- العنزي: دية القتل العمد تكون مغلّظة وهي عقوبة بديلة عن القصاص إذا تعذر
- العبدالمنعم: أقترح إنشاء صناديق لدفع الدية نيابة عن العاقلة غير القادرة على الوفاء
الدية واجب شرعي على القاتل ان يؤديها لأهل القتيل، إذا حدث تصالح بينهما تعويضا عن الضرر الذي احدثه، فكيف توزع الدية على الورثة وما مقدار دية القتل الخطأ؟ وإذا عفا احدهم عن نصيبه في الدية، هل يسقط حق الباقين؟ وما العاقلة؟
في البداية، يبين لنا د.سعد العنزي حكم الدية في الشريعة الاسلامية، فيقول: الشريعة الإسلامية اجازت الصلح في جرائم القتل واخذ الدية وكذلك في جرائم التعزير والقتل غير العمد، ففي القتل العمد يتم دفع الدية إلى اولياء المجني عليه بالدم عند قيام الجاني بارتكاب جريمة القتل العمد، وكل هذا بهدف ردع من يرتكب هذه الجرائم التي تروع البشرية. ودية القتل العمد تعتبر في الشرع دية مغلظة وهي عقوبة بديلة عن القصاص اذا تعذر القصاص من الجاني بعفو أولياء الدم عن المطالبة بالقصاص فعندها يتم فرض الدية.
وقال د.العنزي: من شروطها:
1 ـ وجود جريمة قتل سواء قتل عمد أو خطأ أو شبه عمد.
2 ـ تعذر تنفيذ القصاص في القتل العمد وذلك حال قيام أولياء المقتول بالعفو عن القصاص مقابل الدية.
3 ـ يشترط البلوغ بالنسبة لمرتكب جريمة القتل العمد.
فيجب توافر الشروط القانونية والشرعية لدية القتل ليتم المطالبة بها ودفعها وفق الأحكام المقررة.
ومقدار دية القتل العمد في القانون الكويتي تقدر بـ 10 آلاف دينار ويجوز تعديل مقدارها بمرسوم حسب تغيرات الظروف الاقتصادية والاجتماعية.
وفي الشريعة الإسلامية الدية في القتل العمد 100 من الإبل لكن في واقعنا الحاضر يتعذر تحقيق ذلك، لذلك يتم تقدير الدية كما ذكرنا سابقا في القانون الكويتي والذي حددها بـ 10 آلاف دينار، وحددت المملكة العربية السعودية 400 ألف ريال سعودي وذلك حسب القرار الذي صدر من المحكمة العليا في المملكة، وتوزع الدية على أولياء الدم حسب ترتيب الإرث في القتيل، وان عفا أحد الأولياء عن نصيبه في الدية فلا يسقط حق باقي الورثة بحسب سهمه الشرعي في الميراث.
أما في حالة القتل الخطأ، فقال: يجوز قبول الدية، وعلى القاتل الخطأ كفارة صيام شهرين متتابعين، وقد حدد القانون الكويتي شروط الصلح في القتل العمد، منها:
1 ـ ان يكون القتل العمد فجائيا دون إصرار او ترصد.
2 ـ ألا تتعدى عقوبة القتل العمد عن الحبس خمس سنوات.
3 ـ ان يكون الجاني من اصحاب السوابق وان يكون نادما على القتل.
4 ـ ان يكون المتصالح عاقلا بالغا.
5 ـ ان يصدر الصلح من صاحب الحق فيه، لأنه اسقاط لحقه الشخصي.
6 ـ ان تقبل المحكمة الصلح وعدم وجود حق عام للمجتمع.
7 ـ موافقة الجاني على دفع الدية.
وأضاف د.العنزي: استثنى قانون الجزاء الكويتي بعض الاستثناءات من التصالح في القتل العمد على سبيل المثال لا الحصر:
1 ـ القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد ونية وتخطيط القتل، وتطبق عقوبة الاعدام.
2 ـ القتل عمدا يتسبب بموت عاجل او آجل كالسم او المخدرات عقوبتها الاعدام.
3 ـ القتل المقترن بجرائم اخرى كالزنا والتمثيل بالجثة.
4 ـ اذا تعدد المجني عليهم وجب صدور الصلح من الكل أو يرفض.
5 ـ وجود حق عام، مثل قتل موظف حكومي او شخصية عسكرية.
6 ـ كون الجاني مجرما صاحب سوابق.
الدية الشرعية
وعلى من تجب العاقلة؟ يوضح لنا الأكاديمي وعضو مركز الكويت للاقتصاد الاسلامي د.عبدالله خالد العبدالمنعم: العاقلة جمع عاقل، وهي من يتولى دفع الدية من العصبة، وهم الاقرباء من جهة الأب كالعم وابناؤه، واعمام الأب وابناؤه ونحو ذلك، واتفق الفقهاء على أن الاساس الذي يبنى عليه التعاقل هو النصرة، قال السرخسي في كتابه المبسوط عن الحنفية: جعل التعاقل بالديوان لأنه باعتبار التناص، عند المالكية جاء في مواهب الجليل: والمذهب عند اصحابنا ان الدية تقسم على من حضر دون من غاب، قال مالك يختص به الحاضر لأن التحمل بالنصرة، اما الشافعية فذكر ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: ولا يعقل فقير وصبي ومجنون، ولو مقتطعا وان قل، لأنهم ليسوا من اهل النصرة بوجه، ونقل عن البهوتي في كشاف القناع قول الحنابلة: وليس على فقير ولا صبي ولا زائل العقل لأن الحمل للتناصر وهما ليسا من اهله.
وأضاف: في الفقه الاسلامي ان من تجب عليه دية الخطأ هم العاقلة، وقد ورد في صحيح مسلم من حديث المغيرة بن شعبة ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدية على العصبة، إلا ان العاقلة لا تتحمل دية القتل الخطأ وشبه العمد، ومن باب اولى دية القتل العمد، الذي يقر به الجاني على نفسه او يصالح المدعى عليه وهو ناكر. والدية في الشريعة الاسلامية مقدارها 100 من الإبل، الا ان الفقهاء اختلفوا في مقدار ما يؤخذ من العاقلة، لكن المقصد الشرعي هو التناصر والتكافل كما أسلفنا.
وتابع: بالنظر الى الواقع الحالي لتحمل العاقلة الدية الشرعية، فإن مجمع الفقه الاسلامي الدولي قد اصدر قرارا يحمل رقم 3145/16 يقضي بأن تتحمل شركات التأمين التكافلي مقدار الدية، في حال عدم وجود العصبة او العشيرة التي تتعاضد لدفع قيمة الدية، فلا بأس ان تتحمل شركات التأمين التكافلي الدية ان كان نظامها يجيز تحمل الديات بين المستأمنين، كما يجوز من جهة ثانية ان تتحمل الصناديق الخاصة التي يكونها العاملون بالجهات الحكومية والعامة والخاصة قيمة الدية لتحقيق التكافل والتناصر المقصود شرعا.
وختم بقوله: ولغاية تطوير نظام التكافل الاجتماعي في الديات، اقترح انشاء صناديق تؤسسها الدولة او الهيئات الخيرية لغرض دفع الدية نيابة عن العاقلة، ان كانت العاقلة غير قادرة على الوفاء بإبراء الذمة، وكذلك الأمر بالنسبة للزكاة فيجوز دفعها ان كان معسرا لا يستطيع الاداء، ففي هذه الحالة يعطى من الزكاة من سهم الغارمين لسدادها.