بيروت - ناجي شربل وأحمد عز الدين
في مقابل الوضع الجنوبي المشحون هناك حركة نشطة سياسيا حول الملف الرئاسي. وفي هذا الإطار، أكد مصدر نيابي بارز لـ «الأنباء» تفاؤل رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية في 9 يناير المقبل.
وقال المصدر النيابي ان بري «يعول كثيرا على تأمين التوافق المطلوب بأكثرية الثلثين على الأقل لانتخاب رئيس، ولكي يستطيع الرئيس الجديد الانطلاق بقوة وتشكيل حكومة فاعلة».
وفي رد غير مباشر على المطالبة بأن تكون الجلسات مفتوحة وليست جلسة واحدة يطير بعدها النصاب، قال المصدر: «نريد أكثر من ذلك أي اكثر من النصف زائدا واحدا، بل نتطلع إلى أكثر من الثلثين في الجلسة الأولى. ولو كانت هناك جلسة واحدة، لما كان الإعلان عن النية بدعوة السفراء إلى الجلسة التي ستستمر لوضع حد للشغور الرئاسي».
في الشكل والمضمون يعمل رئيس المجلس على انتخاب رئيس توافقي. لكن الأرض تخالف تطلعاته بإصرار الفرقاء، كل على موقفه، لجهة تأمين وصول رئيس من هذا الخط أو ذاك، أو التقاطع على مرشح تكون فيها لكل فريق حصة ما.
من هنا قال مسؤول سياسي رفيع لـ«الأنباء»: «تعمد رئيس المجلس منح الاستحقاق الرئاسي ما يستحق من وقت كاف للتحضير في عده التنازلي، سعيا إلى توفير فرص تلاق بين الأفرقاء، وحشد أكبر تأييد واسع حول مرشح معين أو مواصفات خاصة بالرئيس المقبل، علما ان رئيس المجلس يركز على الأسماء أكثر من المواصفات، تمهيدا لإنجاز الملف الرئاسي المتعثر منذ 31 أكتوبر 2022 تاريخ نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال عون».
وتابع المسؤول السياسي الرفيع: «طرح الرئيس بري أسماء جدية، يدرك انها ستلاقي قبولا واسعا، من دون إسقاط توقع اعتراضات على بعضها. الا ان الغاية هي الوصول إلى تلاق من دون استبعاد أحد من الأفرقاء، بغية توفير فرصة لنجاح العهد الجديد. وهو يكثف اتصالاته مع الجميع من دون استثناء، سواء بشكل مباشر أو عبر وسطاء شخصيين من فريق عمله. ويحرص على المشاركة اللبنانية في إنتاج رئيس جديد للجمهورية، لقناعته بأن المشاركة المحلية تكفل توفير دعم دولي وإقليمي للعهد الجديد».
وأضاف المسؤول السياسي الرفيع: «يدرك الرئيس بري ان بقية الأبواب ستفتح بسهولة لجهة تشكيل حكومة بعد الاتفاق على رئيسها المكلف، وهو أي بري، يريد مشاركة الجميع في الحكومة سعيا لمواكبة إعادة الإعمار المرتقبة في البلاد».
الكلام الإيجابي للمسؤول السياسي الرفيع لم يسقط ما تحمله الأيام الفاصلة عن جلسة التاسع من يناير المقبل من شد حبال. الا ان رياح الانتخابات الرئاسية دفعت بفريق معارض إلى التفتيش عن مرشح تعتبره وسطيا، بعيدا عن الاسمين اللذين طرحهما الرئيس نبيه بري تباعا.
وفي هذا السياق، تحدث نائب من الجبل معروف بمواقفه المتشددة في مجلس خاص ضمه مع وزير شاب في حكومة تصريف الأعمال محسوب على مرشح أساسي للرئاسة وآخر تم التداول باسمه منذ أيام، في حضور نائبين من الخط السياسي لنائب الجبل.. تحدث النائب عن خصال وزير الخارجية السابق ناصيف حتي، وعلاقاته العربية الجيدة. وفهم من كلام نائب الجبل، انها خطوة إلى الوراء من الفريق السياسي المعارض، الذي كان يسير بترشيح وحيد غير معلن لشخصية مرموقة غير مدنية تحظى بتأييد دولي.
كما نقل أحد الحاضرين أجواء برودة بين رئيس اللقاء الذي ينتمي إليه النائب المعني، وقطب سياسي لطالما وصف بالحليف التاريخي له، مشيرا إلى «ان الأمور تبدلت بعد الحرب الأخيرة، ولم تعد كما كانت عليه سابقا، من دون ان يعني ذلك وقف التنسيق والسعي المشترك لإيجاد مساحات تلاق يقوم به رئيس اللقاء المعني..».
في هذا الوقت، تتجه الأنظار إلى الموقفين اللذين سيطلقهما على التوالي كل من رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل العائد من جولة أميركية وأوروبية، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» د.سمير جعجع في حوار تلفزيوني مع الإعلامي مارسيل غانم من قناة «ام تي في» الخميس والجمعة. وكان الفريق المعارض أبدى في لقاء عقد في معراب بحضور جعجع تمسكه بانتخاب رئيس للجمهورية في 9 يناير المقبل.
جنوبيا، تتجه الأنظار إلى اجتماع لجنة المراقبة على تطبيق القرار 1701 في الساعات المقبلة، فيما يعيش الجنوب حربا من جانب واحد حيث تستمر الطلعات والغارات الإسرائيلية على مختلف المناطق الجنوبية. ويحلق الطيران الحربي الإسرائيلي من وقت لآخر مع استمرار أصوات المسيرات التي تجوب سماء المناطق الواقعة جنوب الليطاني على علو منخفض، ما يجعل العائدين من النزوح يعيشون في حالة قلق دائمة وخشية من تجدد الحرب.
ويعلق أمل كبير على الاجتماع الاول للجنة المراقبة في بلدة الناقورة الساحلية اللبنانية حيث مقر قيادة القوات الدولية بعد وصول الجنرال الفرنسي جيوم بونشين أمس. وكان سبقه الاسبوع الماضي رئيس اللجنة الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، فيما كلف الجيش اللبناني قائد منطقة جنوب الليطاني العسكرية العميد ادغار لاوندس بتمثيل لبنان في اللجنة. ويعول كثيرا على بدء عمل اللجنة في وضع حد لهذه الخروقات الإسرائيلية لجهة قيام قوات «اليونيفيل» بالتأكد من أي خرق يقوم به أحد الطرفين، ذلك انه اذا استمرت هذه الخروقات فإن اتفاق وقف إطلاق النار يصبح معرضا للاهتزاز في كل وقت.
وفيما تواصل اسرائيل تهديداتها سواء عبر وزير الدفاع يسرائيل كاتس الذي قال انه في حال سقوط وقف النار، فإن الدولة اللبنانية كلها ستكون معرضة للهجمات، أو لجهة رئيس الأركان هيرتسي هاليفي الذي أطل من البلدات اللبنانية المحتلة والمهدمة ليطلق مواقف مماثلة، فإن الضغوط الدولية تستمر من أكثر من جهة على حكومة بنيامين نتنياهو لوقف اعتداءاتها. وفي هذا الإطار طلب مستشار الأمن القومي الاميركي جيك سوليفان من إسرائيل احترام قرار وقف النار.
وشهد يوم أمس مزيدا من أعمال تفجير المنازل وجرف معالم من قبل الجيش الإسرائيلي في البلدات التي يحتلها بعد توغله الأخير في أيام الحرب. وواصل كذلك إصدار تحذيرات إلى الأهالي من العودة إلى المناطق المعتبرة عمليا شريطا حدوديا محدثا بقوة «الأمر الواقع». في حين رفع الجيش اللبناني من وتيرة جاهزيته عديدا للانتشار في جميع المناطق، تمهيدا للقيام بما هو مطلوب منه، ويؤدي بالتالي إلى انتفاء الذرائع الإسرائيلية.