بيروت ـ زينة طباره
قال الباحث والمحلل السياسي د. حارث سليمان في حديث إلى «الأنباء» في قراءة تحليلية شاملة: «في المرحلة الأولى من مخططه العسكري حقق الإسرائيلي في هجومه على حزب الله منذ 23 سبتمبر الماضي حتى اليوم نجاحات وإنجازات غير مسبوقة بالنسبة لتل أبيب».
سليمان لخص الإنجازات الإسرائيلية في أربعة:
1 ـ اغتيال قادة وكوادر «حزب الله» إضافة إلى استهداف مراكزه ومخازن أسلحته.
2 ـ إسقاط مصداقية «حزب الله» فيما يتعلق بمعادلة توازن الرعب وقدراته الصاروخية على الرد بالمثل وأزود.
3 ـ سقوط مقولة كلمة الفصل للالتحام في الميدان.
4 ـ إلحاق كارثة حقيقية غير مسبوقة بالعمران الشيعي في الجنوب والنبطية والضاحية الجنوبية والبقاع الشمالي.
وتابع سليمان: «المقصود هنا بكلمة عمران ليس فقط الأبنية والوحدات السكنية، بل أيضا نمط العيش اليومي للطائفة الشيعية المتجسد بالوحدات الاقتصادية والزراعية والأدبية والفنية والسياحية والأثرية والتربوية والاستشفائية».
وأضاف سليمان: «ليسمح لنا الأمين عام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم بأن نلفت انتباهه إلى أن الميدان ليس فقط رقعة جغرافية تتواجه فيها الجيوش والأعداء، بل يشمل العمران الإنساني والاجتماعي على المستويات كافة بما فيها الذكريات، وبالتالي فإن حماية العمران من ألفه إلى يائه تؤلم العدو بثباتها واستمراريتها أكثر مما تؤلمه القدرات الصاروخية والمسيرات والمدفعية البعيدة المدى، خصوصا أن الشيعة في لبنان لا ينتمون بأكملهم إلى حزب الله ولا يؤيدون التسلح خارج نطاق الشرعية. وهناك شريحة واسعة لا يستهان بها ترفض الحرب وسفك الدماء والدمار والتهجير وإنهاء أحلام الناس وطموحاتهم».
ورأى سليمان أن «المطلوب على جناح السرعة عقد اتفاق أو تسوية مع إسرائيل نصل من خلاله إلى وقف فوري لإطلاق النار، خصوصا أن هذه الحرب دون جدوى ولا فائدة منها، وقد أوصلتنا إلى كارثة كبيرة غير مسبوقة كان باستطاعة حزب الله تفاديها وإبعاد الكأس المرة عن لبنان عموما والطائفة الشيعية خصوصا. والمقارنة بين ما تعرض له لبنان والعمران الشيعي، وبين ما أصيبت به إسرائيل من أذى على المستويين البشري والعمراني تبعث على الخجل والحزن والاشمئزاز».
وأردف: «استغلت ايران عملية «طوفان الأقصى» لتدفع بحزب الله وشيعة لبنان إلى الانتحار من أجل فتح باب التفاوض مع الولايات المتحدة، في محاولة لانتزاع مصالحة معها خلال عهد الرئيس جو بايدن، إلا أن هذه المحاولة الإيرانية لم ترق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فاتخذ قراره الاستراتيجي بسحب واشنطن إلى حرب ضد طهران بهدف قطع الطريق على أي مصالحة ايرانية - أميركية لا يكون أمن إسرائيل الجزء الأبرز والأكثر أهمية فيها. لكن بعدما فشلت ايران في تحقيق مرامها وخسر الحزب الديموقراطي الانتخابات الرئاسية الأميركية تمسكت بعدم وقف إطلاق النار في لبنان وغزة لدفع الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى إفساح المجال أمام مصالحة تاريخية بين البلدين».
وأضاف سليمان ردا على سؤال: «لن يقبل اليمين الإسرائيلي بأن يكون وقف إطلاق النار في غزة ولبنان ثمرة اتفاق أميركي ايراني، ليقين نتنياهو بأن هذه المعادلة ستعطي ايران مفتاح الحرب والسلم في المنطقة. وهذا الأمر إن أكد على شيء فهو ان نتنياهو سيتابع حربه ضد حزب الله ويوسع نطاقها داخل لبنان وفي سورية وحتى في الداخل الايراني اذا اقتضى الأمر. وحراك كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي مضيعة للوقت ليس إلا».
وتابع في سياق رده قائلا: «التسوية بين لبنان وإسرائيل حول تطبيق القرار الأممي 1701 لن تتحقق إلا وفقا للقراءة الغربية القائمة على تلازمه مع تطبيق المندرج 1559 منه، أي إنهاء كل ظهور مسلح فوق الارض وتحتها في جنوب الليطاني، إضافة إلى ضبط المطار ومرفأ بيروت والمعابر الحدودية مع سورية لمنع توريد السلاح إلى غير الشرعية اللبنانية. والأهم تسليم حزب الله لسلاحه إلى الجيش اللبناني. لكن ما يجب التوقف عنده هو أن المسودة الأميركية لوقف إطلاق النار والتي حملتها السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون إلى كل من الرئيسين بري وميقاتي، تعطي إسرائيل حق التدخل العسكري في كل ما لا تراه مناسبا لأمنها، ما يعني ان المسودة الأميركية المعروضة على الدولة اللبنانية عقد إذعان كامل الأوصاف والمواصفات، لا يمكن للبنان أن يقبل به».