- الطبطبائي: استخدام الهواتف في التجسس وتسجيل المكالمات خيانة للأمانة
- الشمري: تبادل المنشورات عبر مواقع التواصل سلاح ذو حدين أساء استغلاله الكثير
- الحسيني: لا تدع وسائل التواصل تسرق جلّ وقتك ولا تجعل حياتك الشخصية مكشوفة للناس
تشكل وسائل التواصل الاجتماعي اليوم عنصرا مهما وأساسيا في حياة الأفراد، وبالرغم من الايجابيات الكثيرة التي حملتها معها الا ان الاستعمال الخاطئ والمفرط لها أدى إلى آثار سلبية كثيرة. حول كيفية التعامل مع هذه الوسائل بما يوافق الشرع نتعرف على هذه الآراء.
في البداية يقول د. سيد محمد الطبطبائي إن الله عز وجل سخر لنا استخدام التكنولوجيا الحديثة الاستخدام الامثل الذي يتفق مع شريعتنا الاسلامية السمحة وعاداتنا العربية الاصيلة، وفيما أباحه الله عز وجل وليس استخدامه في أمور اخرى قد نهانا الله عنها. وأشار إلى ان المشكلة ليس في الإمكانيات التكنولوجية الهائلة بل في كيفية استعمالها واستخدامها وتوجيهها الوجهة الصحيحة. واضاف: ما نسمع عنه حاليا حول استخدام البعض لأجهزة هواتف نقالة وساعات يدوية مزودة بآلة تصوير واستخدامها بغرض تصوير النساء وقت اجتماعهن من غير حجاب والتجسس عليهن هو أمر محرم، حيث لا يجوز الاحتفاظ بهذه الصور لما في ذلك من كشف للعورات، فضلا عن عدم علم صاحب الصورة التي تم تصويره حين غفلة.
وأكد د.الطبطبائي ان مرتكب هذه الافعال هو شخص ضعيف الايمان وفاسد الخلق، مبينا ان الشريعة الاسلامية كانت صريحة وواضحة في تحريم وتجريم هذا الأمر واستحقاق العقوبة التعزيرية فيه، واستعرض عددا من الامثلة التي تبين سواء استخدام الهاتف النقال كأن يقوم متصل بتسجيل مكالمة هاتفية مع آخر دون اذن منه، وفتح البعض لأجهزتهم الهاتفية وقت الاجتماعات لنقل ما يقال فيها بغير إذن، فهذه امور تعد من باب خيانة الامانة نهتنا الشريعة الاسلامية عنها.
وطالب د.الطبطبائي اصحاب الجوالات بمراقبة الله (ألم يعلم بأن الله يرى) والقائل عز وجل (وهو معكم أين ما كنتم) وقوله (إنني معكما أسمع وأرى).
إساءة الاستخدام
من جهته، يؤكد د.فرحان الشمري أن تقنيات التواصل الحديثة هي في حقيقتها سلاح ذو حدين، إذ ينبغي على المسلم الحذر في التعامل مع التقنيات الحديثة التي جعلت العالم كله قرية واحدة، لأن تأثير مواقع التواصل على عقيدة المسلم إما أن يكون إيجابيا، وإما أن يكون سلبيا، من هنا ينبغي على كل مسلم ان يبذل جهده في نشر الحق الذي يؤمن به وفي نشر العقيدة التي يحملها، ونشر لا إله إلا الله، تلك الكلمة التي لا يعدلها قول أو عمل.
وعلى الرغم من تعدد مزايا وإيجابيات تقنيات التواصل الا ان كثيرا من الناس قد أساؤوا استغلالها وتعاطوا مع جوانبها السلبية، وللأسف فإن الحرام فيها سهل المنال، فقط بمجرد متابعة رابط مشبوه تنفتح ابواب المعاصي والشبهات، كذلك من الأمور الخطيرة متابعة اعداء الاسلام وأهل البدع والضلال الذين يجري تلميعهم والدعاية لممارساتهم الضالة وأفكارهم المنحرفة.
وحذر د.الشمري الناس من اخطار الروابط المشبوهة وما فيها من مواطن الزلل، وقال: فالعاقل من لا يفسد على نفسه الحسنات ولا يضيعها هباء بنشر مقاطع ومنشورات مجهولة وكاذبة تطعن في الدين وتلمز في أهل العلم الثقات، نجد بعض الناس تأتيه المنشورات يأخذها نسخا ولصقا وينشر في المجموعات، فلما تنبهه إلى أن هذا كذب على الله وعلى رسوله يقول «لا أدري.. جاءتني من فلان» لا يا أخي هذا لا يعفيك من الذنب عند الله تعالى، وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من مثل هذه السلوكيات الخاطئة حين قال: «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع) رواه مسلم وصححه الالباني.
