لم يغادر السوريون المحتفلون بسقوط النظام ساحة الأمويين الأكبر في دمشق منذ خروج رئيسه بشار الأسد فجر الأحد الماضي، رغم استمرار الطائرات الاسرائيلية في التحليق فوق عاصمتهم مدمرة ما تبقى من مقدرات عسكرية فيها وفي باقي المحافظات.
هذا، ويسعى رئيس الوزراء السوري المكلف محمد البشير إلى طمأنة المجتمع الدولي بعد أيام من سقوط بشار الأسد، فيما تواصل القيادة الجديدة الاعلان عن خطوات جديدة لإعادة الحياة إلى طبيعتها. وأعلن المتحدث باسم إدارة الشؤون السياسية التابعة للحكومة المؤقتة السورية عبيدة أرناؤوط أنه سيتم تجميد الدستور والبرلمان خلال الفترة الانتقالية التي ستمتد ثلاثة أشهر.
وقال من مقر الهيئة العام للإذاعة والتلفزيون في دمشق لوكالة فرانس برس «قررنا.. خلال اجتماع لوزراء الثورة عن حكومة الانقاذ السورية مع الوزراء السابقين من أجل نقل الصلاحيات.. ان هذه المرحلة ستستمر ثلاثة أشهر، ريثما يتم تشكيل الحكومة الجديدة، وطبعا سيجمد الدستور والبرلمان» خلال هذه المدة. وتابع أرناؤوط «ستشكل لجنة قانونية وحقوقية من أجل النظر في الدستور وإجراء التعديلات»، مشيرا إلى أولويات مرتبطة بـ«حماية المؤسسات، والوثائق والثبوتيات وهذا تحد على صعيد الخدمات».
وقال أرناؤوط «لدينا الآن أولويات مرتبطة بالحفاظ وحماية المؤسسات»، مؤكدا أن «هذه المرحلة عنوانها دولة القانون والمؤسسات... وكل مواطن سوري سيستعيد كرامته ويستعيد حريته المسلوبة».
وحول رموز النظام السابق، أشار أرناؤوط إلى أنه «لابد أن تكون هناك محاسبة وفق القانون لأنه لا عدالة بلا محاسبة».
وأكد عبيدة أرناؤوط «نحن نحترم التنوع الثقافي والطائفي في كل ربوع سورية لذلك هذه الأمور (المرتبطة بالحريات الدينية) لا أعتقد أن هناك أي موقف، تبقى كما هي».
من جهته، استعرض البشير، في مقابلة صحافية التحديات التي تواجه حكومته. من إعادة الأمن وتقديم الخدمات الأساسية إلى استعادة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، تبرز ملامح خطة شاملة
وأوضح البشير في مقابلة مع قناة «الجزيرة» أن الحكومة السورية المؤقتة شكلت بناء على توجيهات القيادة العامة بهدف إدارة البلاد في ظل غياب النظام السابق. وأشار إلى أن الحكومة تستند إلى كوادر من «حكومة الإنقاذ السورية» السابقة التي كانت تعمل في شمال غرب سورية.
وحدد البشير الأولوية القصوى في المرحلة الحالية وهي إعادة الأمن والاستقرار إلى المناطق المحررة. وقد تم بالفعل نشر الشرطة وفتح مراكزها في المدن الكبرى مثل حلب وحماة وحمص ودمشق، مما ساهم في الحد من عمليات السلب والنهب التي حدثت نتيجة الفراغ الأمني المؤقت.
وأكد البشير أن تحسين الخدمات الأساسية يعد من أولويات حكومته، مشيرا إلى التركيز على الكهرباء والمياه والخبز والوقود والاتصالات. وأعرب عن أمله في تجاوز نظام «البطاقة الذكية» الذي كان يفرض قيودا كبيرة.
وكشف البشير عن خطة طموحة لزيادة رواتب الموظفين بنسبة تصل إلى 300% خلال الأشهر المقبلة، مما يهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية.
