بدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جولة شرق أوسطية جديدة استهلها من اسرائيل ثم الأردن، تهدف إلى الدفع في اتجاه التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة واحتواء التصعيد العسكري في المنطقة، فيما أكد الاتحاد الاوروبي ان معاناة اهالي شمال القطاع لا يمكن تبريرها.
وعقد بلينكن اجتماعا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس بحثا خلاله وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب المتواصلة في قطاع غزة منذ أكثر من عام، وفق بيان لمكتب نتنياهو.
وقد حض بلينكن، رئيس الوزراء الإسرائيلي على الاستفادة من مقتل زعيم حركة «حماس» يحيى السنوار للمضي قدما نحو هدنة في غزة وعلى إتاحة إدخال مزيد من المساعدات إلى غزة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر عقب محادثات نتنياهو وبلينكن ان الأخير «شدد على وجوب الاستفادة من نجاح إسرائيل» في القضاء على السنوار بالتوصل لاتفاق «يضمن الإفراج عن كل الرهائن ووضع حد للنزاع في غزة على نحو يوفر أمنا مستداما للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء».
وشدد بلينكن ايضا على «أهمية أن تتخذ إسرائيل خطوات إضافية لزيادة واستدامة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة وضمان أن تصل هذه المساعدات إلى المدنيين على امتداد» القطاع.
كما جدد وزير الخارجية الأميركي الدعوة إلى «حل ديبلوماسي» في لبنان يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي 1701 الذي أوقف حرب عام 2006 بين اسرائيل وحزب الله.
من جهته، قال نتنياهو إنه بحث مع وزير الخارجية الأميركي في آلية حكم غزة في مرحلة ما بعد الحرب، وأعرب عن أمله في أن يسهم مقتل زعيم حماس في الإفراج عن الرهائن.
وجاء في بيان أصدره مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي عقب محادثات مع بلينكن أن «الطرفين تباحثا في مسألة حكم غزة بعد انتهاء الحرب. وشدد رئيس الوزراء على أن القضاء على زعيم حماس يحيى السنوار قد يكون تأثيره إيجابيا على صعيد عودة الرهائن» المحتجزين في غزة منذ أكثر من عام.
من جهته، قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن التقارير عن شمال غزة مروعة والمعاناة من تجويع وتهجير قسري لا يمكن تبريرها، كما أدان قصف مرافق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وأعرب عن تأييده طلب وقف إطلاق النار الفوري للسماح بتقديم مساعدات إنسانية وتأمين مرور آمن للنازحين في القطاع.
من جهتها، أكدت جامعة الدول العربية أمس ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته لوقف حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني بشكل فوري ووقف جرائمها من قتل وتجويع وتهجير قسري وعرقلة للمساعدات.
وفي إشارة إلى حجم الدمار الهائل الذي تعرض له قطاع غزة، أكد الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية عبدالله الدردي، أن تكلفة إعادة اعماره ستتجاوز الـ 50 مليار دولار.
جاء ذلك في كلمة للدردي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكي ومدير مجموعة الحوكمة ودرء النزاعات في لجنة الأمم المتحدة لغرب آسيا (اسكوا) طارق علمي عقب إطلاق «التقييم الثالث للآثار الاجتماعية والاقتصادية لحرب غزة».
وقال الدردي إن «قطاع غزة يحتاج إلى نحو 550 مليون دولار سنويا لعشر سنوات لمجرد تلبية الاحتياجات الإنسانية وتحقيق تعاف جزئي فقط»، مبينا أن «التعافي يجب ألا ينتظر وقف إطلاق النار، وأن الاعتماد على توفير المساعدات الإنسانية غير كاف».
وأشار إلى أن فلسطين شهدت وضعا كارثيا خلال سنة واحدة، مؤكدا أن «الاستعداد لمرحلة ما بعد النزاع يجب أن يبدأ من الآن».
إلى ذلك، وجهت إدارة مستشفى كمال عدوان الطبي في مخيم جباليا أمس نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي لإنقاذ المنظومة الصحية التي انهارت في شمال قطاع غزة بعد حصار فرضه الاحتلال لمدة ثمانية عشر يوما على التوالي.
وقال مدير المستشفى د.حسام أبوصفية في تصريحات صحافية إن «الدماء تسيل في كل مكان في مشهد تقشعر له الأبدان وطائرات (الكواد كابتر) المسيرة تطلق النيران وتطلب إخلاء المستشفى استمرارا لحرب الإبادة».
وأضاف أبوصفية أن الناس في الشوارع مصابون أمام المستشفى ولا أحد يستطيع نقلهم، واصفا الوضع بـ«الكارثي» في ظل استهداف المستشفى بقذائف المدفعية. وحذر من انهيار المنظومة الصحية بعد أن أصبح مستشفى كمال عدوان مقبرة جماعية من دون وحدة دم ولا مستلزمات ولا كهرباء والطواقم لا تستطيع الوصول إلى مواتير الكهرباء.
وكشف عنه أنه يوجد أكثر من 130 جريحا في باحات المستشفى وأكثر من 14 حالة على أجهزة التنفس الصناعي ولا توجد طواقم طبية كافية.
وأوضح أن القصف متواصل منذ اجتياح المناطق الشمالية في قطاع غزة وما يدور هو إبادة حقيقية في الشوارع وحتى عندما وفر جيش الاحتلال ممرا آمنا قتلوا العائلات النازحة، وهم ملقون في الشوارع.
في غضون ذلك، قتل 32 شخصا على الأقل في هجمات إسرائيلية على تجمعات فلسطينيين في مناطق متفرقة من قطاع غزة أمس فيما واصل الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية في شمال القطاع لليوم الـ18 على التوالي.
وأفادت مصادر أمنية فلسطينية لوكالة أنباء «شينخوا» بأن المدفعية الإسرائيلية استهدفت تجمعا للنازحين في منطقة مشروع بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، ما أدى إلى مقتل 12 شخصا وإصابة عدد آخر بجروح متفاوتة.
وذكر مسعفون فلسطينيون أن الطواقم الطبية انتشلت جثامين 8 قتلى جراء قصف المدفعية الإسرائيلية تجمعا للنازحين في منطقة العلمي بمخيم جباليا للاجئين.
وفي مدينة غزة قتل 8 أشخاص جراء قصف الطائرات الإسرائيلية تجمع فلسطينيين في محيط صالة النجوم بحي الزيتون جنوب المدينة، وفق ما أفاد جهاز الدفاع المدني.
وقال الجهاز في بيان إن طواقمه ووزارة الصحة انتشلت أربعة قتلى وعددا من المصابين بعد استهداف منزل ومجموعة أشخاص في خربة العدس شمال رفح.
هذا، وأعلنت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس» أن حصيلة الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من عام في قطاع غزة ارتفعت إلى 42718 قتيلا على الأقل.
وقالت الوزارة في بيان إنها أحصت «115 شهيدا» نقلوا إلى المستشفيات خلال 48 ساعة، لافتة إلى أن العدد الإجمالي للجرحى ارتفع إلى 100282 منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر.