مقياس القوة
(قل للمخلفين من الأعراب سيدعون إلى قوم أولي بأس شديد.. الآية).
قل للذين تخلفوا من الأعراب (وهم البدو) عن القتال: ستدعون إلى قتال قوم اصحاب بأس شديد في القتال، تقاتلونهم أو يسلمون من غير قتال، فإن تطيعوا الله فيما دعاكم إليه من قتال هؤلاء القوم يؤتكم الجنة وإن تعصوه كما فعلتم حين تخلفتم عن السير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى «مكة» يعذبكم عذابا موجعا.
أصحاب الأعذار
لما أمر الله تعالى بالجهاد بيّن من هو المستثنى من هذا الأمر، وهم أصحاب الأعذار فقال: (ليس على الأعمى حرج ولا على المريض حرج) ليس على الأعمى منكم أيها الناس إثم ولا الأعرج إثم ولا على المريض إثم في أن يتخلفوا عن الجهاد مع المؤمنين.
أكثر الناس توفيقا أصدقهم نية
ثم بين عز وجل من أحّل عليهم رضوانه، ويخاطبنا عز وجل بأنه قد أحل على المؤمنين رضوانه، قد سبق ذلك في كتاب الله عز وجل في علمه الأزلي وأحله عليهم وأبقاه لهم وذلك بدلالة لام القسم التي دخلت على حرف «قد» الذي هو يفيد التحقيق لغة الذي دخل على الجملة الاسمية التي تفيد الثبوت والاستمرار. (لقد رضي الله) رضي: فعل أنه أصل رضوانه قد كان ومستمر فعلم الله ما في قلوب المؤمنين وثبت قلوبهم وعوضهم عما فاتهم بصلح الحديبية، و(فتحا قريبا) وهو فتح «خيبر» ومغانم كثيرة يأخذونها من أموال يهود «خبير» وكان الله عزيزا في انتقامه من أعدائه، حيكما في تدبير أمور خلقه.
سمات أمة محمد صلى الله عليه وسلم
قال عز وجل: (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجّل لكم هذه... الآية) من سمات امة محمد صلى الله عليه وسلم ان الله بفضله ومنه قد أحل لهم الغنائم، لم تكن تحل لأي أمة قبل أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فالله يمتن على عباده المؤمنين، يقول: انه بمنه وكرمه قد تكرم عليهم بمغانم كثيرة يأخذونها في هذه، وفي غيرها، ولكن عجل لهم هذه «خيبر» فكانت فتحا قريبا، وكانت مغانم كثيرة أخذوها فلم ينلكم سوء ما كان أعداؤكم أضمروه لكم من المحاربة والقتال، ومن ان ينالوه ممن تركتموهم وراءكم في المدينة ولتكون هزيمتهم وسلامتكم وغنيمتكم علامة تعتبرون بها وتستدلون على أن الله حافظكم وناصركم ويرشدكم طريقا مستقيما لا اعوجاج فيه.
قدرة الله تعالى
(وأخرى لم تقدروا عليها... الآية) وقد وعدكم الله تعالى غنيمة أخرى لم تقدروا عليهم، الله سبحانه وتعالى قادر عليهم وهي تحت تدبيره وملكه وقد وعدكموها، ولابد من وقوع ما وعد الله به، وكان الله على كل شيء قديرا لا يتعذر عليه شيء.
الضعيف هو من لا يتولاه الله
(ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا) ثم أخبر الله عز وجل عما يكون من الحال لو كان كيف يكون، وهذا علم لا يعلمه الا الله فأخبرنا عز وجل بما يكون قبل أن يكون، فيخاطب الله تعالى نبيه فيقول ان الله قد سن سنة كونية ان النصر لأنبيائه وأوليائه وأن الهزيمة والخسران لأعدائه فلا يغرنّك أيها المؤمن تسلط اهل الجبروت وأهل الكفر فإن مآلهم إلى هلاك وخسران ولا يجدون لهم من دون الله وليا يواليهم على حربكم ولا نصيرا يعينهم على قتالكم.
ألقيت المحاضرة في مسجد فاطمة الجسار بمنطقة الشهداء.