الله عزوجل شرع الشريعة لمقاصد وغايات عظيمة مبنية كلها على تحقيق مصالح العباد، ودفع الضرر عنهم، وجاءت الشريعة لتحمي النفس وتحفظها، فحرمت ما يفتك بالنفس كتعاطي المخدرات والإدمان، فهو خطة خارجية موجهة للشباب لتدميره وتحطيم قدراته ومعنوياته وطموحاته، فالجميع مطالب بالعمل على انتشال الشباب من فخ الإدمان، فهل أصبحت المخدرات تهديدا للمجتمع؟ وما الواجب علينا للتصدي لها؟ وما عقوبة المتعاطي وتاجر المخدرات؟
العدو الداخلي
أكد د.خالد الخراز ان المخدرات تفسد جميع الضروريات الخمس وهي حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال، فحفظ النفس من جملة الضروريات التي أمر الله عز وجل بحفظها وعدم تعريضها للهلاك، قال تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما)، لافتا الى ان الإفساد في الأرض طبيعة المخربين وعمل المفسدين، وشريعة الرحمن كلها نهت عن الإفساد في الأرض، ودعت الناس الى عدم الانقياد للمفسدين أو معاونتهم في الإثم وبالأخص المخدرات والمسكرات، قال تعالى: (ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون) وقوله: (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها)، وعن كيفية النجاة من شر تلك الآفة، قال د.الخراز: أولا الدافع الديني، وثانيا الدافع الأمني، وثالثا الدافع الاستراتيجي، ورابعا الدافع الاقتصادي وخامسا الدافع الصحي، وسادسا الدافع الاجتماعي.
وأكد أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لم تترك فرصة إلا وحذرت منها، مؤكدا أن للمسجد دوره المهم في التوعية والعلاج والوقاية قبل ذلك، فالكلمة الصادقة لها أثر إيجابي غير ان معاول الإفساد كثيرة في الميدان ونحن نرى العدو الخارجي الذي يترصدنا منذ سنوات لا يكل ولا يمل وينبغي ان نعد العدة له، كما ان العدو الداخلي أشد خطرا لصعوبة مقاومته لأنه غير مكشوف وله من الوسائل والأدوات ما لا يخفى على المسؤولين، وفي زمننا هذا نجد أن ألد الأعداء لأمتنا بعد محاربة الدين آفة المخدرات التي تنخر في جسد مجتمعاتنا ونالت بيدها الشريرة من أبنائنا وفلذات أكبادنا ومستقبل شبابنا، وعلينا أن نقف وقفة مسؤولة ولا نترك الأمر مقتصرا على الشرطة ومن معها بل ينبغي أن تتضافر جهود كل المجتمع حتى نوقف شر هذا العدو ونقف له بالمرصاد بالوقاية من المخدرات والتعرف على أدواتها الخفية ومراقبة الجيل ونشر التوعية ولنتذكر الحديث الشريف «كفى بالمرء إثما أن يضيّع من يعول».
القانون الكويتي
وعن نص القانون في عقاب المتعاطي وتاجر المخدرات، يوضح ذلك المحامي مبارك العازمي قائلا عن استيراد او جلب او انتاج مواد او مستحضرات مخدرة: تنص المادة 31 من القانون رقم 74 لسنة 1983 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها على أن:
يعاقب بالإعدام او الحبس المؤبد: كل من استورد او جلب بالذات او بالواسطة او صدر مواد او مستحضرات مخدرة او ساعد في شيء من ذلك كفاعل اصلي او شريك وكان ذلك بقصد الاتجار قبل الحصول على الترخيص المنصوص عليه في المادة 3 من هذا القانون.
وكل من أنتج او استخرج او فصل او صنع مواد او مستحضرات مخدرة وكان ذلك بقصد الاتجار، وايضا كل من زرع نباتا من النباتات الواردة في الجدول رقم 5 المرافق لهذا القانون او صدر او جلب او استورد نباتا من هذه النباتات في اي طور من اطوار نموها هي وبذورها وكان ذلك بقصد الاتجار او اتجر فيها بأي صورة وذلك في غير الاحوال المرخص بها في هذا القانون.
وهل تختلف العقوبة في حالة مجرد حيازة أو شراء أو بيع المخدرات بقصد الاتجار؟ قال العازمي: نعم، فقد عاقب المشرع وفقا لنص المادة 32 من ذات القانون على أن يعاقب بالحبس المؤبد وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف دينار ولا تجاوز عشرين ألف دينار:
أ - كل من حاز أ و أحرز او اشترى أو باع مواد او مستحضرات مخدرة او نباتا من النباتات الواردة في الجدول رقم 5 المرافق لهذا القانون او سلمها او تسلمها او نقلها او نزل عنها او تبادل عليها او صرفها بأي صفة كانت او توسط في شيء من ذلك، بقصد الاتجار او اتجر فيها بأي صورة، في غير الاحوال المرخص بها في هذا القانون.
