استخدام «السوشيال ميديا» سلاح ذو حدين إذا تركنا لأبنائنا الاطلاع على كل ما فيها دون رقابة ومتابعة ضرتهم ولن تنفعهم.
فلابد من وقفة الآباء معهم والتقرب إليهم والنقاش معهم حتى نحافظ عليهم وعلى ديننا وهذا واجب لا تهاون فيه حول كيفية تعامل الأسرة مع الموبايل وما يبثه من برامج وألعاب نتعرف على هذه الآراء.
في البداية، يوضح الباحث الشرعي م. سالم الناشي الحكم الشرعي للهاتف النقال، فيقول: الحياة متجددة ودائما تطرأ أشياء جديدة على الناس، تتطلب رأيا شرعيا وفتوى من العلماء المعتبرين لبيان حكم هذا المستجد.
ولا شك أن الهاتف النقال هو أحد هذه الأجهزة المستجدة، حيث اخترع عام 1973 ولم ينتشر إلا في عام 1983 إلى أن اصبح بشكله الحالي، واصبح في متناول الجميع.
وعموم حكم الاجهزة المستجدة هو الإباحة، ان استعمل في الحلال صار حلالا، وان استعمل في الحرام فهو حراما. فهو كسائر المباحات يكون لها حكم ما استعملت فيه.
وفي جميع الامور المستجدة يجب العودة للتشريع الاسلامي ومعرفة موقفه منها، وبالتالي المرجع هو الكتاب والسنة الصحيحة وجهود العلماء عبر الاحكام الفقهية المعتمدة. يقول الماوردي: «ليس من حادثة إلا ولله فيها حكم قد بينه من تحليل او تحريم، وأمر نهي».
ولاشك ان الهاتف النقال له ايجابيات كثيرة وله سلبيات كثيرة ايضا. فهو وسيلة للتواصل السريع بين الناس وبطرق مختلفة، كما انه يستخدم الآن في انجاز المعاملات الرسمية فيوفر الوقت.
كما انه يمكن الاستعلام من خلاله عن كثير من الامور اليومية مثل: مواعيد الصلاة، والصيام، وغيرها من الأمور الشرعية وكذلك التقارير الطبية، والمخالفات المرورية، وفواتير الكهرباء والماء، واشعارات انتهاء المعاملات وغيرها، فضلا عن تلقي الرسائل المفيدة والأفلام الشرعية والفتاوى والدروس وغيرها الكثير والكثير جدا.
وحذر الناشي من فتح صوت الهاتف النقال أثناء الصلاة في المسجد حتى لا تشوش على المصلين، وايضا الحذر من أخذ صور او فيديو للناس بدون إذن منهم وخاصة في الأسواق والأماكن العامة.
ولا يعتبر الهاتف النقال الذي فيه قرآن مصحفا، ولا يأخذ احكام المصحف من وجوب الطهارة وغيره. والمصحف أولى بالقراءة ويجوز قراءة القرآن من الهاتف النقال.
وطالب الأسرة المسلمة بأن تحرص على ما ينفعها ولا يضرها، والشريعة لا تمنع من متابعة التطور الحديث فيما يخدم الدين والدنيا دون الخروج عن أحكام الشريعة، فيجوز اقتناء الهاتف النقال شرعا، للاستخدامات المباحة، أو التعبدية، ما لم يستخدم في محرم فحكمه التحريم، لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
وكذلك عدم استخدامه أو التخفيف من استخدامه، إن كان يؤدي في استخدامه إلى إفساد النفس أو الخلق أو الدين أو الأهل، أو إلهاء الانسان المسلم عن أداء الفروض والواجبات.
وللشريعة فيها أحكام، وآداب، وأخلاق، ومن آداب الهاتف النقال مراعاة أحوال الناس عند الاتصال، والحذر من أنواع الإيذاء به كتتبع عورات المسلمين، وإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، وإيذاء عباد الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله». ويحرم التجسس على الناس بتسجيل مكالماتهم وهذا مخالف لقوله تعالى: (ولا تجسسوا)(سورة الحجرات:12).
