- حسين جمعة: آفة العصر وبدأت تنشب أظفارها بأبناء المجتمع سواء كانوا متعلمين أو أولياء أمور
- أبرار البلوشي: الطلاب يرونها الطريقة الوحيدة لضمان النجاح وتساعدهم في فهم المواد بشكل أعمق
- مشعان الظفيري: أصبحت ثقافة لدى الطلاب وبمنزلة تجارة وضحك على العقول واستنزاف للأموال
- نايف السبيعي: أولياء الأمور يرونها ضرورة قصوى بالرغم من أن سلبياتها كثيرة وتدق ناقوس الخطر
- أحمد حمدي: استخدامها بشكل معتدل يحقق التوازن بين الدراسة والحياة الاجتماعية
عبدالعزيز الفضلي
أكد عدد من التربويين أن الدروس الخصوصية هي آفة العصر التي بدأت تنشب أظفارها بين أبناء المجتمع، سواء كانوا متعلمين أو أولياء أمور، وتبلغ ذروتها خاصة مع بداية الاختبارات النهائية للطلبة، مشيرين إلى أنها تجارة يقوم بها العاملون على هذه الدروس وهي ضحك على العقول واستنزاف للأموال، لاسيما أن الضغط النفسي الذي تسببه هذه الدروس هو الذي يجعل الطالب يلجأ إليها معتقدا أن المعلم الخصوصي سيطبع معلومات فصل دراسي كامل بعقله في لحظات.
وقالوا في تصريحات لـ «الأنباء» إن الدروس الخصوصية لا فائدة منها، خصوصا أن الطالب قضى عدة أشهر في الدراسة وبشكل يومي ولم يركز على ما يقدم له من المعلم، متسائلين: كيف يستطيع الطالب أن يفهم من معلم يحضر له لمدة يومين أو ثلاثة؟ كما أن ذلك يعتبر عبئا على أولياء الأمور ماديا وقد يسبب ضغطا نفسيا على الطلبة ويؤدي إلى الإرهاق، خاصة إذا كانوا يعانون من التوتر أو القلق الزائد، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن الانشغال المتواصل بالدروس الخصوصية قد يؤدي إلى تقليل الوقت الذي يقضيه الطالب مع أصدقائه، وبالتالي يؤدي إلى شعوره بالعزلة.
وأوضحوا أنه من الممكن أن تكون الدروس الخصوصية أداة مفيدة إذا تم استخدامها بشكل معتدل وبطريقة صحية ونفسية مع مراعاة التأثيرات النفسية والسعي إلى تحقيق التوازن بين الحياة الدراسية والاجتماعية للطالب، وفيما يلي التفاصيل:
في البداية، أكد مدير ثانوية عبداللطيف ثنيان الغانم للبنين حسين جمعة أن الدروس الخصوصية آفة العصر التي بدأت تنشب أظفارها بين أبناء المجتمع سواء كانوا متعلمين أو أولياء أمور، وتبلغ ذروتها خاصة مع بداية الاختبارات النهائية للمتعلمين، مشيرا إلى أن هناك رواجا شديدا لهذه الظاهرة التي استفحلت ولا يخلو بيت منها.
وأضاف أنها ظاهرة ليست قديمة لتضرب بجذورها في أعماق التاريخ ولكنها مستحدثة ووليدة العصر، فقديما لم تكن موجودة، فلم يكن المتعلم أمامه سوى المدرسة ومعلم الفصل يستقي منهما العلم ويرتشف المعرفة باذلا في ذلك ما استطاع من جهد وتركيز وانتباه لأنه يدرك كل الإدراك أنه ليس هناك طريق آخر يلتمس منه العلم سوى هذا الصرح وهذا المعلم الماثل أمامه.
وبين «أما اليوم فقد تغيرت الأمور وأصبح المتعلم متيقنا أنه سيحصل على ما يريد من علم من مصادر أخرى متمثلة في المعلم الخصوصي، فلا عجب إذن أن تظهر الاتكالية وعدم الاهتمام واختفاء التركيز من قبل المتعلم فتقاعس عن بذل الجهد وأحجم عن الإصرار إلا من رحم ربي».
وذكر جمعة أن من أسباب هذه الظاهرة هي ضعف مستويات بعض المتعلمين في بعض المواد الدراسية وعدم مناسبة وقت الحصة للمحتوى الدراسي المراد تدريسه وزيادة الكثافة الطلابية داخل الفصول الدراسية وتقليد بعض المتعلمين لبعضهم بعضا في تخصيص معلم خاص له بالبيت، وكذلك عدم اهتمام بعض المتعلمين بما يقدم لهم داخل الفصل وافتقادهم الشغف وعدم مراقبة بعض المعلمين لله في أعمالهم وعدم الإخلاص فيها، إضافة إلى تقصير بعض أولياء الأمور في متابعة أولادهم ورغبة بعض المتعلمين في رفع مستواهم العلمي.
