سكتت أصوات المدافع وتوقفت طائرات الاحتلال الاسرائيلي عن إلقاء قنابل الموت على قطاع غزة لتعود اليه الحياة مرة أخرى وان كان على بطء، مع بدء تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار ليحيي آمال احلال سلام دائم في القطاع، وليبدأ سكانه تغريبتهم الجديدة بحثا عما كانت يوما ما منازلهم لعلهم يجدون لها أثرا وسط دمار غير مسبوق.
وبعد تأخر اسرائيل في تنفيذ الاتفاق لأكثر من 3 ساعات عزته إلى تأخر حماس في تسليم قائمة بثلاث رهائن شن الاحتلال ضربات جديدة على القطاع أوقعت 13 قتيلا على الأقل بحسب الدفاع المدني.
ورغم أن إسرائيل احتفظت بحق استئناف القتال، دخلت أولى شاحنات المساعدات عبر معبر رفح البري مع مصر وبقية المعابر مع الأراضي المحتلة. وأقام الغزاويون احتفالات بطعم الألم والفقد لأحباء كثر قد يساعد رفع الركام في الكشف عن عددهم الحقيقي.
وتسلمت اسرائيل 3 محتجزات من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، واللاتي تسلمتهن اللجنة من حركة حماس بمعبر نتساريم، وفق اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
والإسرائيليات الثلاث هن: رومي جونين (24 عاما) وإميلي دماري (28 عاما) ودورون شطنبر خير (31 عاما).
في المقابل افرجت اسرائيل عن 90 فلسطينيا ضمن الصفقة التي تمت في ساحة السرايا وسط مدينة غزة. وفي الدوحة، بحث رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أمس مع وفد من الفصائل الفلسطينية مجريات تنفيذ الاتفاق.
وقالت وزارة الخارجية القطرية في بيان أنه جرى خلال المقابلة استعراض مجريات تنفيذ الاتفاق بمختلف أبعاده ومناقشة الجوانب التنفيذية وخاصة المرتبط منها بتبادل الأسرى والمحتجزين وإدخـــــال المساعدات إلى القطاع وعودة النازحين إلى مناطقهم.
وأكد الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني خلال المقابلة ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق وضمان استمراره وصولا إلى السلام المستدام والاستقرار المنشود في المنطقة.
وأشار إلى استمرار الدعم القطري للأشقاء في قطاع غزة عبر استئناف الجسر الجوي من المساعدات ودخولها إلى القطاع ضمن ما تم الاتفاق عليه.
وجدد موقف دولة قطر الثابت من عدالة القضية الفلسطينية والحقـــوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
من جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجيـــــة القطرية ماجد الأنصاري في بيان «بدء وقف إطلاق النار»، مشيرا إلى أنه «تم تسليم أسماء الرهائن الثلاثة للطرف الاسرائيلي، وهن ثلاث مواطنات إسرائيليات تحمل إحداهن الجنسية الرومانية وأخرى الجنسية البريطانية».
في المقابل، حذر وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أمس من استمرار عدم الاستقرار في الشرق الأوسط إذا بقيت حركة حماس في السلطة في قطاع غزة.
وقال ساعر خلال مؤتمر صحافي عقده بعيد دخول الاتفاق حيز التنفيذ، «إذا بقيت حماس في السلطة، فقد تستمر الاضطرابات الإقليمية التي تتسبب بها».
وأوضح ساعر أن إسرائيل لم تتمكن من تفكيك قدرات حماس لكنها حققت «تقدما» إذ حولتها «من جيش إرهابي إلى مجموعة حرب عصابات». ورأى أنه في حال أراد المجتمع الدولي وقف إطلاق نار دائما، فيجب أن يشمل ذلك تفكيك حماس كقوة عسكرية وكيان حاكم في غزة. وأضاف «نظريا يمكننا تحقيق ذلك من خلال اتفاق، ولكن ذلك سيتم التفاوض عليه في المستقبل خلال المرحلة الأولى».
