اليقين بالله عزّ وجلّ يجعلك تعيشين سعيدة، لأنك على يقين بما لك عند الله، ويعتبر من أعظم أسباب قوة الإيمان وزيادته، ففيه طمأنينة للقلب ويملأ قلبك نورا ورجاء وخوفا من الله ومحبة له، قال عزّ وجلّ (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) وكلما زاد يقينك في قلبك زاد توكلك على الله تعالى.
درجات اليقين
اليقين ثلاث درجات، الأولى: علم اليقين وهو معرفة الحق ومعرفة أوامر الله ونواهيه وما بينه الله تعالى في القرآن والسنّة (كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين) أي ترونها بعيونكم موقنين بها، لا شك فيها مثل الذي تراه بالعين.
الثانية: عين اليقين أي رؤية الحق ومشاهدته (ثم لترونها عين اليقين) وهو كل ما تراه العين وتوقن بما رأته على أنه أمر حقيقي.
والثالثة: حق اليقين: قال عزّ وجلّ: (وإنه لحق اليقين فسبح باسم ربك العظيم) وحق اليقين أعلى درجات اليقين وإدراكه التام، وهو لا ريب فيه ولا شك.
ثمار اليقين
يزيد اليقين من قرب المسلم لله عزّ وجلّ والرضا بقدره وقضائه، كما يعين المسلم على العبادات والطاعات ويخفف من مصائب الدنيا ويكون سببا في انشراح الصدر وهدوء النفس وثبات المسلم على الحق فهي أعلى درجات اعمال القلوب وصفة من صفات أهل التقوى والإحسان به تستقر النفس، وهو منزلة عظيمة في القرب من الله تعالى.
كيف تصلين لليقين بالله؟
عليك بكثرة النظر والبحث في عظمة الله تعالى حولك والنظر على دلائله في الكون، وأن تبذلي وسعك في فعل الطاعات والمجاهدة والمصابرة عليها واجتناب المنهي عنه حتى يزداد ايمانك وتبلغي مرتبة اليقين ولا تلتفتي لتخويف من الشيطان ولا يؤثر فيك الخوف منه فقلبك ساكن آمن لا يخاف الدنيا.
وقد كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا» فاليقين يكون حسن التوكل والرضا والتسليم وتعلق القلب بالله لأنك واثقة بما عند الله عزّ وجلّ وأن الرزق بيد الله وحده.
وأهل اليقين يحكمون شرع الله عزّ وجلّ في كل شيء في حياتهم (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) وهم موقنون ومؤمنون بأن النافع والضار هو الله وحده، مؤمنون بالقضاء والقدر، يستعدوا للموت والحساب بالأعمال الصالحة ويوقنون بأنهم ذاهبون إلى الله تعالى، وهم لديهم دائما حسن الظن بالله، قال ابن مسعود رضي الله عنه «اليقين الإيمان كله».
زيادة اليقين
أما كيف نزيد اليقين في نفوسنا؟ فعليك الاستعانة بالله والتدبر في القرآن والسنة ليزداد يقينك وإيمانك، وعليك التفكر في آيات الله في الكون (وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون) وراقبي نفسك هل أنت موقنة بآيات الرزق والدعاء ووعد الله، واحذري أهل الشك في الدين ولا تجالسيهم ولا تستمعي لهم، وواظبي على قراءة سير السلف الصالح من الأنبياء والرسل والصحابة ليمتلئ قلبك يقينا، كوني من الصفات التي ذكرها الله عزّ وجلّ في قوله (الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون).
(ألقيت هذه المحاضرة في مسجد فاطمة الجسار بمنطقة الشهداء)