الشباب ثمار القلوب، وعماد الظهور، وفلذات الأكباد، وزينة الحياة، وقرة العيون، وأنس العيش، وبركة تربيتهم تستجلب الرزق وتنزل الرحمات، ولذلك جاءت الوصية من نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم بالعناية بهم: «ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة، فارعوا أبناءكم، وأدوا أمانتكم وانصحوا أولادكم، فكلّ مسؤول عن رعيته» رواه البخاري من حديث معقل بن يسار، فالحذر من التفريط في تربيتهم أو التخلي عن المسؤولية، فالشباب قوة الشعوب وحصنها الحصين، ودرعها المتينة، وعزها المجيد، وهم قادة الفتوحات كما نصت عليه كتب السير والمغازي، وهم حماة الوطن، والمدافعون عن أعراضهم، والدعاة والسفراء وطلبة العلم الباحثون عن الحق، ولكن فوجئنا بأن هناك حربا لا هوادة فيها لإغواء الشباب واضلالهم وافسادهم.
فعندما نرى شابا يسمع ويرى ما في مواقع التواصل الاجتماعي ويعتمده على أنه من المصادر الأساسية ولو رأى مقطعا أو صورة او استمع حديثا أو بيانا لمضار تلك السلعة أو فوائدها لأخذها ونشرها واعتمدها، وعندما يرى الشاب من خلال متابعته للمواقع الإلكترونية المشاهير ويأخذ معظم كلامهم وتتولد لديه قناعة بأن هذا هو المنهج الصواب والمقاييس الحقيقية وأن هذا ما يريده المجتمع ولابد أن يكون شاذا في مجتمع تسود فيه الخلافات، فالأصل في المسلم ان يتأثر بالقرآن والسنة وآثار الصحابة الكرام والعلماء والمصلحين وأن يتخذ القدوات الصالحة منهم، لكن المعايير تغيرت مع انتكاس الفطرة السليمة، حيث اصبحت الكثرة من المقاييس المهمة في التأثير، والناس يتبعون من له شعبية ومتابعون وهذا منبع الخطورة. فما أحوجنا إلى التواصل مع الشباب بكل الوسائل المتاحة، واستخدام أفضل الأساليب في جلبهم، وانتقاء الكلمات الطيبة، فضلا عن ضرورة تبديد ما لديهم من شبهات والإحسان اليهم والتماس المعاذير وإظهار المودة لهم لنوجد مجتمعا متحابا متآخيا ولا نغفل عن المشاعر والاحاسيس والموازنة بين العقل والعاطفة، فالشباب في أمسّ الحاجة الى من يسمع منهم ويحترمهم ويقدرهم ويمدحهم ويثني عليهم ويعتني بهم ويوجههم والتواضع معهم وخفض الجناح. ومن أهم ما يجب فعله التواصل معهم ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم، فاستخدام مهارات التأثير بطريقة ذكية واجادة التفاعل مع قضاياهم والأخذ بأيديهم بفنون الحكمة والحنكة وذكر سير السلف في النجاح والنصر والتوفيق، والأخذ بأيديهم للرجوع الى منبع الصلاح والاستقامة من القرآن والسنة وبيئة المسجد واشغالهم بما هو مفيد لدينهم ودنياهم.