بيروت ـ ناجي شربل وأحمد عز الدين وبولين فاضل
بدا واضحا أن طائرة المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين تحركت في اتجاه بيروت على وقع الارتجاجات في تل أبيب، الناجمة عن صاروخ باليستي أطلقه «حزب الله»، إضافة إلى استهدافه الساحل الإسرائيلي من نهاريا إلى حيفا.
ومن منبر الرئاسة الثانية في عين التينة، وبعد لقاء مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري استمر ساعتين، وجه هوكشتاين كلمة مقتضبة إلى اللبنانيين، أشار فيها إلى «لقاء بناء مع الرئيس بري». واعتذر عن تلقي أسئلة من الصحافيين. وقال: «كان الاجتماع بناء ومفيدا للغاية، وعدت إلى بيروت لأن أمامنا فرصة حقيقية للوصول إلى نهاية للنزاع. والقرار يبقى للأفرقاء، والحل أصبح قريبا. وهناك نافذة، ولا أريد مناقشة التفاوض في العلن». وتحدث «عن نقاشات لتضييق الخلافات، ونحن مستمرون بها».
والتقى هوكشتاين بعد الظهر قائد الجيش العماد جوزف عون في مكتبه باليرزة، كما التقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السرايا، بحضور وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب والسفيرة الاميركية ليزا جونسون.
وفي خلال الاجتماع، جدد ميقاتي التأكيد «أن الأولوية لدى الحكومة هي وقف اطلاق النار والعدوان على لبنان وحفظ السيادة اللبنانية، وكل ما يحقق هذا الهدف له الأولوية».
وأشار إلى «ان الهم الأساس لدى الحكومة هو عودة النازحين سريعا إلى قراهم وبلداتهم ووقف حرب الابادة الاسرائيلية والتدمير العبثي الحاصل للبلدات اللبنانية». وشدد على «تطبيق القرارات الدولية الواضحة، وتعزيز سلطة الجيش في الجنوب».
وانحصر الجدل في زيارة هوكشتاين إلى بيروت بـ«العقدة الأساسية» في مسودة الورقة الأميركية، والتي تعطي الحق لإسرائيل بالمراقبة الدائمة في لبنان، كما كانت الحال في غزة بموجب «أوسلو». وفي هذا السياق، قال مسؤول سياسي رفيع اضطلع بدور في كافة العهود الرئاسية منذ 1982 لـ«الأنباء»: «هذا الأمر غير وارد بالنسبة إلى لبنان».
وأقر بأن «الفريقين إسرائيل وحزب الله ومن خلفهما السلطة الرسمية اللبنانية) لن يتراجعا بسهولة، رغم الضغط الملقى على عاتق الرئيس نبيه بري لجهة إيجاد حلول سريعة تتيح عودة النازحين إلى بلداتهم وقراهم، تمهيدا لإطلاق ورشة إعادة الإعمار».
وتابع المسؤول السياسي: «هناك كلام في الفقرة المتعلقة بلجنة الرقابة وبدور اليونيفيل وسيتم التفاوض بشأنها».
ورأى «ان الفريقين يريدان التوصل إلى اتفاق.. الحزب لأن جمهوره تعب وهو مشرد حاليا وبيوته مدمرة، إلى كونه (الحزب) مرهق اقتصاديا بعد كل المصاريف التي يتكبدها لتأمين ناسه من النازحين والمقيمين على حد سواء».
كذلك، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ربح واستعاد شعبية كان خسرها بعد غزة، وقتل السيد حسن نصرالله وكل التركيبة من الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية وخليفته يحيى السنوار إلى معظم قيادات الداخل (...) الفريقان يريدان استعادة الانفاس، لذا اعتقد ان الاتفاق سيبصر النور، من دون إسقاط مروره بمخاض عسير. وسيأتي الاتفاق وفق نتيجة يظهر الحزب رابحا في مكان ما خصوصا في الجنوب لجهة عدم تمكين العدو من احتلال القرى الجنوبية.. في المقابل، فإن نتنياهو جاهر بتدمير 70 إلى 80% من قدرات الحزب، وانه سيستمر في حملة منع إعادة تسليح الحزب».
