وصل اتفاق هدنة غزة إلى «محطته النهائية» بعد تسوية القضايا الرئيسية التي كانت تعوق التوصل إلى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن في القطاع بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
وأكدت قطر التي تقوم بجهود الوساطة مع الولايات المتحدة ومصر، أمس، أنه قد يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة «قريبا جدا»، بعد 15 شهرا من الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع المحاصر التي أوقعت عشرات آلاف القتلى.
وقبل اقل من أسبوع من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تكثفت المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين من أجل التوصل إلى اتفاق هدنة يتضمن وقفا للحرب وإطلاق سراح عدد من الرهائن المحتجزين في قطاع غزة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري خلال مؤتمر صحافي في الدوحة أمس إن جولة المفاوضات الجارية حاليا في الدوحة وصلت إلى «مراحلها النهائية»، مشيرا إلى أن العقبات الأخيرة التي تعترض التوصل إلى اتفاق «تمت تسويتها».
وأضاف الأنصاري: «نحن على أمل في أن هذا سيؤدي إلى اتفاق قريبا جدا». وأعرب عن الأمل في أن «تتكلل هذه المفاوضات التي جرت بمساعدة الشركاء في الولايات المتحدة ومصر بتقليل نقاط الاختلاف بين الجانبين والوصول إلى التفاصيل النهائية للاتفاق قريبا».
وشدد الأنصاري في الوقت نفسه على أهمية عدم المبالغة في التوقعات قائلا «وصلنا إلى مراحل نهائية ولكن حتى نصل إلى الإعلان لن نقوم بالإعلان عن إنهاء الاتفاق ولا ينبغي علينا أن نبالغ في التفاؤل نحن دائما على ثقة وعلى أمل في الوصول إلى اتفاق».
وأضاف انه جرى تسليم مسودات اتفاق إلى الطرفين وتذليل الصعوبات أمام القضايا الرئيسة العالقة بينهما.
وعن آلية تنفيذ الاتفاق أوضح أنه «يجب أن نعلن أولا عن اتفاق ومن ثم الحديث عن آلية التنفيذ»، مبينا «اننا اليوم في نقطة هي الأقرب إلى الوصول إلى اتفاق.. وأي حديث عن موعد تطبيق الاتفاق سيرتبط شرطا بموعد الإعلان عنه الذي نترقب أن يكون قريبا».
وأعرب عن تفاؤله بنجاح المفاوضات، لافتا إلى ان «القضايا العالقة الرئيسية التي كانت تؤخر الوصول الى اتفاق تم تجاوزها خلال الأيام الأخيرة وبالتالي هذا يجعلنا أكثر تفاؤلا بأن المدى الزمني سيكون أقل من السابق لكن طبعا لا يمكن الحديث عن إعلان للوصول الى اتفاق أو مدى زمني للوصول إليه إلا عندما يكون ذلك واقعا ماثلا أمامنا».
وحول إرسال قوات إلى قطاع غزة، أكد الانصاري موقف قطر الثابت بضرورة إنهاء الاحتلال في قطاع غزة وكل الأراضي الفلسطينية وأن يكون القرار في غزة فلسطينيا، مؤكدا في الوقت نفسه أهمية التضامن الدولي.
اتفاق واضح وشامل
من جانبها، أعربت حركة (حماس) عن أملها في أن تؤدي المفاوضات الجارية حاليا في الدوحة، إلى اتفاق «واضح وشامل» لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى مع إسرائيل.
وقالت الحركة في بيان إنها أجرت مشاورات مع قادة الفصائل الفلسطينية «حيث وضعتهم في صورة التقدم الحاصل في المفاوضات الجارية في الدوحة»، مضيفة أن اتمام الاتفاق «وصل إلى مراحله النهائية» وأعربت عن أملها في «أن تنتهي هذه الجولة من المفاوضات باتفاق واضح وشامل».
من جهته، أعلن مسؤول في الحكومة الإسرائيلية «حصول تقدم فعلي في اليومين الأخيرين» مضيفا «هذه المرة يمكننا أن نأمل أنباء جيدة، إننا قريبون من الهدف، لكننا لم نبلغه بعد».
لكنه شدد على أن إسرائيل لن تغادر «غزة طالما لم يعد جميع الرهائن، الأحياء والأموات»، مؤكدا أنه من غير الوارد الموافقة على وقف إطلاق نار نهائي، بل مؤقت.
وأوردت وسائل إعلام إسرائيلية ومصادر مطلعة على سير المفاوضات أنه سيتم إطلاق سراح 33 رهينة في مرحلة أولى من اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي المقابل، أكد مصدران فلسطينيان مطلعان على المفاوضات لوكالة فرانس برس أن إسرائيل ستفرج عن نحو ألف أسير فلسطيني في المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة مقابل إطلاق سراح 33 رهينة.
وفي السياق، أوردت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أنه «إذا تم تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق فإنه بحلول اليوم السادس عشر من سريان الاتفاق، ستبدأ إسرائيل في التفاوض على المرحلة الثانية للإفراج عن باقي الأسرى، الجنود الرجال في سن الخدمة العسكرية، وجثث الرهائن الذين قتلوا».
وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه سيسمح لإسرائيل بالحفاظ على «منطقة عازلة» في قطاع غزة أثناء تنفيذ المرحلة الأولى.
