بدأ صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر وسمو الشيخة جواهر بنت حمد بن سحيم آل ثاني حرم سموه ، زيارة دولة للمملكة المتحدة تستغرق يومين، حيث استقبلهما الملك تشالز الثالث.
ووفق وكالة الأنباء القطرية "قنا" بدأت مراسم الاستقبال بالتحية الملكية وعزف النشيد الوطني لدولة قطر، بعدها تم استعراض حرس الشرف الملكي.
وعقب ذلك اصطحب الملك تشالز الثالث، أمير قطر وحرمه إلى قصر باكنغهام بالعربات الملكية التقليدية، فيما عزف السلامان القطري والبريطاني تحية لهما، وأطلقت المدفعية الملكية اثنتين وثمانين طلقة.
وقد منح الملك تشالز أمير قطر وسام الفارس الكبير، أعلى وسام بريطاني تقديرا للعلاقات المتميزة التي تربط البلدين، فيما منح أمير قطر الملك تشارلز سيف المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني أرفع الأوسمة في الدولة.
كما التقى الشيخ تميم بن حمد مع صاحب السمو الملكي الأمير وليام ولي عهد المملكة المتحدة أمير ويلز، وذلك في قصر كينغستون بالعاصمة البريطانية لندن.
وجرى خلال اللقاء مناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المتبادل.
وقام أمير قطر ، بزيارة إلى قصر ويستمنستر مقر البرلمان البريطاني، ألقى خلالها كلمة أمام عدد من أعضاء البرلمان البريطاني، أعرب فيها عن بالغ الشكر والتقدير لرئيسي مجلس اللوردات ومجلس العموم وأعضاء المجلسين والشعب البريطاني الصديق على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة التي قوبل بها والوفد المرافق خلال الزيارة.
وأشار الشيخ تميم بن حمد، في معرض حديثه، إلى أن دولة قطر طورت نظامها الدستوري انسجاما مع تقاليدها وخصوصيتها الثقافية، مؤكدا على أن أول تفاعل بين البلدين بدأ مع توقيعهما على معاهدة عام 1868، منوها سموه بما شهدته العلاقات من نمو وشراكات متعددة منذ ذلك الحين.
واستذكر وصف الملكة الراحلة إليزابيث الثانية لعلاقات البلدين، خلال زيارة سابقة له، بكونها علاقة صديقين عريقين وموثوقين، مضيفا بأن مشاعر المودة المتبادلة بين الأسرتين الحاكمتين تتجسد فيما يجمع الشعبين القطري والبريطاني من روابط تشكلت من خلال التعليم والدبلوماسية والأعمال والثقافة والسياحة.
وتطرق أيضا إلى تجربته التعليمية في مدرسة شيربورن وأكاديمية ساند هيرست العسكرية الملكية، لافتا إلى أنها مثلت فرصة لبناء صداقات طويلة، وذكريات جميلة عن التدريبات والدروس التعليمية، والتي شكلت بدورها مصدر إلهام للتعاون المستمر بين البلدين.
وفي هذا الصدد، أشار إلى اشتراك القوات الجوية الأميرية القطرية في السرب المشترك لطائرات "تايفون" بطيارين بريطانيين وقطريين، مؤكدا على أن هذا السرب عمل على تأمين أجواء الدولة خلال بطولة كأس العالم 2022 في قطر، فيما يقوم سرب آخر بتدريب الطيارين القطريين على طائرات التدريب النفاثة المتقدمة من طراز هوك، منوها سموه بأن زيارته تمثل فرصة لمناقشة زيادة التعاون العسكري والدفاعي والأمني المشترك، عبر تعزيز سياسة واستراتيجية الدفاع وممارساته، من حيث المعدات والتدريب.
وفيما يتعلق بتعاون البلدين على المستوى الحكومي، بين سمو الأمير أنهما يعملان معا طيلة عقود، لحل العديد من التحديات العالمية الكبرى، معتبرا سموه أن هذا النهج الموحد يكتسي أهمية خاصة في هذا الوقت الذي يوشك فيه إطار الدبلوماسية العالمية أن يتداعى.
وفيما يتعلق بالحرب على قطاع غزة، شدد على أن دولة قطر عملت منذ اليوم الأول للصراع كوسيط إلى جانب شركائها سعيا إلى وقف العنف وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين وتمكين وصول المساعدات الإنسانية، لافتا سموه إلى أنه ما يزال هناك عمل كثير للقيام به، خاصة في قطاع غزة الذي تعرض لتدمير شبه كامل، مشيدا بما تحقق من نجاحات في العام الماضي.
كما أكد الشيخ تميم بن حمد على موقف البلدين بشأن حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين عبر إقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة، معتبرا سموه أن هذا هو المسار لتحقيق السلام الحقيقي والازدهار المنشود.