ب - كل من قدم بمقابل للتعاطي مواد او مستحضرات مخدرة او سهل تعاطيها في غير الاحوال المصرح بها في هذا القانون.
ج - كل من رخص له بحيازة مواد او مستحضرات مخدرة لاستعمالها في غرض او اغراض معينة ويكون قد تصرف فيها بمقابل بأي صفة كانت في غير تلك الاغراض.
د - كل من اراد أو أعد وهيأ بمقابل مكانا لتعاطي المخدرات.
فإذا ارتكبت الجرائم المنصوص عليها في البنود الثلاثة الاخيرة بغير مقابل تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد على عشر سنوات وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف دينار ولا تجاوز عشرة آلاف دينار.
عقوبة الجلب
وماذا عن عقوبة الجلب أو الاستيراد او الحيازة بقصد التعاطي، قال: حددت المادة 33 من ذات القانون على أن:
يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات وبغرامة لا تجاوز عشرة آلاف دينار كل من جلب او حاز او احرز او اشترى او انتج او استخرج او فصل او صنع مواد مخدرة او زرع نباتا من النباتات الواردة في الجدول رقم (5) المرافق لهذا القانون او حازها او احرزها او اشتراها وكان ذلك بقصد التعاطي او الاستعمال الشخصي ما لم يثبت انه قد رخص له بذلك طبقا لاحكام القانون.
لكنها اجازت للمحكمة بدلا من توقيع العقوبة المنصوص عليها في الفقرة السابقة ان تأمر بإيداع من يثبت ادمانه على تعاطي المخدرات احد المصحات التي يحددها وزير الصحة العامة، ليعالج فيها الى ان تقدم لجنة - يصدر بتشكيلها قرار من وزير الصحة العامة - تقريرا عن حالته إلى المحكمة لتقرر الافراج عنه او استمرار ايداعه لمدة او لمدد أخرى. ولا يجوز ان تقل مدة البقاء بالمصح عن ستة اشهر ولا تزيد عن سنتين. ولا يجوز ان يودع في المصح من سبق الامر بإيداعه بها مرتين او من لم يمض على خروجه منها مدة سنتين على الاقل.
واستثناء من أي نص يقرره قانون آخر، يجوز للمحكمة بدلا من توقيع العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى، أن تأمر بإيداع من يثبت ارتكابه لهذه الجريمة - لأول مرة - ولم يبلغ الحادية والعشرين من عمره، إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية يصدر بتحديدها قرار من وزير الشؤون الاجتماعية والعمل بالتنسيق مع وزير الداخلية الى ان تقدم تقريرا عن حالته في الاجل الذي حددته المحكمة لتقرر الافراج عنه او استمرار ايداعه، ولا يجوز ان تقل مدة البقاء بالمؤسسة عن ستة اشهر ولا تزيد على سنتين، يوضع بعدها المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة الايداع.
كما أجاز المشرع في المادة 33 مكررا من ذات القانون للمحكمة التي اصدرت الحكم على المسجون الذي ينفذ العقوبة المحكوم بها عليه في احدى الجرائم المنصوص عليها في المادة السابقة ان تأمر بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها وإبعاد المحكوم عليه الاجنبي عن الكويت إذا ثبت لها اقلاعه عن الادمان، وذلك بناء على طلب يقدم لها من النيابة العامة، وبعد خضوع المسجون لفحص طبي من قبل لجنة تشكل لهذا الغرض. ولا يجوز الامر بوقف التنفيذ في الحالات المتقدمة، الا بعد مضي مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر من تاريخ تنفيذ العقوبة المقضي بها، واجتياز المسجون بنجاح للبرنامج العلاجي والتأهيلي الذي تقوم بإعداده وتنفيذه الادارة العامة للمؤسسات العقابية وتنفيذ الأحكام.
ولا يجوز ان يستفيد المسجون من وقف التنفيذ المشار اليه الا لمرتين فقط.
ويصدر وزير الداخلية بالتنسيق مع وزارة الصحة قرارا بتشكيل اللجنة المشار اليها في الفقرة الاولى، وقواعد البرنامج العلاجي والتأهيلي، والشروط اللازمة لاجتيازه، وضوابط تنظيم عرض طلبات المسجونين على النيابة العامة تمهيدا لتقديمها الى المحكمة.