- العقيلي: على الإمام تعاهد المصلين بالنصح والتوجيه وبيان حكم الشريعة والتوعية بآداب المرور
- الشطي: الحاجة ماسة لإيجاد قوانين مشددة والحزم مع إجراءات رادعة في حق المتهورين وغيرالمبالين
- الدوسري: مسؤولية كبيرة تقع على المسجد في تنمية الوعي المروري واحترام الطريق
ما دور المسجد في التقليل من حوادث المرور وتنمية الوعي المروري باحترام الطريق ومحاربة الانحرافات السلوكية في القيادة؟ وما التأصيل الشرعي لقواعد السلامة المرورية وفق القواعد الشرعية؟
عن دور المسجد وآداب المرور والآداب العامة، يقول الشيخ يحيى العقيلي: للمسجد دور مهم في التوعية بآداب المرور والآداب العامة، فالإمام بتعاهده للمصلين بالنصح والتوجيه في دروسه وتعليقاته على الآيات المقروءة في الصلوات وذات الصلة وتبيان حكم الشريعة في تلك الأمور، وتنظيم الخواطر والدروس والمسابقات والأنشطة التي تسهم في التوعية، كما يشاركه الخطيب في هذا الميدان من خلال خطب الجمعة والتي يستمع لها المصلون كل جمعة، وفيها من الوعظ والارشاد والتوعية بآداب المرور والآداب العامة والتحذير من مخالفتها وما ينبغي للمسلم ان يلتزمه للحفاظ على نفسه ومجتمعه، ومن امثلة ذلك التذكير بأن تلك المركبات هي من نعم الله تعالى العديدة والمتعددة، قال تعالى (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ـ إبراهيم: 34).
ومن تلك النعم ما بين الله في كتابه من امتنانه على عباده بأن سخر لهم ما يركبون وينتفعون ويقضون به حوائجهم ويقطعون به المسافات العظيمة، كل ذلك من توفيق الله، قال الله تعالى (أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ـ يس: 71 و72)، وقال (وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤوف رحيم ـ النحل: 7).
ومن جوانب التوعية التي يتناولها المسجد ان الذي ينبغي ان نعيه ويعيه كل مسلم عاقل هو مسؤوليته امام الله عن نفسه وعن غيره من الناس، كما قال صلى الله عليه وسلم «إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد»، والحديث «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه».
ومعلوم ان عامة اسباب الحوادث يمكن تلافيها، فمنها تسليم السيارات لصغار السن، فهلا حزمنا أمرنا وكنا صارمين مع من ولانا الله رعايتهم، فنمنعهم من القيادة ان رأينا منهم عبثا، ونسمح لهم بها ان أنسنا منهم رشدا.
ومن اسباب الحوادث السرعة الزائدة عن حد السيطرة على المركبة، ولست اريد تحديد رقم معين للسرعة، فلكل مقام مقاس، ولكل مركبة حد، ولكل سائق قدرة، ولكن دائما في التأني السلامة وفي العجلة الندامة.
وعليه، فالعلاج للمشاكل المرورية يمكن ان يتناول امورا عدة منها الصيانة الدورية للمركبة وتعاهدها وتعاهد اطاراتها وعامة امورها، فهو ادعى للسلامة من الحوادث.
ومنها الالتزام بالاشارات المرورية، فما وضعت الا لضبط السير وتلافي الحوادث، واكثر الحوادث هو بسبب تجاهلها او تجاوز السرعة المعقولة.
ومعلوم ان شريعتنا الغراء تهدف الى الرقي بالمجتمع المسلم الى معالي الامور وسمو الاخلاق، وتنأى بأفراده عن كل خلق سيء او عمل مشين، وتريد ان يكون المجتمع متآلفا متحابا، تربط بين عناصره الاخوة والمودة، وبين يدينا توجيه نبوي يعالج ظاهرة اجتماعية مهمة، لو بقيت على وضعها لأفسدت المجتمع، فعن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال «إياكم والجلوس بالطرقات»، فقالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها، فقال «إذ أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه»، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال «غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (متفق عليه).
الحفاظ على الأرواح
من جهته، قال د.بسام الشطي: الإسلام حريص على سلامة الإنسان، لاسيما في الطرقات التي يقتل فيها سنويا في الكويت 400 نفس، وتصل الإصابات فيها إلى 800 سنويا وعلى الإعاقات الدائمة 20، ولذلك كانت الحاجة ماسة لإيجاد قوانين والتشدد فيها حتى يرتدع وينضبط السواق فيها، وفي كل عام تكرس وزارة الأوقاف خطب ومواعظ ودروس، والأمر في الإسلام لا يقتصر على إماطة الأذى وإزالة العوائق في أعمال فردية، ولكنها ترقى إلى المطالبة بإصلاح وتحسين المرافق، وهو مطلوب من كل قادر عليه وحسب مسؤوليته، قياما بالمسؤولية وابتغاء للمثوبة، من المسؤولين من ولاة أمور المسلمين ومن دونهم من الأثرياء والموسرين والقادرين، فالدعوة في الإسلام عالية في إنشاء المرافق وبنائها ورعايتها وصيانتها وتحصينها، وهذه سمة من سمات الدين بارزة، وغاية في الأوقاف وسياساتها، أكثر ما تتجلى في إنشاء المرافق وصيانتها: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به بعده، أو ولد صالح يدعو له».
