلى عن دورنا في مشيخة العقل وفي المجلس، فنحن هنا لخدمة الطائفة والوطن ولحفظ الوجود والدور والرسالة».
وتنشغل الأوساط السياسية منذ أيام بالمعلومات الصحافية الأخيرة حول اللقاء العائلي الذي جمع جنبلاط الاب مع ارسلان في دارة الأخير في خلدة، وبنتائج الاتفاق بينهما على لقاء مع الثنائي الشيعي يجري التحضير له في الشويفات، وهي المدينة التي تعتبر المدخل الجغرافي لمناطق الشوف وعاليه وامتدادا ساحليا بين العاصمة والجنوب وبما تضمه من تنوع سياسي، لتثبيت خطى التوجه الآنف الذكر، وذلك بعد مناقشة مستفيضة للواقعين الدرزي العام ومآل التطورات على الساحة الفلسطينية. فمن غير المقبول بتاتا بالنسبة إلى جنبلاط وارسلان ان يحيد الدروز أنفسهم عن الدم الفلسطيني الذي يراق يوميا في غزة والضفة وامتداداه إلى الجنوب اللبناني، او حيال سقوط الجغرافيا العربية الذي تناولها الرئيس نبيه بري الذي يعد برأيه «سقوطا للأمن القومي العربي وللإنسانية».
الظهور العلني لجنبلاط وارسلان انطلق من ساحة بيصور في المصالحة العائلية لآل ملاعب، وستكون ثمة لقاءات مشابهة في الشويفات وساحة مقام الأمير عبدالله التنوخي في عبيه، لدمل جروح حادثتي قبرشمون وبعلشميه بين الحزبين «التقدمي الاشتراكي» و«الديموقراطي اللبناني»، وربما غيرها من اللقاءات على مستوى منطقة الجبل.
وأشارت مصادر «الحزب الديموقراطي اللبناني» لـ «الأنباء» إلى «أن تفاصيل اللقاء لاتزال قيد الإنجاز والتحضير. وفور تحديد الوقت سيعلن عنه. إلا أن ما هو مؤكد أن لقاء الشويفات الذي سيجمع إلى جانب أرسلان وجنبلاط أحزاب المنطقة، «أمل» و«القومي» و«الديموقراطي» و«الاشتراكي» و«حزب الله»، هو لتكريس الوحدة الداخلية في وجه المشاريع الخارجية المشبوهة، والتي تعمل على إيقاظ الفتن وحقن الشارع الداخلي في وجه المقاومة، وهذا ما لا نرضى به في ظل الظروف الراهنة والحرب الدائرة جنوبا».
المندفعون للمسار الجديد يذهبون إلى الاعتقاد بأن تلك الخطوات ستؤول إلى تثبيت التحالف السياسي الواسع مع الثنائي الشيعي، الذي لا ينقصه سوى لقاء الشويفات المنتظر.