تظاهر أكثر من 100 ألف من أنصار اليسار في أنحاء فرنسا للاحتجاج على تعيين ميشال بارنييه، المنتمي ليمين الوسط، رئيسا للوزراء، والتنديد بما وصفوه بـ «استيلاء» الرئيس إيمانويل ماكرون على السلطة.
وقالت وزارة الداخلية الفرنسية إن 110 آلاف شخص تظاهروا في أنحاء البلاد، 26 ألفا منهم في العاصمة باريس، في حين قدرت قيادية يسارية عدد المحتجين في مختلف أنحاء فرنسا بنحو 300 ألف.
ونظمت تظاهرات في مدن بمختلف أنحاء فرنسا، من بينها: نانت في الغرب، ونيس ومرسيليا في الجنوب، وستراسبورغ في الشرق.
وعين ماكرون الخميس الماضي بارنييه (73 عاما) كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي خلال مرحلة مغادرة بريطانيا للتكتل القاري، معتبرا أنه قادر على «الجمع على أوسع نطاق ممكن» في مشهد سياسي مجزأ.
ووضع تعيين بارنييه حدا لستين يوما من الترقب في أعقاب الانتخابات المبكرة التي لم تفرز غالبية صريحة، وأسفرت عن انقسام الجمعية الوطنية إلى ثلاث كتل هي اليسار، ويمين الوسط، واليمين المتطرف.
وقال بارنييه عقب تكليفه إنه منفتح على تسمية وزراء من جميع التوجهات السياسية، بما في ذلك «شخصيات من اليسار».
لكن «الجبهة الشعبية الجديدة» اليسارية التي برزت كأكبر كتلة سياسية في فرنسا بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، رغم عدم حصولها على أغلبية مطلقة من مقاعد الجمعية الوطنية، نددت بخيار ماكرون.
واقترحت الجبهة اسم لوسي كاستيه، الخبيرة الاقتصادية البالغة 37 عاما، لتولي رئاسة الوزراء، لكن ماكرون رفض الفكرة «لأنها لن تحصل على الثقة في الجمعية الوطنية» المنقسمة بشدة.
ودعا جان لوك ميلانشون زعيم حزب «فرنسا الأبية» اليساري الراديكالي وحلفاؤه في «الجبهة الشعبية الجديدة»، المواطنين إلى النزول إلى الشوارع للدفاع عن نتائج الانتخابات التي «سرقت من الفرنسيين».
وحث الزعيم اليساري أنصاره على الاستعداد للمعركة، قائلا «لن تكون هناك راحة».
وقال ميلانشون خلال مسيرة في باريس «الديموقراطية لا تعني فقط فن قبول الفوز، بل هي أيضا التواضع المتمثل في تقبل الخسارة».
بدورها، قالت ماتيلد بانو، الشخصية البارزة في حزب «فرنسا الأبية»، عبر منصة «إكس» إن 160 ألف متظاهرا احتجوا في باريس و300 ألف في جميع أنحاء فرنسا.
على صعيد متصل، أعلنت الشرطة أنها أوقفت خمسة أشخاص في باريس.
من جهتها، قالت مارين لوبن التي تقود كتلة التجمع الوطني «اقصى اليمين» في الجمعية الوطنية، إن حزبها لن يكون جزءا من الحكومة الجديدة، وأنها ستنتظر خطاب بارنييه السياسي الأول في البرلمان قبل أن تنظر في خيار دعمه.
وقال رئيس «التجمع الوطني» جوردان بارديلا إن «بارنييه هو رئيس وزراء تحت المراقبة».
وتعليقا على ذلك، قال بارنييه على هامش زيارة لمستشفى نيكر للأطفال في باريس «أنا تحت مراقبة كل الفرنسيين».
وسيكون رئيس الوزراء الجديد مسؤولا عن الميزانية والأمن والهجرة والرعاية الصحية، وهي ملفات شديدة الحساسية.
وسيتعين عليه أن يأخذ في الاعتبار مصالح «التجمع الوطني» إذا كان يريد تجنب اقتراح بحجب الثقة في الجمعية الوطنية.
ويواجه بارنييه الذي من المرجح أن يحظى بدعم أقلية فقط في الجمعية الوطنية، مهمة عاجلة تتمثل في تقديم ميزانية عام 2025 بحلول أوائل أكتوبر المقبل.