أما فيما يتعلق بفوائدها فقد أشار جمعة إلى ارتفاع مستوى التحصيل العلمي لدى المتعلمين وزيادة ثقة الطالب بنفسه بعد فهمه لما أغلق عليه وإحساس المتعلم بالدعم الكافي وتطوير المهارات لدى المتعلمين وأيضا القضاء على بعض نقاط الضعف عند المتعلم ومعالجتها.
وذكر أن الدروس الخصوصية سلبياتها عدة، منها زيادة روح الاتكالية عند المتعلم والعبء المادي الكبير الذي يثقل كاهل الأسرة ويرهق ميزانيتها، لافتا إلى أنه يسبب ضغطا على المتعلم بسبب ضيق الوقت ويتولد إحساس لديه بعدم أهمية المدرسة وانعدام أهمية الذهاب إليها.
واختتم جمعة حديثه قائلا: تعد الدروس الخصوصية سلاحا ذا حدين، فهي يمكن أن تكون مفيدة ونافعة إذا ما استعملت لسد ثغرات الاستيعاب عند الطلاب، وتوضيح بعض النقاط التي بقيت مبهمة بعد انتباههم الكامل لشرح المعلم في الصف، لكن على الوجه الآخر، يمكن أن تكون مدمرة إذا ما استعملت بشكل يعود الطالب على الاتكالية والحصول على المعلومات الجاهزة، ويقتل حافزه تجاه البحث عن المعلومات، والاعتماد على نفسه في حل الواجبات والحفظ والمذاكرة، لذا فإن تشبيه الدروس الخصوصية بالدواء هو أبلغ تشبيه لها، إذ يمكن لجرعة بالحكمة منه أن تحل مشكلة، كما يمكن لجرعة زائدة أن تتسبب في كارثة.
هاجس وضغوط نفسية
من جانبه، أكد مدير مدرسة عقبة بن عامر المتوسطة للبنين مشعان الظفيري أن الدروس الخصوصية هاجس وضغوط نفسية وأصبحت ثقافة لدى الطلاب وأولياء الأمور، لاسيما أن الدروس الخصوصية قبل الامتحانات مباشرة ما هي إلا تجارة يقوم بها العاملون على هذه الدروس وما هي إلا ضحك على العقول واستنزاف للأموال، مشيرا إلى أن الضغط النفسي الذي تسببه هذه الدروس هو الذي يجعل الطالب يلجأ إليها، معتقدا بأن المعلم الخصوصي سيطبع معلومات فصل دراسي كامل في عقله بلحظات، وستجعل الطالب يركز على مسألة واحدة ولا يستطيع إدراك باقي المواضيع بسبب تقييد تركيزه في مسألة واحدة.
وأضاف: لا أرى فيها ايجابيات بتاتا، ولو كانت كذلك ما منعت وأصبحت محاربة من الجهات المسؤولة، موضحا أن التوكل على الله ثم تنظيم البرنامج الدراسي بشكل مرتب والاستعانة بالتكنولوجيا أصبحت هي الأفضل والأوفر، خاصة في الدروس المسجلة حيث يستطيع الطالب أن يتدرب على حل المسائل بالشكل الصحيح واستمرار إعادة تشغيل الدرس المصورة حتى يستطيع فهم المسألة وطريقة حلها.
ورأى الظفيري أن الاعتماد على الدروس المسجلة كعملية مساندة للدروس المقررة تسرع من فهم الدرس بدون أي ضغط نفسي ويلجأ اليها الطالب في أي وقت وفي أي مكان، مشيرا إلى أنها الحل المناسب للقضاء على الضغوط النفسية وانعكاساتها السلبية على مستقبل الطالب، إضافة إلى توفير الأموال المهدرة.
وسيلة لضمان النجاح
من جانبها، قالت المديرة المساعدة بمدرسة الفارابي الابتدائية للبنين أبرار البلوشي إن بعض الطلاب يرون الدروس الخصوصية ضرورة مع اقتراب الامتحانات بسبب الضغط النفسي والتوقعات المرتفعة من الأساتذة وأسرهم والعديد منهم يشعرون بالخوف من الفشل، ويشعرون ايضا أن الدروس الخصوصية هي الطريقة الوحيدة لضمان النجاح، ويرون أن الدروس الخصوصية تساعدهم في فهم المواد بشكل أعمق وتقديم فرصة للتفاعل الشخصي مع المعلم، وهو ما قد يصعب تحقيقه في الفصول الدراسية المكتظة.