وزاد: ويجب تنبيه الأبناء بعدم استعمال الهاتف النقال أثناء قيادة السيارات مما يقد يفقد معه التركيز ويؤدي إلى الحوادث الخطيرة فيتلف نفسه وسيارته. وكذلك من احترام الوالدين ومن في حكمهم كالأجداد والأعمام والاخوال عدم الانشغال باستعمال الهواتف النقالة عند مجالستهم بل يجب الانتباه لهم وطاعتهم والحديث معهم.
دور الأسرة
وعن الآثار السلبية للهاتف الجوال على الأطفال، يقول الشيخ محمد الدعيج: ان الهاتف الجوال اليوم لم يعد مجرد هاتف للمحادثات بل اصبح مجمعا تجاريا علميا اجراميا، تتجول به كل الاعمار كيفما تشاء.. تحادث من تشاء.. وتشتري من هذا وذاك، وتبحث عن تلك المعلومة، وتنشر الاشاعات وتغير مسار الحقائق والاكاذيب وبث الاشاعات، واصبح سلاحا للاجرام ومعلما لفنون الاجرام، فهو كتابا لمن يهوى القراءة والبحث العلمي، وهو سينما ومسرحا لمن اراد اضاعة الوقت، وهو مركز اعلامي للاطلاع على الاخبار العالمية والمحلية وما يجري في دول العالم..! وهو مكان لاسواق العملات والبورصات العالمية. والاهم من ذلك فقد فرض نفسه صديقا ومدرسة، وجليسا للخير والشر، وصاحبا للصغير والكبير....!!
في هذا «المجتمع التجاري» افتتح به اهل الشر محلات لبيع الشر والفساد ونشر الرذائل وافساد الصغير والكبير معا، وسأتناول جانبا واحدا فقط:
وهو التأثير السلبي على النشء الصغار الذي اصبح هدفا لمحلات الجريمة من مشاركة المجتمعات في افساد هذه الفئة العمرية المهمة، واستهداف براءة الاطفال واستغلال جانب اللهو عندهم، فقاموا باستهداف هذا الجانب واشغالهم من اجل هدم البناء الاخلاقي فيهم، تمهيدا لاقامة بناء المجتمعات الاباحية..
في اعتقادي ان دور الاسرة مهم جدا جدا وينحصر في:
1 - عدم تمكين الابناء من اقتناء الجوال المزود بخدمة الشبكات العنكبوتية او ما يسمى الانترنت.
2 - استخدام برامج لقفل المواقع غير المرغوب دخول الاطفال اليها.
3 - التواصل مع المختصين في علاج الادمان لدى مراكز الاستشارات النفسية للاطلاع على عدد ارتفاع حالات ادمان الاطفال على الجوال ومدى وانعكاسه على ادائهم الدراسي وتضررهم منه.
يقول لي احد الاخوة المختصين في احد مراكز الاستشارات والتدريب ان حالات ادمان للاطفال على الجوال اخذة في الارتفاع وانها سببت خوفا شديدا لدى الآباء والامهات على ابنائهم من:
- امراض العمود الفقري.
- والانعزال والوحدة والتيهان وقلة الحركة.
- وعدم الانتباه في الفصول الدراسية وأداء الواجبات المدرسية.
- وعدم الرغبة في مشاركة الاهل والاصدقاء في قضاء بعض الوقت للتحدث معهم...!
إن هذا الموضوع لا يمكن ان يغطيه مقال او حديث او خاطرة.. انما هو موضوع خطير جدا يتطلب المعالجة الفورية بالتعاون الجاد بين الاجهزة التربوية والتعليمية والاسرة، والتعاون الاعلامي في تسليط الضوء على هذه المشكلة المقلقة في المجتمع..!
إننا نربي اجيالا من المجرمين والاباحيين الخارجين على الاعراف المجتمعية وعلى وزارة التربية ادخال مادة او تخصيص برامح التوعية والتحذير من المضار الناتجة عن الهواتف لدى الصغار.