وفيما يتعلق بشراكة البلدين الاستراتيجية في الاستثمار، أعرب أمير قطر عن حرصه على تعزيز التعاون المتبادل بهذا الخصوص، مشيرا إلى أن الشركات القطرية استثمرت أكثر من 100 مليار جنيه إسترليني في الاقتصاد البريطاني، كما تعمل على ضخ مليارات الدولارات سنويا في قطاع السياحة. كما عبر سموه عن تطلع دولة قطر إلى زيادة الاستثمار في قطاعات البنية التحتية والعلوم والتكنولوجيا، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والدفاع والتعليم، بالإضافة إلى الرعاية والتكنولوجيا الصحية.
وحول التبادل التعليمي بين البلدين، أكد على أن التعاون في هذا المجال يعزز علاقات تعود بالنفع على كلا البلدين في المستقبل البعيد، لافتا سموه إلى أن أكثر من ثلاثة آلاف طالب قطري يدرسون في مختلف مدن المملكة المتحدة، علاوة على عشرات الآلاف من الخريجين.
ونوه بالجامعات البريطانية التي تعمل في دولة قطر، من خلال تقديم برامجها للطلاب داخل الدولة ومن كامل المنطقة.
وكان كل من ليندسي هويل رئيس مجلس العموم، واللورد ماك فول رئيس مجلس اللوردات، قد رحبا، في كلمتيهما، بأمير قطر والوفد المرافق، مؤكدين على متانة العلاقات القطرية البريطانية، حيث أعربا عن حرص بلادهما على توطيد هذه العلاقات في مختلف المجالات، وتطلع بلادهما إلى مواصلة التعاون الوثيق في قضايا الأمن الإقليمي والاستقرار في المنطقة.
وكان رئيس وزراء المملكة المتحدة كير ستارمر أكد أن زيارة الدولة التي يقوم بها الشيخ تميم بن حمد إلى بريطانيا فرصة لتوثيق العلاقات بين البلدين بشكل أكبر.
وقال ستارمر في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية (قنا): «نثمن عاليا علاقتنا مع قطر. وزيارة الدولة التي يقوم بها سمو الأمير فرصة لتسريع وتيرة التقدم في أولوياتنا المشتركة من النمو الاقتصادي الذي يخلق فرصا لبلدينا، إضافة إلى الأمن الإقليمي الذي يدعم الاستقرار العالمي».
وأضاف أن العلاقات بين البلدين عادت بفوائد كبيرة على كل من المملكة المتحدة وقطر ونتطلع للمزيد في المستقبل.
وأكد رئيس الوزراء البريطاني في ختام تصريحه أنه ما زال هناك الكثير لتوثيق العلاقات بين البلدين بشكل أكبر من خلال إقامة علاقات ثقافية أعمق، وزيادة الاستثمارات المتبادلة، ومواصلة التعاون الوثيق في مجالي الأمن والدفاع.
بدوره، أعرب وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، عن سعادته البالغة بالزيارة، منوها بالصداقة العميقة والوثيقة التي تربط البلدين.
وقال لامي في تصريحات لـ «قنا»: «قطر واحدة من أهم الشركاء التجاريين للمملكة المتحدة في الشرق الأوسط، كما أنها شريك مهم جدا في مجال الدفاع، وتقوم بدور رائد في عملية الوساطة العالمية وفض النزاعات، وتعمل مع المملكة المتحدة على مواجهة التحديات السياسية التي تفرضها الظروف والأحداث العالمية»، موضحا أن «زيارة سمو الأمير فرصة للاحتفاء بعلاقتنا الثنائية العميقة والدائمة والمستدامة، خاصة أنها أول زيارة دولة في ظل حكومتنا الجديدة».
وتتناول المحادثات في داونينغ ستريت الوضع في الشرق الأوسط، لاسيما أن قطر تشارك مع الولايات المتحدة ومصر في الجهود الديبلوماسية الجارية من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين فيه.
وتأمل الحكومة العمالية التي وصلت إلى السلطة في يوليو أن توقع قريبا اتفاقية تجارية مع مجلس التعاون الخليجي.
وستسمح هذه الاتفاقية قيد التفاوض منذ عام 2021، بضخ نحو 1.6 مليار جنيه إسترليني (ملياري دولار) في الاقتصاد البريطاني، وفقا للحكومة البريطانية التي تشير إلى أن التبادلات التجارية بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي تبلغ 57 مليار جنيه إسترليني (72 مليار دولار).
وأكد وزير التجارة البريطاني جوناثان رينولدز خلال زيارة إلى الخليج في الخريف أن «ضمان مثل هذا الاتفاق هو أولوية للمملكة المتحدة».
كذلك تأمل لندن في اجتذاب استثمارات من الصناديق السيادية الخليجية.
وتقدر استثمارات قطر في الاقتصاد البريطاني بأكثر من 40 مليار جنيه إسترليني. وأعربت الدوحة في عام 2022 عن نيتها استثمار ما يصل إلى 10 مليارات جنيه إسترليني في البلاد بحلول عام 2027.