مرحلة الشباب دقيقة في حياة الانسان وطويلة وشديدة وتحمل نفسا خصبة وقلبا صافيا، ويحتاج الشباب الى من يأخذ بيده ليحسن تأديبه ويدله على الاستقامة ويرشده الى الفضيلة.
فالتعامل مع الناشئة يكون بداية بالدعاء له، قال رسولنا صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه «اللهم فقهه في الدين»، وأثنى رسولنا صلى الله عليه وسلم على أبي بن كعب «ليهنك العلم أبا المنذر»، ويسدل عليه بالوصايا النافعة له في دنياه وآخرته، ففي الوصية الجامعة لابن عباس «يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فأسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله».
الشباب يريد ان يرى القدوة في التواضع والصبر وحسن التعامل والاحترام والتقدير والتسامح والاخلاق الكريمة، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل مع الناشئة للثقة بهم وانتمائهم وتوليتهم بعض المسؤوليات، فقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد بن حارثة الى الشام وهو شاب حديث السن، واعطى الراية لعلي بن ابي طالب رضي الله عنه في غزوة خيبر، وارسل مصعب بن عمير الى المدينة، ومعاذ بن جبل الى اليمن، وكان صلى الله عليه وسلم يحترم حقوقهم وآراءهم لما شرب النبي من القدح وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ، فقال للغلام: أتأذن أن أعطي هؤلاء؟ قال الغلام: والله يا رسول الله لا أؤثر بنصيبي فيك احدا، قال: فتله رسول الله في يده.
صورة جميلة للحوار والمناقشة والاحترام نحتاج اليها في تعاملنا مع الناشئة، كما يجب اتاحة الفرصة للفتى للتعبير عن ذاته، فسمرة بن جندب ورافع بن خديج رضي الله عنهما وهما ابنا خمس عشرة سنة، وقد ردهما النبي عن المشاركة ثم اجاز رافعا، ثم فتح المجال لسمرة للحديث فقال: لقد اجزت رافعا ورددتني، ولو صارعني لصرعته، قال: «فدونكه»، فصارعه فصرعه سمرة، فأجازه، كما يجب ابراز المكانة العلمية والثناء عليهم، ففي الحديث «خذوا القرآن من اربعة: من ابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة».