بيروت - زينة طبارة
رأى النائب الطبيب البروفيسور عبدالرحمن البزري في حديث إلى «الأنباء» ان اتفاقية الهدنة بين «حزب الله» وإسرائيل وضعت لبنان أمام مسار من خمس مراحل أساسية لا بد من عبورها للوصول إلى بناء الدولة الحقيقية القوية والعادلة.
وقال: «نفذت حكومة تصريف الأعمال اثنتين منها، تمثلت الأولى بوقف العدوان ووضع حد لمنهجية الدمار التي اعتمدها العدو الإسرائيلي في استهدافه المدن والمناطق اللبنانية، فيما تمثلت الثانية بإعادة إحياء القرار 1701 وتطبيقه، وبالتالي تكليف الجيش اللبناني الانتشار جنوب الليطاني لفرض الأمن والاستقرار. أما المراحل الثلاث المتبقية، فتقتضي الاولى منها إعادة إعمار ما هدمته الآلة العسكرية الإسرائيلية، والثانية استعادة الحياة السياسية على ان تكون أولى محطاتها انتخاب رئيس للجمهورية وعودة الانتظام العام إلى المؤسسات الدستورية والبدء بالإصلاحات على اختلاف أنواعها، فيما تقتضي الثالثة ترميم علاقات لبنان مع الدول العربية الشقيقة والغربية الصديقة».
وأضاف: «لا خلاص للبنانيين الا بقيام الدولة وبتعزيز دور الجيش وقدراته لفرض هيبة الدولة وبسط نفوذها، خصوصا أن اللبنانيين على اختلاف طوائفهم ومشاربهم يثقون بالمؤسسة العسكرية ويؤيدون انتشار الجيش ليس فقط في جنوب الليطاني، بل على مساحة لبنان ككل، وعلينا بالتالي رئاسة وحكومة ومجلسا نيابيا العمل على تسليح الجيش وزيادة عديده، والأهم متابعة الوعود الخارجية لاسيما ما أطلق منها في مؤتمر باريس والمتعلقة بدعم الجيش وتمويله ومده بالأسلحة والاعتدة والآليات النوعية التي تجعل منه قوة رادعة قادرة على حماية لبنان واللبنانيين».
وردا على سؤال، قال البزري: «دفع لبنان على مدى ثلاثين عاما من عمره أثمانا باهظة نتيجة إدارته بطرق ملتوية أضعفت مناعته وكبلت مؤسساته، لاسيما الدستورية منها. فالمنظومات الحزبية والسياسية التي تولت إدارة البلاد، لم تفلح طوال العهود المنصرمة إلا ببناء دولة الزعيم والمحاسيب، لكننا اليوم أمام نافذة ذهبية حقيقية للدخول منها في مرحلة تعافي النظام وبناء دولة القانون والمؤسسات والمواطنة الصالحة. والمطلوب بالتالي التزام لبنان باتفاقية وقف إطلاق النار وتطبيق القرار الدولي 1701 بالتوازي مع تطبيق كامل اتفاق الطائف بعدما طبق بشكل مجتزأ واستنسابي».
وفي سياق قراءته للمرحلة المقبلة، قال البزري: «أبرز المواقف التي تؤشر إلى انطلاق لبنان باتجاه التعافي، تجلت بدعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري نواب الأمة إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في التاسع من يناير المقبل. لكن يبقى السؤال: أي رئيس يحتاج إليه لبنان؟ وللإجابة عن هذا السؤال علينا استعراض الميزات الخمس التي يتمتع بها رئيس الدولة ولا يتمتع بها أي موقع رئاسي آخر، فهو رمز البلاد، والقائد الاعلى للقوات المسلحة، والوحيد الذي يقسم على الدستور ويحميه من التجاوزات السياسية، والحكم بين اللبنانيين، وصاحب الموقع الاول في البلاد الذي يحكم بالشراكة مع رئيس الوزراء لما لديه من صلاحيات تنفيذية مدته بها وثيقة الوفاق الوطني، لذا فالمطلوب رئيس تليق به تلك الميزات على ان يكون محاطا بدعم شعبي وسياسي غير مسبوق، بغض النظر عمن انتخبه أو أحجم عن انتخابه».
وعن الأجندة الرئاسية المطلوبة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان، لفت البزري إلى «ان اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية والطائفية أكدوا وتوافقوا على ان اتفاق الطائف هو القاعدة التي ستبنى عليه دولة القانون والمؤسسات، والمطلوب بالتالي ان تكون العودة إلى هذا الاتفاق أبرز ما في الأجندة الرئاسية من مسارات وطنية، يليها اعتماد الاستراتيجية الدفاعية التي هي بالأساس من مسؤولية الدولة اللبنانية ممثلة برئيس الجمهورية وبالسلطتين التنفيذية والتشريعية في تأمين مستلزمات الدفاع عن الوطن، على ان يكون العماد الوحيد للاستراتيجية الدفاعية هو الجيش اللبناني لا غير».
وعما اذا كانت الميزات الخمس المذكورة أعلاه تليق بقائد الجيش العماد جوزف عون كي يتبوأ سدة الرئاسة، قال البزري: «لا أحد يستطيع ان ينكر على العماد عون مناقبيته ونجاحه في إدارة المؤسسة العسكرية وإبقائها خارج سلسلة الانهيارات التي طالت مؤسسات الدولة، وفي حماية السلم الاهلي واللحمة الوطنية، وهي ثوابت دمغت مسيرته العسكرية، ومنحته ثقة الداخل والخارج به وبالتالي إمكانية الترشح لرئاسة الجمهورية انطلاقا من كونه ابن الطائفة المارونية الكريمة، لا بل جعلته في موقع متقدم بين المرشحين للرئاسة، إلا أن ظروف انتخاب الرئيس تفرضها وقائع إيجابية ولحظة مؤاتية».