وفيما يتعلق بالمخاوف العامة في إسرائيل من أن وقف إطلاق النار قد ينهار، أكد وزير الخارجية أن الانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار يعتمد على أهداف الحرب الإسرائيلية.
وقال «أولا وقبل كل شيء، نحن ملتزمون بإطلاق سراح جميع رهائننا». وأضاف «ولكن من الواضح... أن الانتقال من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية ليس أمرا تلقائيا».
وتابع: «لدينا أهداف للحرب. القيام بذلك بشكل تلقائي هو قبول رغبات حماس ومطالبها. لدينا أهداف نريد تحقيقها وسنتفاوض على ذلك. سنتفاوض على ذلك بحسن نية، ولكن... ليس الأمر تلقائيا».
في الأثناء، أعلن حزب وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير أمس استقالته من الائتلاف الحاكم احتجاجا على الاتفاق الذي وصفه بـ«المشين».
واعتبر بن غفير زعيم حزب «القوة اليهودية» أن اتفاق وقف إطلاق النار هو بمثابة «استسلام لحماس» منددا بـ «إطلاق سراح مئات القتلة» و«التخلي عن إنجازات (الجيش الإسرائيلي) في الحرب» في قطاع غزة، مع العلم أن استقالته لا تحرم نتنياهو من الغالبية في البرلمان.
والى جانب بن غفير قدم وزير التراث عميحاي إلياهو، ووزير تطوير النقب والجليل يتسحاق فاسرلاوف، استقالتهما. وجاء في بيان للحزب «من الآن فصاعدا لن يكون حزب عوتسما يهوديت عضوا في الائتلاف»، وفق ما أوردت الصحيفة.
ومع بدء وقف إطلاق النار، بدأ آلاف النازحين العودة إلى منازلهم، واكتظت الشوارع الرئيسية في مدن القطاع المدمر بأعداد غفيرة من المواطنين العائدين إلى مناطقهم ولاسيما في الشمال سيرا على الأقدام أو في عربات تجرها دواب، حاملين أمتعتهم وخيمهم، وفق ما أفادت فرانس برس.
كما دخلت شاحنات المساعدات إلى القطاع عبر معبر رفح البري مع مصر إلى معبر كرم أبو سالم لتفتيشها ومن ثم توجهت إلى داخل القطاع الذي يعاني أوضاعا إنسانية صعبة وشحا في المواد الغذائية والطبية.
وقالت مصادر لـ«شينخوا» إن عددا من الشاحنات دخلت فعليا إلى قطاع غزة إضافة إلى وضع ترتيبات لتوزيعها على السكان.
وذكرت المصادر أن مصر ستقوم بإدخال 600 شاحنة مساعدات طبية وغذائية وخيام ومستشفيات ميدانية وشاحنات وقود إلى غزة.
وفي منطقة المواصي في خان يونس، قال محمد الربايعة النازح من رفح «الحرب دمرت مستقبلنا وحياتنا، البيوت أصبحت كومة ركام» مضيفا «سنأخذ الخيمة معنا للعودة لموقع بيتنا في رفح وسنعيش حياتنا لحين إعماره».
من جانبه، أعرب محمد عبد المجيد النازح في دير البلح عن «شعور مختلط» وقال إنه يشعر «بفرح لأن الحرب انتهت جزئيا وتوقف شلال الدم، وحزن على الأعداد الكبيرة من الضحايا ومآس متكررة تحتاج لسنوات حتى نتعافى منها».
في الميدان، ارتفعت حصيلة غارات متفرقة شنها الاحتلال الإسرائيلي على مناطق مختلفة من القطاع أمس إلى 13 شهيدا فلسطينيا وذلك بالتزامن مع إعلان تفعيل اتفاق الهدنة.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) ان الاحتلال واصل عدوانه على قطاع غزة أمس ونفذ قصفا مكثفا رفع حصيلة الشهداء إلى 13 شخصا بالإضافة إلى عشرات الجرحى في مناطق متفرقة بينها (بيت لاهيا) ومدينة (غزة) و(البريج) ومناطق (بيت حانون).