ولقد قرر أهل العلم - رحمهم الله - أن من الصدقة الجارية: حفر الآبار، وشق الأنهار، وغرس الأشجار، وتوسيع الطرق، وبناء الجسور والقناطر، وإنشاء المظلات، وإقامة دور العلاج والاستشفاء، وكل ما تدعو إليه الحاجة وظروف الحياة ومتغيراتها ومستجداتها مما يوافق الشرع وينفع الناس.
ومن إعطاء الطريق حقه ومراعاة آدابه: بذل المزيد من التنبه والحذر وتوقع المفاجآت، وصيانة الطرق والمركبات، والسير في الجانب المخصص من أرصفة المارة، وجسور المشاة، والانتباه من السيارات المسرعة، والاهتمام بوسائل السلامة في الحل والترحال والسفر والإقامة في النفس والمركبة والراكبين، وتفقد المركبة بأجهزتها وآلاتها وأجزائها وزيادة أحمالها وأوزانها، وحفظ البهائم من التسيب.
ومن إعطاء الطريق حقه: تجنب قيادة المركبات في حالات التعب والإعياء والظروف النفسية العصيبة، ولزوم السيطرة على النفس أمام نزواتها الجامحة وغفلتها السادرة.
المسؤول الحقيقي عن الأرواح والممتلكات
وأكد أن الحفاظ على الأرواح وأمن الجماعة وصيانة الممتلكات مسؤولية مشتركة، أساسها الدين وصحة المعتقد، ويقظة الضمير، ثم الوعي الصادق بالمسؤولية والتعاون على مستوى الفرد والجماعة، كل مطالب بالقيام بمسؤوليته، رجل الأمن، ورجل التربية، ورجل الأعمال، ورجل الإعلام، ورب الأسرة، وربة البيت، رجل الأمن ينفذ بوعي وفقه وعدالة، ورب الأسرة يرعى بحزم ويراقب بصرامة، ورجل التربية يعلم بإخلاص ويربي بتفانٍ، ورجل الأعمال يدعم ويساند ويبذل، ورجل الإعلام يكتب ويثقف وينشر بمصداقية وتوازن، الأمن غاية الجميع، والسلامة هدف الجميع، ولن يتم ذلك على وجهه إلا بالتعاون بين كل فئات المجتمع وطبقاته في رفع مستوى الوعي وتنمية الحس الأمني، وحفز الهمم من أجل بناء جسور من التعاون والثقة بين فئات المجتمع.
لم يكن الخلل ولم تحدث المآسي المفجعة إلا بسب الإهمال والاتكالية وعدم المبالاة، فهذا قد قصر في تبليغ الجهات المسؤولة، ومسؤول قد قصر في التفاعل مع التبليغ، ومُبلغ يخشى من تبعات التبليغ، والروتين يصدق ذلك أو يكذبه، وما أدى إلى هذه النتائج الوخيمة إلا التقاعس في أخذ الحيطة، والتهاون في لزوم طريق الحذر، وعدم الأخذ بالحزم في الأمر والعزم على الرشد.
ومما لا يمكن إغفاله في هذا الصدد رعاية الأنظمة وتطبيقها بصرامة وعدالة، عقوبات وزواجر جزاء لمن يخالف وردعا لمن يريد أن يجازف، حزم شديد يقارنه وعي شديد تتولد من خلالهما رقابة ذاتية، وبمجازاة أفراد ترتدع أمم.
لابد من الحزم في تنفيذ الجزاءات الرادعة، ولاسيما في حق المتهورين وغير المبالين وأصحاب السوابق.
لابد من الاطمئنان إلى حسن القيادة وفقه الأنظمة وإدراك التعليمات وحسن تطبيقها ودقة الالتزام بها.
المسؤولية كبيرة
من جانبه، يرى عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الكويت د.سعد الدوسري ان دور المسجد كبير في التوجيه والارشاد، ومنه تنمية الوعي المروري واحترام الطريق، ومن هذا الدور حسبما اراه ما يلي:
1 ـ توحيد خطب الجمعة على المستوى الوطني.
2 ـ اقامة المحاضرات الاسبوعية والدورات التعليمية والندوات في المسجد.
3 ـ استغلال المناسبات الدينية للحديث عن السلامة المرورية مثل الاعياد كعيدي الفطر والاضحى وغيرها.
4 ـ استغلال مرافق المسجد للتوجيه والارشاد كاللوحات الارشادية وشاشات العرض في المسجد.
5 ـ عمل المسابقات لرواد المسجد وخاصة النشء ورفع مستوى ثقافتهم في ذلك.
6 ـ دعوة أناس تعرضوا لحوادث اصيبوا بسببها بعاهات ونصحهم للناس.
وفي الحقيقة المسؤولية كبيرة وهي تقع على الجميع كل حسب مكانه.