بيروت - اتحاد درويش
رئيس قسم الكيمياء في جامعة القديس يوسف الخبير البيئي د.شربل عفيف شرح لـ «الأنباء» مخاطر الأسلحة المستخدمة في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان.
وقال: «استخدمت إسرائيل في هذه الحرب شتى أنواع الأسلحة المدمرة لصحة الإنسان والبيئة، ولاسيما الأسلحة المحرمة دوليا، بينها صواريخ تحتوي على مواد حارقة.
هذه الأسلحة أدت إلى دمار واسع بمختلف القطاعات وبقسم واسع جدا من الأبنية السكنية التي سويت أرضا وخلفت ركاما هائلا نتجت عنه أثناء حصول الغارات ملوثات غازية من أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد النيتروجين ومواد غازية عضوية وجزيئات دقيقة صغيرة جدا قطرها أقل 25 مرة من قطرة شعرة».
إلى جانب ما تقدم، تابع د.عفيف: «هذه الجزيئيات تنتشر في الهواء وتحتوي على مواد سامة. وهي بخلاف الغبار في الصحراء الذي هو طبيعي وإن كان يسبب لدى مرضى الربو وكبار السن وحتى الصغار مشاكل في التنفس، إنما ما هو مصدره غير الطبيعة يؤدي إلى مشاكل أكبر لأنه يحمل مواد كيميائية مضرة. وفي حالتنا هنا بعد الحرب الإسرائيلية تحتوي المخلفات على معادن ثقيلة وديوكسين تنتشر على مسافات طويلة من 5 إلى 10 كيلومترات، وتؤدي إلى مشاكل صحية على المديين القصير والطويل».
وتابع عفيف: «لا تقتصر الأضرار التي تسببت فيها الحرب العدوانية على لبنان على البشر والحجر، بل طالت مساحات من الأراضي الزراعية والأحراج. ولامس قسم كبير من الغبار الذي نجم عن الغارات وانتشر في الهواء، الأرض، أي المزروعات والعشب والمياه.
كذلك هناك ماشية ترعى من هذا العشب وتشرب من المياه الملوثة بفعل المواد الموجودة في الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل، ما سيؤدي بالتالي إلى ضرر صحي نتيجة تناول اللحوم والخضار والفاكهة، عدا عن المياه الجوفية التي أصابها التلوث الذي سيزيد مع تساقط الأمطار التي ستنظف الجو، إنما يزيد من المشكلة التي لن تختفي راهنا، بل ستنتقل إلى المياه والتربة».
وذكر عفيف «أن القنابل الفوسفورية تؤثر على التربة والمياه بشكل كبير إذا استخدمت على نطاق واسع، وتنتج عنها ملوثات تعرض السلامة العامة للمخاطر، لأن الفوسفور الأبيض يبقى القليل منه غير متفاعل في بعض الأحيان، فينشأ عليه غشاء يحمي الفوسفور ويبقيه فعالا لغاية 14 يوما كحد أقصى قبل أن يستنفد تلقائيا.
كما تظهر الطحالب على سطح المياه والبحيرات عند وجود كميات كبيرة». وعن المدى الزمني الذي تستغرقه الملوثات الغازية، أوضح د.عفيف «أن هناك مواد كيميائية عمرها طويل ولا تتحلل بسهولة، وذلك وفقا للمواد المترسبة، منها ما يأخذ أشهرا ليتحلل ويصبح تركيزها ضعيفا جدا ولا يجعل أثرها خطرا إلا بحسب الكمية التي نستنشقها أو نشربها أو نأكلها وتخزن في الجسم. والموضوع هنا ليس التركيز فقط، إنما أيضا المدة الزمنية التي نحن معرضون خلالها لهذه المواد».
وعن سبل الوقاية من الملوثات والتخلص من الركام الذي سببته الحرب، قال د.عفيف: «إننا في فترة نشهد فيها رفع الركام والردميات في المناطق التي تعرضت لدمار شامل وواسع، وسلاح الهندسة في الجيش اللبناني يتأكد أولا من الصواريخ التي لم تنفجر، ومن ثم علينا أن نلجأ إلى فحص الردم لمعرفة كمية الملوثات الخطرة الموجودة ومدى تركزها. وإذا كانت الكمية عالية تعتبر مواد خطرة يجب العمل عليها بطرق أخرى.
ومن بين الحلول التي يجري دراستها والتشاور بشأنها، والتي طرحت في النقاشات الجارية مع وزارة البيئة وعدد من الخبراء من جامعات مختلفة بهدف معالجة هذه الردميات والركام في المستقبل القريب، ترميم المقالع غير الشرعية التي شوهت الطبيعة اللبنانية الخلابة، على أن تسبق ذلك عملية فرز للردميات والركام الذي يحتوي كله على مكونات مختلفة كالحديد والبلاستيك والمطاط، وغير ذلك مما تحطم وتكسر من زجاج وأثاث منازل وفصلهم عن بعضهم البعض.
بعد ذلك يتم الذهاب إلى عملية التدوير، أي إعادة تدوير المواد الممكنة على طريقة التعامل مع النفايات الصلبة وطريقة إدارتها كالحديد مثلا. وفي حال وجود مواد خطرة يجري التعامل معها على أنها مواد خطرة وتعالج في مطامر خاصة بها. وكما سبقت الإشارة، فإن ما لا يمكن تدويره يستخدم في المقالع غير الشرعية».