بيروت - عامر زين الدين
لم ينتظر العارفون بخفايا الحروب ما أثاره «سائق التاكسي» في لبنان، الذي ضجت به مواقع التواصل الاجتماعي أمس على نحو كبير، حول عدم معرفة مقاتلين من «حزب الله» إلى الآن باغتيال السيد حسن نصرالله والتفاعل الذي حصل، من منطلق الخفايا التي تحكم الحروب وضمنا مع المقاتلين على الجبهات.
يخبر سائق التاكسي سامعيه بحسب الرواية المنقولة، انه كان قد نقل اثنين من المقاتلين في الجنوب اللبناني، وقدم السائق لهما التعازي بالسيد حسن (نصرالله)، ففوجئا بالخبر.
ويكمل: «على ما يبدو كانا مقطوعين عن الاتصال في الأنفاق بعد عملية البيجر، او إخفاء الخبر عنهما، من أجل الحفاظ على المعنويات».
بمعزل عن الأسباب التي أدت للوصول إلى تحديد مكان وجود الأمين العام السابق لـ «حزب الله» وتعقبه واستهدافه في الضاحية الجنوبية لشرق العاصمة بيروت، بغارات جوية على المقر، واسقاط ما يقدر بـ 83 طنا من القنابل على الموقع، ثم المعلومات المتضاربة وغير المؤكدة حول جثته وصولا إلى انتظارات موعد دفنه رسميا.
وبعد 71 يوما على الاغتيال بتاريخ 27 سبتمبر الماضي، وثمانية أيام على فعالية «نور من نور» التي أقيمت في مكان الاغتيال في حارة حريك السبت 30 نوفمبر الماضي. كل ذلك وثمة عناصر من «حزب الله» لم يكونوا على علم بمقتل قائدهم. وكذلك الأمر بالنسبة إلى خليفته المحتمل، رئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين، والذي احتاجت إسرائيل نحو 20 يوما كي تؤكد نجاحها في تلك العملية.
في المقابل، اعترفت إسرائيل بإعلان متحدثها العسكري عن مقتل ضباط بعد مرور فترات زمنية، وكحال قائد فصيل في «كتيبة الهندسة 601»، خلال معركة شمال قطاع غزة.
والحال، إخفاء معلومات بحجم خسارة قائد، وكذلك التضليل او التضخيم والخداع البصري، هي عوامل أساسية ضمن الاستراتيجية العسكرية. ويولي كتاب «فن الحرب» الصيني القديم، أهمية لتكتيك الخداع العسكري، التي برزت في الحربين العالميتين الأولى والثانية وأثناء الاستعداد لإنزال النورماندي في العام 1944 «بعملية الحارس الشخصي».
لم يذكر سائق التاكسي ردة فعل المقاتلين ولا صدمتهما. إلا ان عميدا متقاعدا في الجيش طلب عدم ذكر اسمه، قال لـ «الأنباء» ان عدم إبلاغ «حزب الله» للمقاتلين على جبهة القتال مع إسرائيل بذلك، جزء من عناصر الحرب الفعلية، بمفهوم التأثير على المعنويات والأداء، والذي يمنع إيصال أي معلومة تؤثر سلبا على معنويات المقاتلين.
وعرض لـ «شواهد تاريخية عدة، من جنكيزخان وتيمورلنك أثناء حصار بغداد، إلى نابليون والجنرال الألماني غوبلز، لتسهيل معركة إسقاط دول».
وعلى هذا الأساس لم يجد العميد المتقاعد، ان ما قام به «حزب الله»، أمر «مخالف للقواعد العسكرية الاستراتيجية»، يقينا منه ان هكذا خبر سيؤثر على صمود مقاتليه على جبهة القتال، نظرا إلى الغم الذي سيقع في قلوبهم والحزن الكبير، بفقدان قائد عندهم بحجم السيد نصرالله.