القاهرة ـ هناء السيد ووكالات
أكدت الكويت ضرورة وقف الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة وضمان دخول المساعدات الإنسانية للقطاع، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وحصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، باعتبار ذلك أقل ما يمكن تقديمه لنصرة الشعب الفلسطيني الشقيق ولقضيته العادلة.
جاء ذلك في كلمة الكويت التي ألقاها وزير الخارجية عبدالله اليحيا خلال ترؤسه الوفد المشارك في أعمال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته العادية الـ 16 الذي عقد برئاسة اليمن في مقر الجامعة بالقاهرة امس.
وقال اليحيا: يعقد اجتماعنا هذا في ظل التوحش غير المسبوق على شعبنا الفلسطيني الأبي في قطاع غزة، حيث أدت آلة القتل والتدمير والإبادة ذات الطابع الممنهج لسلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى ارتقاء نحو 40 ألف شهيد، ووقوع أكثر من 90 ألف جريح، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، ونزوح أكثر من 2.3 مليون نسمة إلى مناطق أقل خطورة، في ظل انتفاء أبسط مقومات الحياة واقعين تحت ظروف قهرية ولا إنسانية بين مطرقة قوات الاحتلال وسندان انعدام الأمن الغذائي وتلاشي البنى الصحية تحت وطأة الحصار الإسرائيلي الجائر على القطاع، وبصورة باتت معها هذه الحرب العبثية بمنزلة معركة ضد القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، كاشفة بذلك عن العقلية الإسرائيلية الصفرية في التعامل مع مختلف الجهود الهادفة لوقف العدوان والساعية لإدخال المساعدات الإنسانية، إضافة لمساعيها لتوسيع عملياتها العسكرية إلى مناطق وجبهات أخرى.
وأضاف: ترحب الكويت بمخرجات محكمة العدل الدولية والتي كان آخرها إصدار الرأي الاستشاري حول العواقب القانونية الناشئة عن ممارسات وسياسات قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتشدد دولة الكويت على أهمية الإنفاذ الكامل للتدابير المؤقتة التي أعلنت عنها المحكمة منذ بدء الدعوى التي تقدمت بها جمهورية جنوب افريقيا ضد القوة القائمة بالاحتلال، مؤكدين أن المسؤولية باتت ملقاة على عاتق المجتمع الدولي بصورة عامة وعلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن بشكل خاص لإجبار إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على الخضوع لقرارات الشرعية الدولية والتي كان آخرها قرار مجلس الأمن 2735 الذي دعا إلى الوقوف التام لإطلاق النار في قطاع غزة وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي منه وعودة النازحين الفلسطينيين إلى منازلهم وضمان وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها في القطاع، كما نسجل في هذا المقام دعمنا المستمر لجهود وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) والتي كان آخرها تقديمنا لمساهمة طوعية بقيمة 30 مليون دولار، إضافة لإطلاقنا بالتعاون مع كل من المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية سلوفينيا لمبادرة الالتزامات المشتركة لدعم وكالة «الأونروا»، وهو يأتي في سياق الاعتراف بأدوارها الاستثنائية والبارزة لأكثر من سبعة عقود.
وتابع وزير الخارجية: سنجتمع مجددا، بإذن الله، بعد عدة أيام خلال الدورة الـ 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي ستكون فرصة هامة لتدعيم جهودنا المشتركة لحشد الانتباهة الدولية المطلوبة نحو مخاطر حرب الإبادة الإسرائيلية على شعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة ومحاولات الكيان المارق الدؤوبة لتصفية القضية الفلسطينية العادلة في نكث متعمد لكل القرارات الدولية، وسيكون اجتماعنا في نيويورك سانحة لتبيان الممارسات المضللة لقوى الاحتلال باتهامها لأحد أعرق وأهم اجهزة الأمم المتحدة والمتمثلة بوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) وتصنيفها منظمة إرهابية، وذلك في تصعيد غير مسبوق ضد النظام الدولي متعدد الأطراف، بالإضافة إلى العدوان الهمجي على مقار المنظمات الدولية التي تحظى بحماية دولية، وتدنيس وانتهاك المقدسات الدينية.