ولفتت إلى أن العديد من الآباء يعتقدون أن الاستثمار في الدروس الخصوصية ناتج عن رغبتهم في ضمان مستقبل جيد لأبنائهم المتعلمين في ظل المنافسة القوية في المجتمع ليصبح النجاح الأكاديمي أمرا حاسما، وبالتالي يشعرون أن هذا الخيار هو الوسيلة الأفضل لتحقيق النجاح.
ورأت البلوشي أن الواقع قد يختلف كثيرا، فالدروس الخصوصية لا فائدة لها خاصة أن الطالب قضى أشهر عدة في الدراسة وبشكل يومي ولم يركز على ما يقدم له من المعلم، فكيف يستطيع الطالب أن يفهم من معلم يحضر له لمدة يومين أو ثلاثة، كما أن هذا يعتبر عبئا على أولياء الأمور ماديا ونفسيا أيضا قد يسبب ضغطا نفسيا على الطلبة ويؤدي إلى الإرهاق، خاصة إذا كانوا يعانون من التوتر أو القلق الزائد.
ضرورة قصوى
من جهته، أكد عضو جمعية المعلمين سابقا ورئيس قسم الاجتماعيات نايف السبيعي أن الدروس الخصوصية أصبحت عبئا اجتماعيا على كاهل الأسر الكويتية، مبينا أن معظم أولياء الأمور يرونها ضرورة قصوى في ظل كثرة الاختبارات القصيرة ورغم إيجابياتها في تحقيق الانسجام الذهني والخصوصية بين الطالب والمعلم وسهولة ويسر المعلومات والاسترجاع إلا أن سلبياتها أصبحت كثيرة وتدق ناقوس الخطر.
وأوضح السبيعي أن أهم سلبياتها التكاليف المادية الباهظة على أولياء الأمور وعدم الاهتمام باستفادة الطالب من المراجعات والتقوية في المدرسة وتجاهل دور مراكز رعاية المتعلمين المنتشرة في المناطق التعليمية، بالإضافة إلى أن وزارة التربية مؤخرا لجأت إلى تزويد الطلاب ببنوك الأسئلة في موقع الوزارة تيسيرا على الطلاب قبل الاختبارات الفصلية، مشددا على أن الدروس الخصوصية وإن كانت حاجة لكن البدائل السابقة موجودة ومقبولة وتحقق التكيف التعليمي والقبول الاجتماعي وتغني عن اللجوء إليها.
تحقيق التوازن
أما الباحث النفسي أحمد حمدي فقد أكد أن بعض الطلبة قد يصبحون معتمدين بشكل كبير على الدروس الخصوصية، مما قد يعوق قدرتهم على التعلم بشكل مستقل، مشيرا إلى أن كثرة الدروس الخصوصية قد تزيد من ضغط الطالب، حيث يشعر بالضغط لتحقيق أداء جيد باستمرار في مختلف المواد والنجاح في فهم مادة صعبة بفضل الدروس الخصوصية يمكن أن يعطي الطالب شعورا بالإنجاز، مما يعزز لديه دافعية التعلم.
وأضاف أن تكلفة الدروس الخصوصية قد تكون عبئا على بعض الأسر، مما يسبب توترا إضافيا للطالب وعائلته، لافتا إلى أن الطالب الذي لا يتلقى دروسا خصوصية قد يشعر بالتمييز أو النقص، مما يخلق شعورا بعدم المساواة.
وذكر أنه إذا كانت الدروس الخصوصية تضاف إلى الضغط المدرسي المعتاد، فقد يشعر الطالب بالإجهاد النفسي والقلق، مما قد يؤثر سلبا على صحته النفسية، مشيرا إلى أن الانشغال المتواصل بالدروس الخصوصية قد يؤدي إلى تقليل الوقت الذي يقضيه الطالب مع أصدقائه، وبالتالي يؤدي إلى شعوره بالعزلة.
وبين حمدي أنه يمكن أن تكون الدروس الخصوصية أداة مفيدة إذا تم استخدامها بشكل معتدل وبطريقة صحية ونفسية، مشددا على أنه من المهم مراعاة التأثيرات النفسية والسعي لتحقيق التوازن بين الحياة الدراسية والاجتماعية للطالب.