قال الله عز وجل (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا).
فكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الرحمة مع الأطفال، وكان يعلمهم تعاليم الاسلام والصبر عليهم ويعمل على ترسيخ الاخلاق الحميدة، وكانت معاملته ومواقفه التربوية مع الأطفال نموذجا في التنشئة السليمة، وعلى الآباء والامهات الاقتداء بالرحمة النبوية في معاملته صلى الله عليه وسلم للأطفال من الرفق واللين ومحاسن الاخلاق. روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبّل الحسن بن علي، فقال الأقرع بن حابس: إن لي عشرة من الولد ما قبّلت منهم أحدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من لا يرحم لا يُرحم»، كما روى بريدة بن الخصيب: خطبنا رسول الله، فأقبل الحسن والحسين، فنزل فأخذهما فصعد بهما المنبر ثم قال «إنما أموالكم وأولادكم فتنة»، رأيت هذين فلم أصبر ثم أخذ في الخطبة، وأيضا روى أنس بن مالك: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد، فيجيء الحسن او الحسين فيركب ظهره فيطيل السجود، فيقال: يا نبي الله أطلت السجود، فيقول: ارتحلني ابني فكرهت أن أعجله.
وكان من أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم التربوي ان يبدأ بالسلام على الصغار شأنهم شأن الكبار، فكان على علو منزلته يبدأ بالسلام على الاطفال وذلك لتنمية ثقة الطفل بنفسه وايضا الرفق في معاملتهم، فكان صلى الله عليه وسلم حريصا على حاجات الصغار ويوجههم ويختلط بهم ولا يعزلهم عن الكبار، فقد قال عمر بن أبي سلمة: كنت غلاما في حجر رسول الله وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله: يا غلام، سم الله وكل بيمينك، وكل مما يليك، فما زالت تلك طعمتي بعد، فكان صلى الله عليه وسلم حريصا على تربية وتعليم الصغار كل ما يفيدهم، روى عبدالله بن عباس انه ركب خلف رسول الله يوما فقال له: يا غلام إني معلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، واذا سألت فأسأل الله، وان استعنت فاستعن بالله، واعلم ان الأمة لو اجتمعوا على ان ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وان اجتمعوا على أن يضروك فلن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف.
قال تعالى (فبما رحمة من الله لنت لهم)، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم رحيما بكل الناس، وكان بالأطفال أرحم، فليتخذ الآباء من تعامله صلى الله عليه وسلم مع الأطفال نموذجا يتعلمون منه، فكان صلى الله عليه وسلم يشجع الاطفال على الافعال والخصال الحسنة ويتجاوز عن اخطائهم ويفهمهم ما هو صحيح ويشركهم في مجالسه مع الكبار، يستمعون الخطب وذلك ليتعلموا وتتفتح مداركهم، قال انس بن مالك: خدمت النبي عشر سنين بالمدينة وأنا غلام ليس كل امري كما يشتهي صاحبي ان اكون عليه، ما قال لي فيها: أف، وما قال: لم فعلت هذا؟ أو ألا فعلت هذا.
فلنعلم من السيرة النبوية كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل مع الاطفال ويتركهم يعبرون عن افكارهم ويرفع من همتهم ويحترم مكانة الطفل، ولا يتعامل معه على انه طفل صغير ليس له قيمة بل كان يستثمر فيه لأنه المستقبل.