واستطرد: مـن هنا، واستجابــة للمعطيـــات المرصودة، وتنفيذا لقرارات القمة العربية والمجلس الوزاري لمجلس الجامعة، نرى أنه من الضروري استثمار ذلك الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة بغية ترجمة تلك المخرجات العربية، سواء عبر البيانات واللقاءات والاجتماعات بشقيها الرفيع والجانبي، بصورة يتم التركيز خلالها على الآتي: وقف الحرب العدوانية لقوات الاحتلال الإسرائيلي وضمان دخول المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وضرورة حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، حيث إن هذه المطالبات هي أقل ما يمكن أن نقدمه لنصرة الشعب الفلسطيني الشقيق ولقضيته العادلة.
وفيما يتصل بالأوضاع في اليمن، أعرب عن ترحيب الكويت بالبيان الصادر عن مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن بشأن الاتفاق بين حكومة الجمهورية اليمنية وجماعة أنصار الله الحوثيين على خفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية، مجددين التزام دولة الكويت بوحدة واستقرار اليمن ودعم كافة المساعي الرامية نحو التوصل لحل سياسي شامل مبني على المرجعيات الثلاث المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن لا سيما القرار 2216، معربين في ذات الوقت عن التقدير لجهود الأشقاء في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان لإنهاء الأزمة.
وعن الاوضاع العربية، قال الوزير اليحيا: تمر منطقتنا بعدد من التحديات ذات الطابع الدقيق، وبصورة أعلت معها وجوبية تعزيز عملنا العربي المشترك عبر تعضيد جهودنا الجماعية لمواجهة تداعياتها والحد من آثارها السلبية وبحث السبل المتاحة لمعالجة مسبباتها وذلك بما يكفل خلق مناخ مستدام للأمن والاستقرار.
وشدد على أن عالمنا العربي ليس بمعزل عن جملة المتغيرات المتسارعة، التي يشهدها العالم، بأصنافها السياسية أو الاقتصادية، الأمنية أو البيئية، والتي باتت تتطلب منا توطيد أدوات العمل متعدد الأطراف، بغية تعزيز أواصر التعاون وإرساء الشراكات وفق منطق المنفعة المتبادلة، ومن هنا نجد أن الوقت قد حان لتعميق أوجه التعاون مع مختلف التكتلات والهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية، وللعمل بشكل أكبر على ترقية عمل منتديات التعاون وذلك عبر إيجاد مخرجات ذات طابع ملموس تتضمن آليات للتنفيذ والمتابعة بما يكفل تحقيق المقاصد المرجوة منها.
هذا، وعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعا تشاوريا مغلقا، بحضور الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط.
وقال أبوالغيط في كلمته امام الاجتماع الوزاري إن «وقف إطلاق النار في قطاع غزة لم يعد مطلبا عربيا بل هو مطلب عالمي يحظى بإجماع مشهود وهو ضرورة إنسانية وأخلاقية وهدف استراتيجي لتجنيب هذه المنطقة شرور حرب موسعة».
وقد شارك في اجتماع الدورية العادية الـ 162 للمجلس الوزاري للجامعة العربية، عدد من المسؤولين الأجانب منهم: وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، والممثل الأعلى للسياسية الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، والمفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، ومنسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة سيغريد كاغ.
إلى ذلك، أدانت الدول العربية والإسلامية والمنظمات الإقليمية والدولية المجزرة الجديدة التي ارتكبتها إسرائيل ضد النازحين الفلسطينيين في منطقة خان يونس جنوبي غزة، داعية إلى تحرك دولي فوري لوقف الإبادة الممنهجة ضد سكان القطاع خلال الحرب المدمرة المستمرة منذ أثر من 11 شهرا.