وأعلنت إدارة الشؤون السياسية في الحكومة عن امتنانها لـ8 دول أعلنت عن استئناف عمل بعثاتها الديبلوماسية في العاصمة السورية دمشق.
وقالت إدارة الشؤون السياسية في حكومة الإنقاذ السورية، في بيان: «نتقدم بالشكر والامتنان لكل من من جمهورية مصر العربية، جمهورية العراق، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، المملكة الأردنية الهاشمية، مملكة البحرين، سلطنة عمان والجمهورية الإيطالية على استئناف عمل بعثاتها الديبلوماسية في دمشق».
وأكدت انها تلقت وعودا مباشرة من قطر وتركيا لإعادة افتتاح سفارتيهما في سورية قريبا، و«أن الشعب السوري لن ينسى هذه المواقف المشرفة وكلنا أمل في بناء علاقات طيبة مع كل الدول التي تحترم إرادة الشعب وسيادة الدولة السورية ووحدة أراضيها».
بدورها، أعلنت وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة استئناف العام الدراسي في كل القطاعات بدءا من الأحد المقبل.
وتستمر الجهود الدولية لبلورة الأوضاع السورية ومعرفة ملامح المرحلة الانتقالية التي اعلنتها حكومة تسيير الأعمال برئاسة محمد البشير على ان تنتهي في مارس المقبل.
وقالت وزارة الإعلام السورية ان وفدا تركيا ـ قطريا وصل إلى دمشق يضم وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن ورئيس جهاز أمن الدولة القطري خلفان الكعبي برفقة فريق استشاري موسع لعقد اجتماع مع القائد العام لغرفة التنسيق العسكري أحمد الشرع ورئيس الحكومة المؤقتة محمد البشير.
وفيما زار وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن العقبة أمس في اطار جولته على دول المنطقة، ذكرت «الخارجية الأميركية» أن جولة بلينكن الإقليمية تشمل تركيا بعد الأردن. ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمن حماية الأقليات. وقالت وزارة الخارجية الأميركية ان بلينكن سيدعو إلى قيام سلطة في سورية لا توفر «قاعدة للإرهاب أو تشكل تهديدا لجيرانها» في إشارة إلى المخاوف التي تعبر عنها كل من تركيا وإسرائيل التي نفذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية.
وفي السياق، قالت السفارة الأميركية في دمشق إن العملية الانتقالية في سورية يجب أن تفضي إلى حكم موثوق وغير طائفي يشمل الأطياف كافة. وأكدت دعم واشنطن «الكامل لعملية انتقال السلطة السياسية بقيادة سورية».
من جهتها، أعربت مجموعة السبع «G7» عن استعدادها لدعم عملية انتقال نحو حكومة «جامعة وغير طائفية» في سورية، داعية القيادة الجديدة في البلاد إلى دعم حقوق النساء وسيادة القانون و«الأقليات الدينية والإثنية».
وجاء في بيان صادر عن المجموعة «نحن مستعدون لدعم مسار انتقال يفضي إلى حكومة تكون ذات صدقية وجامعة وغير طائفية وتضمن احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية وحرية التعبير والديموقراطية»، مع تحميل بشار الأسد «المسؤولية عن جرائمه».
وفي خطوة تصالحية لافتة، أعلنت «الإدارة الذاتية» الواجهة السياسية، لقوات سوريا الديموقراطية «قسد» التي يهيمن عليها الأكراد، رفع علم الاستقلال الذي اعتمدته الثورة، بألوانه الثلاثة: الأخضر، الأبيض، والأسود مع النجمات الحمراء الثلاث، فوق جميع المجالس والمؤسسات والإدارات والمرافق التابعة التابعة لها. وقالت الإدارة في بيان إن العلم الجديد يرمز للمرحلة الجديدة ويعبر عن تطلعات الشعب السوري نحو الحرية والكرامة والوحدة الوطنية.
وأضافت أن المناطق التي تسيطر عليها تمثل جزءا لا يتجزأ من الجغرافيا السورية، وأن سكان هذه المناطق هم من المكونات السورية الأصيلة.