وتطرق إلى «الموقف الأميركي الحازم بالوصول إلى اتفاق، أيا يكن الثمن، ويمكن ملاحظة حجم الضغط الأميركي على نتنياهو بتحريك مسألة التحقيق معه ودور المدعية العامة، وصولا إلى تطيير الحكومة، ذلك ان الرئيس جو بايدن لم يبلع إقالة نتنياهو لوزير الدفاع السابق يوآف غالانت الأميركي الهوى».
كذلك، قال مصدر مطلع ومتابع لمسار المفاوضات لـ«الأنباء»: «وضع الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي الرد على المسودة الأميركية. بينما تردد أن حزب الله لم يقدم ردا مكتوبا، بل اكتفى بملاحظات تمت صياغتها مع الرئيس بري وأرسل الرد إلى السفارة الأميركية».
وأضاف المصدر: «عندما تبين لواشنطن أن الرد لا يتضمن موقفا واضحا وتأكيدا من حزب الله، اعتبرت أن الموضوع غير مكتمل، وصرفت النظر عن الزيارة التي ينظر اليها كل من الجانبين اللبناني والأميركي على أنها مفصلية. وقد شدد الجانب الأميركي على التزام واضح من الحزب. وانطلق من سابقة الاجتماع الثلاثي لبري وميقاتي ووليد جنبلاط في 2 أكتوبر الماضي، والتي أعتبرها الأميركيون ناقصة بعدم ورود وقف واضح لحزب الله فيها».
توازيا، صدرت مواقف معارضة لحصر التفاوض مع إسرائيل بالرئيس بري باعتباره ممثلا لـ«حزب الله».
وأعلن تكتل «الجمهورية القوية» والهيئة التنفيذية في حزب «القوات اللبنانية» بعد اجتماع عبر تقنية «زووم» برئاسة د.سمير جعجع، انه «لا يكفي الشعب اللبناني أن هناك من ورطه في حرب لا علاقة له ولا لدولته بها لا من قريب ولا من بعيد، وأدت إلى ما أدت إليه من مجازر وموت وتهجير ودمار وكوارث وأهوال، حتى هاله الحديث عن تفاوض بين من ورطه في هذه الحرب على أرضه، أي بين إسرائيل وإيران من خلال «حزب الله»، لأنه إذا كان تغييب دور الدولة اللبنانية هو الذي أدى إلى هذه الحرب، فإن الخروج من الحرب إلى الاستقرار الثابت لا يكون بمواصلة تغييب دور هذه الدولة.
وعليه، تم التأكيد أن التفاوض الجاري هو بين إسرائيل و«حزب الله» وليس بين إسرائيل والدولة اللبنانية، ولا يعبر عن إرادة اللبنانيين وتطلعاتهم إلى سيادة ناجزة تم تغييبها منذ 34 عاما إلى اليوم، كما تم التأكيد أن أي تفاوض يجب ان تتولاه الدولة حصرا، وينبغي ان يتم وفقا للأحكام الدستورية المعنية، كما يجب ان يكون بشروط الدولة، أي وفقا للنصوص المرجعية، بدءا باتفاق الطائف، وصولا إلى القرارات الدولية 1559، 1680 و1701، وأي تفاوض يجب أن يتولاه رئيس الجمهورية، وهذا ما يفسر أحد الأسباب الرئيسية لتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية».
حياتيا، وفي مراكز الإيواء في المناطق، بادر «حزب الله» إلى توزيع مساعدات مادية بقيمة 400 دولار أميركي للعائلة النازحة، فضلا عن تأمين مساعدات عينية ومادة المازوت للتدفئة إلى آلات خاصة بالتدفئة. في حين يتولى الدفاع المدني اللبناني تزويد مراكز الإيواء بالمياه في شكل شبه يومي.
في حين دعت بلدية صور إلى ترشيد استهلاك المياه بعد انقطاعها جراء استهداف محطة المياه في المدينة، ضمن سلسلة الغارات التي تتعرض لها كل أحياء المدينة التاريخية.