وأعربت وزارة الخارجية عن إدانة الكويت واستنكارها الشديدين للمجزرة الجديدة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الأبرياء الفلسطينيين النازحين في خان يونس.
وشددت الوزارة في بيان على أن هذا «الاستهداف الوحشي للمدنيين العزل من نساء وأطفال لهو دليل دامغ على أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تشن حرب إبادة ضد الفلسطينيين في انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني».
وجددت الوزارة مطالبات الكويت للمجتمع الدولي ومجلس الأمن بالتحرك السريع لوقف حرب الإبادة التي تشنها تلك القوات على القطاع منذ شهر أكتوبر من العام 2023.
وأدانت وزارة الخارجية السعودية بشدة المجزرة «التي أدت إلى استشهاد العديد وإصابة آخرين في اعتداء جديد لسلسلة متكررة من الانتهاكات لآلة حرب الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين العزل».
وجددت الوزارة، في بيان أوردته وكالة الانباء السعودية الرسمية (واس) أمس، رفض المملكة القاطع لاستمرار جرائم الاحتلال بالإبادة الجماعية مطالبة بالايقاف الفوري لإطلاق النار وتحمل قوات الاحتلال كامل مسؤولية استمرار خرق كافة الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية.
وشددت على المسؤولية القانونيــــة والإنسانيــة والأخلاقية الملقاة على عاتق المجتمع الدولي ووضع حد لهذه الانتهاكات المستمرة للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية.
كما أدان الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي بشدة للمجزرة الوحشية بحق الأبرياء من الفلسطينيين النازحين في جنوب غزة.
وأكد البديوي في بيان أن هذه الاعتداءات المستمرة والوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد المدنيين العزل في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية لا يمكن وصفها إلا بجرائم حرب متعمدة تكشف عن نهج إجرامي فاضح وممنهج يعكس استهتارا تاما بالقوانين والمعاهدات الدولية والإنسانية وتمثل كذلك ازدراء صارخا لكل القيم القانونية والأخلاقية والإنسانية.
بدورها، أدانت الخارجية المصرية بأشد العبارات قصف الاحتلال الإسرائيلي خيام النازحين في المواصي، معتبرة ان استمرار ارتكاب هذه الجرائم بتلك الصورة وعدم الاكتراث بأرواح الأبرياء والمدنيين يشكل تهديدا للسلم والأمن والإقليميين والدوليين، داعية جميع الأطراف الفاعلة دوليا الى الاضطلاع بمسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية لايقاف تلك المأساة الإنسانية بصورة فورية.
فــي سياق متصل، دانت تركيا والأمم المتحدة الاستهـداف الاسرائيلــي للمدنيين العزل، واعتبرت الخارجية البريطانية أن هذه المجزرة بـ «الصادمة» تؤكد الحاجة الى هدنة في قطاع غزة. واستشهد وأصيـــب عشرات الفلسطينيين وفقد آخرون إثــر قصف قوات الاحتلال الاسرائيلي خياما للنازحين بمنطقة المواصـــي في خان يونـــــس جنــــوب غزة.
وقال مدير الإمداد في الدفاع المدني في القطاع د.محمد المغير إن طواقمه انتشلت ما لا يقل عن 40 قتيلا وأكثر من 60 مصابا، متوقعا ارتفاع أعداد الضحايا.
وأضاف أن القصف خلف حفرا بعمق تسعة أمتار، مشيرا إلى أن «الطيران الإسرائيلي استخدم على ما يبدو صواريخ ارتجاجية».
من جهته، قال الجيش الاسرائيلي انه استهداف قائد القوة الجوية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) واثنين آخرين في الهجوم على خيام يقطنها نازحون في خان يونس.
في المقابل، نفت «حماس» في بيان ادعاءات الجيش الإسرائيلي بوجود عناصرها في مكان المجزرة خان يونس.