وقالت صحيفة «هآرتس» أنه «وفقا للمرحلة الأولى من الاتفاق، لا يتوقع أن ينسحب الجيش الإسرائيلي من غزة حتى تتم إعادة جميع الرهائن، لكنه سيسمح بانتقال السكان من جنوب غزة إلى شمال القطاع». وقال وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير أمس إن «الاتفاق كارثي حقا»، بعدما أبدى وزير المالية بتسلئيل سموتريتش معارضته لما وصفه بأنه «اتفاق استسلام».
في هذه الاثناء، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن الأمر يتوقف على «حماس» لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مشيرا إلى أن الاقتراح النهائي «بات على الطاولة».
وأضاف بلينكن في كلمة القاها أمام مركز أبحاث المجلس الأطلسي بواشنطن أمس متحدثا «الكرة الآن في ملعب حماس. إذا قبلت الاتفاق، فإنه جاهز للإبرام والتنفيذ».
وفي الوقت ذاته، قال وزير الخارجية الاميركي إن على اسرائيل أن تقبل بمسار «محدد زمنيا ومشروط» لبناء دولة فلسطينية، معتبرا انه يتوجب «على السلطة الفلسطينية والشركاء الأجانب إدارة غزة بعد الحرب».
الغارات الإسرائيلية تتواصل على القطاع
بموازاة التقدم الحاصل في مفاوضات الهدنة، تواصل إسرائيل شن غارات جوية على قطاع غزة حيث قتل العشرات أمس بينهم أطفال، بحسب الدفاع المدني.
واستهدفت الغارات دير البلح بوسط القطاع وخان يونس في جنوبه ومدينة غزة في الشمال.
وقتل 61 فلسطينيا على الأقل خلال أربع وعشرين ساعة، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل إن «الأمر كان قاسيا ودمويا» موضحا أن «الاحتلال نفذ عشرات الغارات الجوية والمدفعية في كل مناطق القطاع».
وأوضح بصل «18 شهيدا وعشرات المصابين باستهداف الاحتلال خيمة وعددا من المنازل في دير البلح وخان يونس (جنوب) ومدينة مدينة غزة». وتابع «نقلنا 4 شهداء أطفال وعددا من الجرحى نتيجة قصف الاحتلال منزلا لعائلة أبو الشعر في حي الدرج» في شمال وسط مدينة غزة.
وأضاف «تم انتشال 10 شهداء من عائلة عابد التي استهدف منزلها بغارة جوية في حي المنارة في خان يونس (جنوب)، من بينهم الطفلة الرضيعة أيسل عمر شحدة عابد وعمرها عام واحد ووالداها وجدها وعمها وعماتها». كما أفاد بأن «ثلاثة شهداء ارتقوا نتيجة لاستهداف الاحتلال بصاروخ خيمة على شاطئ بحر دير البلح».
وذكر أن «شهيدة نقلت إلى المستشفى الأوروبي، نتيجة لاستهداف منزل في شرق خان يونس» أمس.
وأدت غارة جوية استهدفت مخزنا للأخشاب في حي الدرج في مدينة غزة إلى إصابة عشرة فلسطينيين بينهم حالات خطرة، واندلاع حريق هائل في المخزن، بحسب بصل. وذكر شهود عيان أن طائرة مروحية من نوع أباتشي أطلقت النار على المناطق الغربية لمدينة جباليا شمال قطاع غزة. وقال بصل إن «الليلة الماضية كانت قاسية ودموية» موضحا أن «الاحتلال نفذ عشرات الغارات الجوية والمدفعية في كافة مناطق القطاع».
وأشار إلى «نسف عشرات البيوت في جباليا وبيت لاهيا (شمال) وفي مدينة غزة ورفح» جنوب القطاع، محذرا من «قيام الاحتلال بارتكاب مجازر مع قرب الإعلان عن اتفاق وقف النار».
أهم بنود الاتفاق المرتقب
أوردت العديد من وسائل الإعلام الغربية والإسرائيلية خصوصا ما قالت إنه مسودة الاتفاق النهائي لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة «حماس».
ووفقا للتسريبات الإعلامية المتاحة، فإن اتفاق الهدنة الذي بات قريبا جدا، يتضمن التالي:
- الإفراج عن 1000 أسير من «حماس»، اعتقلهم الجيش الإسرائيلي بعد هجوم الحركة غير المسبوق على مستوطنات «غلاف غزة» في السابع من أكتوبر 2023.
ومن بين هؤلاء الأسرى الألف مقاتلون في صفوف الحركة و170 من ذوي الأحكام العالية، على أن يقسم الأسرى ذوي الأحكام العالية إلى 100 من حركة «فتح» و70 من «حماس» وباقي الفصائل الفلسطينية.
- يكون لإسرائيل «حق الفيتو» أو الاعتراض، على أي اسم مدرج في قوائم الأسرى المطلوب الإفراج عنهم من قبل «حماس».
وقد رفضت إسرائيل الإفراج عن قيادات رئيسية بحركتي «حماس» و«فتح»، مثل: مروان البرغوثي وعبدالله البرغوثي وعباس السيد وإبراهيم حامد.
- تتضمن المرحلة الأولى من الاتفاق وقفا لإطلاق النار لمدة 42 يوما، تطلق خلالها «حماس» سراح 33 محتجزا مقابل الإفراج عن 30 فلسطينيا من أطفال ونساء.
- ستطلق إسرائيل سراح 50 أسيرا مقابل كل مجندة إسرائيلية لدى «حماس»، بينهم سجناء أعيد اعتقالهم بعد صفقة جلعاد شاليط عام 2011.
- في المرحلة الثانية ستنسحب القوات الإسرائيلية بالكامل خارج غزة وتفكك منشآتها ومرافقها بالقطاع.