ولفت الى ان اعتماد الانسان على منصات التواصل كليا دون تحري الخبر الصادق من الخبر المكذوب لا يبرئ ساحته عند الله تبارك وتعالى، يقول قائل: أنا أريد الأجر ولا استطيع تمييز المنشور الصادق من الباطل. لهذا نقول له: افتح كتاب الله وانسخ آية وانشرها، افتح صحيح البخاري واختر حديثا صحيحا وانسخه وانشره، خذ فتوى من هيئة كبار العلماء وشاركها في منشوراتك، خذ من كتب التفاسير المأمونة الجانب وتعلم وانسخ وانشر، افتح مواقع كبار العلماء، واقرأ وتفقه وفقه عباد الله من مصادر موثوقة، فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم حين يسمعون الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يرجعون إلى أهليهم يخبرونهم بما سمعوا، بمثل هذا تعلم الرجال وتفقهت النساء في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وطالب د. الشمري بأن يقتصر دور المسلم في مواقع التواصل على نشر الثابت والموثوق والمتفق عليه، لا أحد يريد من العامة افتاء ولا استنباط احكام، وإنما فقط الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم «بلغوا عني ولو آية».
الحفاظ على الوقت
من جانبه، طالب الشيخ بندر الحسيني المسلمين بتطويع وسائل التكنولوجيا الحديثة لنفع الأمة، وقال: إن التأثير الحاصل باستخدام المسلمين لمواقع التواصل الاجتماعي عبر الشبكة العنكبوتية واضح وبيّن، فلا يكاد يخلو بيت ولا مكتب ولا هاتف من الاتصال بشبكة الإنترنت، والداعي الى الله لا ينبغي له بحال ان ينفصل عن هذا التقدم الحادث في وسائل الدعوة، فعليه ان يستفيد من هذه التقنيات الحديثة.
وحول الضوابط والأطر التي يمكن للمسلم من خلالها الاستفادة من مواقع التواصل، أكد الحسيني أننا محاطون من كل جانب بآلاف القروبات والمواقع والحسابات على منصات التواصل التي يستغلها البر والفاجر وكل تغريدة او اعادة نشر لخبر او مشاركة فكرة او معلومة هي سلاح ذو حدين، اذا كانت من اجل الخير فالأجر مضاعف، وإن كانت مفتاحا للشر، فنسأل الله العفو والعافية، لذا فإنه ينبغي الا نغفل اهمية التقنيات الحديثة وألا نتركها نهبا لأهل الضلال يعبثون في عقول ابنائنا، ونحن ولله الحمد والمنة نرى عبر مواقع التواصل الكثير من الفوائد، فقد اوجد لنا علماؤنا الأجلاء البديل الناجح الذي نأنس به وسط فوضى المعلومات والأخبار، وصارت ردة فعل المشايخ الأجلاء سريعة تجاه المخالفات والمواقف المنكرة ومجالس العلم وخطب الجمعة تبث مباشرة وتنشر في كل مكان، وأصبح المرء يتابع الدورات العلمية والمحاضرات الشرعية وهو جالس في بيته، فاليوم صار التعليم عن بعد امرا واقعا ليس فقط في محيطنا العربي، وإنما تمتد فوائده الى الاقليات الإسلامية المتعطشة الى التواصل مع اهل العلم في بلادنا.
طرق الاستفادة
وبين الحسيني بعض الخطوات العملية التي تعظم من خلالها الاستفادة من مواقع التواصل، أولها: ألا تسمح لهذه المواقع ان تسرق وقتك بل ينبغي ان تحدد وقتا معينا للتواجد والتواصل بحيث لا يطغى ذلك على عملك او دراستك او نشاطاتك اليومية.
وأما الخطوة الثانية فقال عنها: لابد من التركيز على متابعة مواقع القرآن الكريم سواء مواقع سماع القراء او مواقع حلقات التحفيظ عن بعد، ثم مواقع التحقق من صحة الحديث والتحقق من الفتاوى مجهولة المصدر.
وثالثا: ان تحدد هدفك من دخول المواقع، فالإنترنت أشبه ببحر متلاطم، إن لم تحدد مبتغاك في البحث فيه ستجد أنه استهلك جل وقتك بلا فائدة، وأما الخطوة الرابعة فهي الاحتفاظ بالروابط والمقاطع المفيدة في قائمة المفضلات حتى يتم الرجوع إليها بين الحين والآخر، إنعاشا للذاكرة وحفظا للعلم من التفلت والنسيان.
خامسا وسادسا، ضرورة الفصل ما بين العلاقات الافتراضية على مواقع التواصل وبين العلاقات الإنسانية الحقيقية في الواقع، فلا ينبغي بأي حال ان تؤثر علاقات العالم الافتراضي على علاقاتنا الأسرية والعائلية الحقيقية، فعلاقاتنا بعائلتنا وجيراننا وزملائنا ورواد مساجدنا تظل هي الأصل، ومن ناحية اخرى لا تجعل حياتك الخاصة متاحة للجميع، بعض الناس يصور كل حركة وسكنة في حياته وينشرها فتصير تفاصيل حياته مكشوفة للناس، وربما هذا من مشاكل مواقع التواصل انها تكسر حاجز الخصوصية وتتعدى حدود المسموح وغير المسموح لتصل الى الهوس.
وطالب الحسيني بأن يختار الإنسان المواقع التي تتناسب مع اهتماماته وطموحاته وتخصصه الدراسي او المهني والمداومة على مراجعة قوائم المتابعة وحذف ما لا فائدة منه، وحذر من نشر البيانات الشخصية او اضافة الغرباء والشخصيات المجهولة او فتح روابط غير موثوق بها حتى لا يقع تحت طائلة ابتزاز قراصنة الإنترنت ولصوص الحسابات.