بيروت - زينة طباره
في قراءة عسكرية للميدان جنوبا، أكد العميد الركن الطيار المتقاعد اندريه بو معشر لـ «الأنباء»، ان مسار العمليات العسكرية في البر، وما يرافقه من استهداف إسرائيل جوا للعمق اللبناني، «ليس مجرد توغل محدود في الاراضي اللبنانية كما ادعى ويدعي الجيش الإسرائيلي، بل ينم عن وجود عزيمة إسرائيلية لاحتلال واسع النطاق، خصوصا ان الهدف من العملية البرية بحسب ما اعلنته إسرائيل، هو اجتثاث كل تهديد لأمن المستوطنات في الشمال».
وتابع بو معشر قائلا: «هذا الأمر لا يمكن تحقيقه الا بمحاولة إبعاد حزب الله مسافة تضمن انعدام كل امكانية للتسلل إلى الداخل الإسرائيلي، على غرار تسلل حركة حماس إلى غلاف غزة في 7 أكتوبر 2023».
ولفت بو معشر إلى ان «محاولات الغزو البري المحدود بدأت عمليا، لكن يبقى الترقب سيد المواقف لمعرفة وتحديد سقف العملية وحدودها، خصوصا أننا من وجهة نظر عسكرية أمام احتمالات ثلاث: يقضي الاحتمال الاول بالتمركز على تلال حاكمة لمراقبة الأرض، والثاني بإقامة حزام أمني مرصود بالنار أقله على بعد 5 كيلومترات من الحدود، فيما يقضي الاحتمال الثالث وهو الاكثر خطورة باحتلال موسع حتى شمال الليطاني، والذي قد يمتد حتى نهر الأولي في محاولة لفرض اتفاقية هدنة على غرار اتفاقية 17 مايو (1983)، الا انه يبقى احتمالا محاطا بالمستحيلات في ظل عزيمة المقاومة وعزمها على إفشال الغزو ان حصل».
وتابع: «المشهد الواسع لسير العمليات العسكرية لا يشي بوجود غزو بري بالمعنى العسكري التقليدي، أي بانتشار الفرق المقاتلة على خط أفقي يصل حتى 10 كيلومترات استعدادا للتقدم باتجاه العمق اللبناني على غرار غزوة العام 1882، بل نحن أمام خطة مغايرة كليا تقضي باعتماد الإسرائيلي سياسة الأرض المحروقة وإخلاء الجنوب من سكانه، وتدمير القرى لجعل الأرض مكشوفة وبالتالي مرصودة بقوة النار، أي باستهداف كل تحرك بشري وآلي».
وردا على سؤال، أعرب بومعشر عن قناعته «بأن الأميركي وان كان يوافق إسرائيل على ضرب القدرات العسكرية لحزب الله، الا انه لن يرضى حتما بكسر الدولة اللبنانية. بل يعمل على تحييد لبنان الرسمي وتحديدا الجيش اللبناني عن المواجهات العسكرية، لانه سيكون في اليوم التالي بعد انتهاء العمليات العسكرية الضامن الوحيد لبسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وفقا لمضمون القرارات الأممية وفي طليعاتها الـ1701 بكل مندرجاته».
واعتبر بو معشر ان القرار الدولي 1701 «يتضمن كل مقومات الحلول وبالتالي آليات الخروج من رقعة النار، لكن تبقى العبرة بالتزام طرفي النزاع به، لاسيما الجانب الإسرائيلي الذي لا يحترم أساسا سيادة الدولة اللبنانية، وهذا ما أعطى حزب الله مشروعية المقاومة، علما ان الجيش اللبناني قادر وحده على الإمساك بالأمن والاستقرار في جنوب لبنان او ما يسمى بشمال الليطاني. لكن على الحكومة اللبنانية ان تبادر إلى اتخاذ القرار عملا بأحكام المادة 65 من الدستور بإعلان حالة الحرب والتعبئة العامة وحالة الطوارئ، وبالتالي تعزيز قدرات الجيش اللبناني لتمكينه من تنفيذ مهامه بنجاح. ويبقى السؤال البديهي ليس حول قدرات الجيش وإمكانياته في ضبط الأرض جنوبا، انما حول نية وإرادة السلطة التنفيذية في تطبيق المادة الدستورية المشار اليها، وتكليف الجيش بإخراج لبنان واللبنانيين من دوامة الحروب العبثية».