(ألقيت هذه المحاضرة في مسجد فاطمة الجسار بمنطقة الشهداء)
المؤمن لا وقت عنده، أوقاته محددة تمشي على وقت رباني، خمس صلوات تتكرر في اليوم والليلة، قال عز وجل: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا)، ولأهمية الوقت في حياتنا أقسم الله عز وجل به: (والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر هل في ذلك قسم لذي حجر)، (والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)، (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى)، ومع أهمية الوقت نجد الكثيرين لا يلتفتون لذلك ويضيعون كثيرا من أوقات حياتهم سدى فيما لا يفيد غافلين عن قول النبي صلى الله عليه وسلم «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ».
ضياع الوقت
من أسباب ضياع أوقات المسلم استخدام الموبايل أكثر الوقت والبحث في المواقع الإلكترونية، ولو قرأ المسلم في جلوسه هذا آيةً من القرآن الكريم لكان خيرا له، فالحرف الواحد بعشر حسنات، فلا تضيعي وقتك في هذه الجلسات التي تميت وقتك وتقتله، واعلمي أنك بقتل الوقت تقتلي نفسك، واعلمي بأنه لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع «عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن عمله ماذا عمل فيه»، فاستثمري وقتك بمنافع دينية، واحرصي على عدم إضاعته، وابتعدي عن مجالس اللغو والغفلة، وبتنظيم وقتك بين القيادة وعملك وبيتك، واحرصي على حضور مجالس العلماء والاستفادة والتعلم في أمور دينك.
كيف أستفيد من وقتي؟
ربي نفسك على أن تقومي بأفضل الأشياء والبعد عن أسوأها، وحاسبي نفسك باستمرار عما قمتي به من حسنات وسيئات، وصاحبي من تساعدك وتعينك على طاعة الله، واذكري الله كثيرا، فإن ذكره من أعظم السبل لاغتنام الوقت، وكوني على وضوء وانت تذكرين ربك، قال عز وجل: (فاذكروني أذكركم وأشكروا لي ولا تكفرون)، فالوقت قيمة كبيرة في حياة المسلم، فلا يتكاسل عن عمل واجب مفروض عليه، ولا تضيعي الوقت في اللهو والعبث، ولا تضيعي وقتك دون عمل أو إنتاج سواء في بيتك أو في عملك، فبيدك أن تنظمي وقتك وتعطي كل ذي حق حقه دون تقصير في جانب على حساب جانب آخر، وضعي خطة لك وانتبهي من وقت تضيعيه في متابعة مواقع التواصل الاجتماعي.
السُنة النبوية
ولقد غرس رسول الله صلى الله عليه وسلم قيمة الوقت في نفوس الصحابة الكرام وغرس فيهم كيفية الحفاظ عليه واستثمار أوقاتهم، فكانوا أكثر الناس حرصا على أوقاتهم لأنهم كانوا أكثر الناس معرفة بقيمته، فلا تمر لحظة من الزمن من دون أن يتزودوا منها بعمل صالح أو علم نافع أو مجاهدة للنفس أو مساعدة ونفع الغير أو تحقيق منفعة شخصية تعود عليهم أو منفعة عامة تعود على غيرهم مثل تعلم الآخرين علما يساعدهم على زيادة الأعمال الصالحة أو زيادة في الإيمان، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه «ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي».