تواصلت الاشتباكات العنيفة في ريف محافظة حماة تزامنا مع مساع دولية ودعوات لوقف التصعيد وتأكيد أنه لا حل عسكريا للأزمة السورية. وبعد التقدم الكبير الذي شنته فصائل «إدارة العمليات العسكرية» المعارضة في شمال حماة، شن الجيش السوري «هجوما معاكسا»، وقال انه تمكن خلاله من إبعاد الفصائل مدينة حماة.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مصدر عسكري ان الجيش خاض اشتباكات عنيفة بمختلف صنوف الأسلحة مع فصائل المعارضة على محور جبل زين العابدين شمال شرق مدينة حماة ومحور الريف الشمالي الغربي للمدينة. وقالت انه أوقع قتلى ومصابين وتمكن من إبعاد الفصائل أكثر من 20 كلم عن أحياء مركز مدينة حماة، فيما اعلن التلفزيون السوري ان الجيش تمكن من قتل أكثر من 1600 من مقاتلي الفصائل.
من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الفصائل المعارضة «فشلت في السيطرة على جبل زين العابدين قرب مدينة حماة إثر معارك طاحنة» مع قوات الحكومة السورية التي شنت هجوما معاكسا بعد منتصف ليل أمس الأول بدعم جوي. وكان المرصد أفاد أمس الأول بأن الفصائل اقترب من مركز مدينة حماة لنحو 7 كيلومترات.
وأشار المرصد إلى أن «تعزيزات عسكرية للجيش السوري وصلت إلى محاور ريف حماة الشمالية والشرقية والغربية، إضافة إلى وصول مسلحين محليين من أبناء القرى إلى أطراف مدينة حماة»، موضحا أن فصائل المعارضة سيطرت على السماقيات وكفرراع ومعرشحور ومعردس ومدرسة المجنزرات التي تعتبر مقرا لقوات الفرقة 25، واللواء 87 وحاجز بطيش ورحبة خطاب.
في المقابل، أعلنت «إدارة العمليات العسكرية» التي تضم فصائل المعارضة، تمكنها من السيطرة على تل الناصرية شمالي حماة بعد اشتباكات مع الجيش، وذلك بعد اعلان سيطرتها على خطاب ورحبة التسليح ومعرشحور وطيبة الإمام وحلفايا.
ونقلت قناة «الجزيرة» عن المعارضة اعلانها السيطرة على مستودعات ورحبة خطاب وكذلك بلدة خطاب على تخوم مدينة حماة بريفها الشمالي، كما أعلنت السيطرة على عدد من القرى ضمن عملية «ردع العدوان» في ريفها الشرقي منها قريتا المباركات والشيخ هلال وسروج ومعسكر وطوال الدباغين والوسطية. وبثت «إدارة العمليات» صورا من داخل مكتب قائد القوات الخاصة سهيل الحسن، في مدرسة المجنزرات بريف حماة الشمالي، وسط تقارير عن تعرضه للإصابة.
وبموازاة معارك حماة التي أعقبت سيطرة فصائل المعارضة على «كامل» مدينة حلب بحسب المرصد، أصدرت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة انه وبتنسيق سوري - روسي عسكري وسياسي مشترك تم فك حصار الفصائل على «اكاديمية الأسد للهندسة العسكرية» في حلب لتأمين خروج طلبة الأكاديمية وضباطها ووصولهم بأمان إلى مدينة حمص ليتم تقديم الرعاية اللازمة، والعلاج الطبي للمصابين والجرحى منهم.
وفي دير الزور، قتل 16 شخصا في اشتباكات بين قوات سوريا الديموقراطية «قسد» التي يهيمن عليها الأكراد وبين عناصر الجيش السوري، وقال المرصد ان الجيش صد هجوما شنه مقاتلون متحالفون مع «قسد».
وأفاد المرصد عن عودة «الهدوء الحذر» إلى «ريف دير الزور بعدما تمكن المسلحون الموالون لدمشق من صد هجوم قوات مجلس دير الزور العسكري» التابع لقسد. وأضاف أن المعارك تزامنت مع «قصف بري وجوي نفذته القوات الأميركية على قرى ومواقع بمحيط مدينة دير الزور».
سياسيا، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ان رفض الرئيس السوري بشار الأسد أي عملية سياسية فتح الباب أمام الهجمات الأخيرة. ودعا إلى استئناف المسار السياسي في سورية وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254.
واعتبر بلينكن في مؤتمر صحافي على هامش اجتماع حلف شمال الأطلسي «الناتو» في بروكسل أن «ما رأيناه في سورية من تقدم للمعارضة سببه أن حلفاء النظام السوري مشتتون بمشاكل أخرى»، مؤكدا على ضرورة منع إحياء دولة «داعش».
من جهتها، أكدت موسكو أن وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا هم على «تواصل وثيق» لتحقيق الاستقرار في سورية.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا خلال إيجازها الأسبوعي أمس، إن «وزراء خارجية الدول الثلاث الضامنة» لمسار أستانا الرامي لإيجاد حل سياسي للنزاع في سورية، «روسيا وإيران وتركيا على تواصل وثيق». وأضافت «نأمل أن تقوم جميع الدول التي لها تأثير على الوضع الميداني باستخدامه من أجل استعادة الأمن والاستقرار في هذا البلد في أسرع وقت ممكن».
وكانت جلسة مجلس الأمن المخصصة لبحث التطورات في سورية فجر أمس، شهدت سجالا روسيا - أميركيا حادا أدى إلى تعليقها، حيث اتهمت كل منهما الأخرى بدعم «الإرهاب».
ودعا روبرت وود نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة إلى خفض التصعيد في القتال في سورية وحماية المدنيين. كما عبر عن قلقه من أن الهجوم تقوده «هيئة تحرير الشام». واتهم وود القوات السورية والروسية بالتسبب في سقوط ضحايا مدنيين في الهجمات على المدارس والمستشفيات، قائلا إن «حقيقة إدراج الولايات المتحدة والأمم المتحدة هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية لا تبرر المزيد من الفظائع التي يرتكبها نظام الأسد وداعموه الروس».
وفي تصريحات موجهة إلى وود، قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا «ليس لديك الشجاعة للتنديد بهجوم إرهابي واضح على المدنيين المسالمين في المدن السورية المسالمة».
ورد وود متهما نيبينزيا بأنه «ليس في وضع يسمح له بإلقاء محاضرات علينا بشأن هذه القضية» لأن موسكو «تدعم الأنظمة التي ترعى الإرهاب في جميع أنحاء العالم».
وأضاف «الولايات المتحدة حاربت آفة الإرهاب على مدى عقود وستواصل فعل ذلك».
من جهته، شدد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون على الحاجة الملحة لخفض التصعيد الأخير في سورية والتوصل إلى عملية سياسية جادة تشمل الأطراف السورية وتجنب البلاد تفاقم الأزمة ومخاطر الانقسام والتدهور والدمار.
وحذر بيدرسون أمام الجلسة من أن «العواقب قد تكون وخيمة حقا على سيادة سورية ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها وعلى رفاه وتطلعات الشعب السوري»، مؤكدا أنه «لا يوجد حل عسكري لهذا الصراع».