قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه سيسمي رئيسا جديدا للوزراء “في الأيام المقبلة” بعدما قبل استقالة حكومة رئيس الوزراء ميشيل بارنييه.
واتهم ماكرون في خطاب متلفز وجهه إلى الأمة: أقصى اليمين واليسار الراديكالي بالاتحاد في “جبهة مناهضة للجمهورية”.
وتعهد الرئيس الفرنسي بالبقاء في منصبه “لحين انتهاء ولايته” الرئاسية الحالية.
وجاءت موافقة ماكرون على استقالة الحكومة عقب حجب الثقة عنها في الجمعية الوطنية (البرلمان).
ويشكل هذا الأمر أزمة سياسية كبيرة لفرنسا، حيث أصبحت حكومة بارنييه أول حكومة تسقط في تصويت بحجب الثقة منذ عام 1962.
وأضاف انهيار حكومة بارنييه حاجة ملحة للموافقة على الميزانية الوطنية لعام 2025، حيث يتبقى أقل من شهر على الموعد النهائي لإقرار الميزانية.
وفي انتظار تشكيل حكومة جديدة، أوكل ماكرون إلى بارنييه مهمة قيادة حكومة تصريف أعمال لإدارة الشؤون الجارية، حسبما أعلن قصر “الإليزيه” في بيان صحفي
وكان بارنييه قــــدم استقالته أمس للرئيس ماكرون بعد أن تم حجب الثقة عنه وعن حكومته من قبل البرلمان الفرنسي أمس الأول، ما يدخل البلاد في مرحلة عدم اليقين الذي تزيد أزمة الميزانية من حدته.
وأكدت محطة (بي اف ام) الفرنسية أن بارنييه غادر قصر الرئاسة (الاليزيه) بعد أن قدم استقالته لماكرون حيث استغرقت زيارته نحو ساعة. وأوضحت المحطة أن الرئيس ماكرون عقد اجتماعات «فعلية وهاتفية» الأسبوع الماضي مع جهات مختلفة لاختبار مرشحين معينين للمنصب الشاغر ولتجنب أي تأخير قد يحدث كما حدث في الصيف الماضي بعد حل البرلمان كاشفة عن أسماء لتولي منصب رئيس الوزراء خلفا لبارنييه من بينها وزير الدفاع سيباستيان ليكورنو وفرانسوا بايرو.
وجاء سقوط بارنييه بعد فشله في الحصول على دعم برلماني ولجوئه إلى استخدام المادة 49.3 لتمرير قانون الضمان الاجتماعي المثير للجدل ضمن موازنة الدولة لعام 2025 من دون تصويت برلماني.
يذكر أن مشروع موازنة 2025 الذي لم يحظ بدعم برلماني يهدف إلى تقليص العجز الفرنسي الضخم وتوفير (60 مليار دولار) ويفرض ضرائب جديدة.
وتعد حكومة رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه أول حكومة يتم حجب الثقة عنها منذ عام 1962. وترافقت هذه العاصفة السياسية مع عاصفة اجتماعية، فمن المدرسين إلى المراقبين الجويين، شهد يوم أمس تعبئة وإضرابا في صفوف الموظفين الرسميين مع عشرات التجمعات في كل أرجاء البلاد فيما طلب الطيران المدني من الشركات الجوية خفض برامج رحلاتها.
وثمة ضرورة لحصول تحرك عاجل، نظرا إلى عمق الأزمة السياسية المستفحلة منذ قرر ماكرون حل الجمعية الوطنية في يونيو الماضي بعد الخسارة الكبيرة التي مني بها معسكره في الانتخابات البرلمانية الأوروبية أمام أقصى اليمين.
وأفضت الانتخابـــات التشريعية المبكرة إلى جمعية وطنية مشرذمة وموزعة على ثلاث كتل هي تحالف اليسار ومعسكر ماكرون وأقصى اليمين من دون أن يملك أي منها الغالبية المطلقة.
وبعد مداولات استمرت 50 يوما، شكلت حكومة تضم وزراء من اليمين والوسط في مطلع سبتمبر.
وبعد ثلاثة أشهر على ذلك، سقطت الحكومة أمام الجمعية الوطنية بموجب مذكرة حجب ثقة للمرة الأولى منذ العام 1962. وهذه أقصر حكومة في ظل الجمهورية الفرنسية الثانية التي أعلنت في العام 1958.
وطلبت رئيسة الجمعية الوطنية يائبل برون- بيفيه من ماكرون صباح أمس تعيين رئيس جديد للوزراء «سريعا».
وامتنعت أوساط الرئيس الذي تراجعت شعبيته إلى أدنى مستوى لها، عن تقديم أي جدول زمني للخطوات التالية، لكن مقربين منه أشاروا إلى انه ينوي التحرك بسرعة.
وأكد أحدهم «لا خيار له». ويبدو الانقسام واضحا بين اليسار والوسط واليمين، للاتفاق على حكومة ائتلافية جديدة.
وحذرت زعيمة مجموعة نواب حزب فرنسا الأبية اليساري الراديكالي أمس من أن حزبها لن يعطي الثقة في الجمعية لأي رئيس للوزراء لا ينتمي إلى تحالف اليسار المعروف باسم «الجبهة الشعبية الجديدة» الذي يضم الخضر والاشتراكيين والشيوعيين واليسار الراديكالي. ومع أن سقوط حكومة ميشال بارنييه كان متوقعا إلا أن الصحافة أعربت عن قلقها أمس من «مرحلة الغموض التي تلوح في الأفق».
وانقسم الفرنسيون حول الوضع، فأيد 53% قرار النواب، فيما أعرب 82% عن قلقهم من تبعاته على ما أظهرت استطلاع للرأي أجراه معهد «تولونا هاريس انتراكتيف» لحساب «ار تي ال».
وقد أعرب مواطنون استطلعت وكالة فرانس برس آراءهم في أرجاء البلاد عن قلقهم من «الغموض» و«الحلقة المفرغة» و«الطريق المسدود».