منذ اندلاع الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس» قبل أكثر من 15 شهرا تسبب القصف الإسرائيلي للقطاع الفلسطيني بقدر من الدمار «غير مسبوق في التاريخ الحديث»، بحسب الأمم المتحدة.
وبحسب آخر تقييم للأضرار أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (يونوسات)، فإنه حتى الأول من ديسمبر 2024 تضرر أو دمر ما يقرب من 69% من مباني القطاع، أي ما مجموعه 170.812 مبنى.
بدورهما، أحصى الباحثان الأميركيان كوري شير وجامون فان دين هوك، استنادا أيضا إلى تحليلات الأقمار الصناعية ولكن باستخدام منهجية مختلفة، 172.015 مبنى متضررا جزئيا أو كليا في القطاع حتى 11 يناير الجاري أي ما يعادل، وفق حساباتهما، 59.8% من مباني القطاع الفلسطيني.
ومنذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023 بهجوم غير مسبوق شنته «حماس» على مستوطنات غلاف غزة وأسفر في الجانب الإسرائيلي عن مقتل 1210 أشخاص، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية ويشمل الرهائن الذين توفوا أو قتلوا خلال احتجازهم، قصف الجيش الإسرائيلي بلا هوادة هذا الشريط الساحلي الضيق المكتظ والبالغة مساحته 365 كيلومترا مربعا.
وأدت الحرب التي شنتها إسرائيل على القطاع ردا على هجوم حماس إلى مقتل 46788 شخصا على الأقل في القطاع، معظمهم من المدنيين، وفقا لبيانات وزارة الصحة التابعة لحكومة «حماس» في غزة والتي تعتبرها الأمم المتحدة جديرة بالثقة.
وبحسب تحليلات الأقمار الصناعية التي أجراها الباحثان الأميركيان، فإنه في مدينة غزة الواقعة شمالي القطاع، والتي كان عدد سكانها 600 ألف نسمة قبل الحرب، تعرض ما يقرب من ثلاثة أرباع المباني (74.2%) للقصف.
أما في مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب غزة والتي تعتبر أقل مدينة كبيرة في القطاع تعرضت مبانيها لأضرار، فقد أظهرت تحليلات الباحثين أن 48.7% من مبانيها تضررت بالقصف (مقارنة بـ 33.9% في أبريل).
وتعرضت المنازل وواجهات المباني لدمار جزئي أو كلي في هذه المدينة الواقعة على الحدود مع مصر والتي تنفذ فيها القوات الإسرائيلية عمليات برية منذ مطلع مايو الماضي.
من جهتها، تقول منظمة العفو الدولية إن أكثر من 90% من المنشآت المبنية على مساحة تزيد عن 58 كيلومترا مربعا والواقعة على طول الحدود بين القطاع الفلسطيني وإسرائيل، «دمرت أو تضررت بشدة» على ما يبدو بين أكتوبر 2023 ومايو 2024.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن إعادة إعمار القطاع ستستغرق ما يصل إلى 15 عاما، وستكلف أكثر من 50 مليار يورو.
وخلال الحرب كثيرا ما استهدفت القوات الإسرائيلية مستشفيات القطاع ذلك أنها تتهم مقاتلي حماس بأنهم يستخدمون هذه المرافق المدنية قواعد لهم سواء للاختباء أو لشن هجمات.
وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن مستشفى كمال عدوان، أحد المرافق الطبية القليلة في شمال قطاع غزة التي لا يزال ممكنا تشغيلها، أصبح «فارغا» و«خارج الخدمة» منذ استهدفته عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة في أواخر ديسمبر2024.
وتقول المنظمة الصحية الأممية أيضا إن 18 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى (50%) تعمل «جزئيا»، بقدرة إجمالية تبلغ 1800 سرير. وفي 31 ديسمبر الماضي، حذرت الأمم المتحدة من أن النظام الصحي في القطاع «على شفا الانهيار التام».
أما بالنسبة لأماكن العبادة، فمن خلال الجمع بين بيانات مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية وقاعدة بيانات أوبن ستريت ماب الدولية (البيانات التعاونية والمفتوحة) يتبين أن 83% من مساجد القطاع تضررت جزئيا أو كليا.
ودفعت مدارس القطاع التي تستخدم منذ بدء الحرب مراكز إيواء للنازحين، بما في ذلك تلك التي ترفع علم الأمم المتحدة الأزرق، ثمنا باهظا أيضا في الحرب، إذ يتهم الجيش الإسرائيلي حركة حماس باستخدام هذه المنشآت التعليمية مخابئ لمقاتليها.
وحتى الأول من ديسمبر 2024، أحصت اليونيسف تضرر ما لا يقل عن 496 مدرسة، أي ما يقرب من 88% من أصل 564 منشأة مسجلة. ومن بين هذه المدارس هناك 396 مدرسة أصيبت بقصف مباشر.
%68 من المساحات الزراعية تضررت - بحسب صور التقطها مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة في 26 سبتمبر 2024، فإن 68% من الأراضي الزراعية في القطاع، أي ما يعادل 103 كيلومترات مربعة، تضررت من جراء الحرب.
وفي محافظة شمال غزة بلغت نسبة الأراضي الزراعية المتضررة 79%، وفي محافظة رفح 57%.
أما بالنسبة إلى الدمار الذي لحق بالأصول الزراعية (بما في ذلك أنظمة ري ومزارع مواش وبساتين وآلات ومرافق تخزين) فالنسبة أكبر من ذلك بكثير، إذ راوحت حتى مطلع 2024 بين 80% و96%، وفقا لتقرير نشره في سبتمبر الماضي مؤتمر الأمم المتحدة حول التجارة والتنمية.
وفيما خص شبكة الطرق، بلغت نسبة الضرر 68%، إذ دمر من جراء الحرب ما مجموعه 1190 كيلومترا من الطرق، من بينها 415 كيلومترا تضررت بشدة و1440 كيلومترا تضررت بشكل متوسط، وفقا لـ«تحليل أولي» أجراه يونوسات في 18 أغسطس 2024. وفي ديسمبر الفائت، أكدت الأمم المتحدة أن «سرعة وحجم القتل والدمار في قطاع غزة غير مسبوقين في التاريخ الحديث».