بيروت ـ بولين فاضل
«يا ريت ما كانت هالحرب» عبارة رددتها عبدة برجي (30 سنة) ابنة بلدة ميس الجبل الحدودية الفارغة من أهلها حتى إشعار انسحاب الجيش الإسرائيلي منها وإعادة بناء ما تهدم.
ورغم ذلك لا تغيب عن قاموس مفردات عبدة كلمة «انتصار». وحين تسألها «الأنباء» عن مفهومها وتفسيرها للانتصار تجيب من دون أن تفكر مرتين: «التفسير أو المبرر هو أن ثمة شهداء سقطوا ودماءهم غالية، أنا فقدت شهيدين في العائلة هما ابنا شقيقتي، وهذه خسارة كبيرة ودماؤهم تاج على رأسي».
عبدة برجي التي مكثت مع شقيقيها في مدرسة رسمية للإيواء في زوق مصبح في كسروان بجبل لبنان غادرت مع وقف إطلاق النار مع جميع نازحي المدرسة، لكنها لم تعد إلى منزلها ولا إلى بلدتها. وقالت: «بيوتنا راحت (دمرت) وبلدتنا لاتزال محتلة كونها خط تماس أول، وقد فخخها العدو منذ مدة وتحولت إلى ملعب فوتبول (كرة قدم)، يعني رجعة هلق ما في».
وفي الانتظار الطويل، تقيم عبدة في منزل شقيقتها ببلدة الغازية بالقرب من صيدا، وهي تبحث اليوم عن عمل، علما أن التمريض مهنتها الأساس وقد ظلت تمارسه في مستشفى ميس الجبل الرسمي، قبل أن تخرج المستشفى من الخدمة جراء القصف الإسرائيلي. وتقول عبدة إن وزارة الصحة وعدت منذ اندلاع الحرب في سبتمبر بالمساعدة من خلال بدل مادي، لكن حتى الساعة «ما في شي»، بحسب تعبيرها.
وعما إذا كانت حظيت بدعم حزب الله المادي، تجيب: «حصلنا على مبلغ 300 دولار حين كنا في مركز الإيواء، أما التعويض علينا بعد خسارة بيوتنا فمؤجل لأن الأولوية اليوم في الخطة هي لبيروت. حاليا، استأجر شقيقي مهدي غرفة في بيروت ليكون قريبا من مركز عمله. هو في الأساس«شيف مطبخ» لكنه يعمل اليوم في مجال تركيب الألمنيوم، ونحن نتكلم مع المعنيين في الحزب بشأن المساعدة في بدل إيجار الغرفة».
ورغم كل الخسارات، لا تنفك عبدة تردد: «الله يعوض». وحين تستذكر أيامها في مركز الإيواء تجزم بأن معاملة الجميع من مسؤولي المركز والبلدية وفاعليات المنطقة كانت أكثر من رائعة، وتقول: «هؤلاء الناس بينحطوا عالراس. والمعاملة التي لقيناها رائعة، وهذه هي الحقيقة أمام رب العالمين».