أعلنت القيادة العامة في سورية أن قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع ووزير الخارجية في حكومة تسيير الأعمال أسعد الشيباني استقبلا أمس مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون، في وقت قالت منظمة «أطباء بلا حدود» إن أكثر من 70% من سكان سورية بحاجة إلى مساعدات إنسانية «عاجلة»، وأكدت سعيها لتوسيع أنشطتها في مناطق كان الوصول إليها «مستحيلا» في عهد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وفي مقابلة مع وكالة «الأناضول» أوضح كارلوس أرياس، منسق الشؤون الطبية في سورية لدى المنظمة، أن العمل الإنساني فيها يواجه «تحديات كبيرة وسط احتياجات متزايدة للسكان».
ولفت أرياس إلى أن «أكثر من 70% من سكان سورية مازالوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بينما لا يتم توفير سوى ثلث التمويل اللازم» لسد الاحتياجات الضرورية.
تزامن ذلك مع تصعيد ميداني في مناطق شمال شرق سورية، وسط تقارير عن مفاوضات بين الإدارة الجديدة وقوات سوريا الديموقراطية «قسد» التي يهيمن عليها الأكراد.
ووجه مفاوضون كل تركيزهم على التوصل الى اتفاق محتمل لحل واحدة من أكثر القضايا خطورة التي تلقي بظلالها على مستقبل سورية وهو مصير الميليشيات الكردية التي تعتبرها الولايات المتحدة حليفا رئيسيا في القتال ضد تنظيم داعش، فيما تعتبرها الجارة تركيا امتدادا لحزب العمال الكردستاني «بي كي كي» وتشكل تهديدا للأمن القومي.
وقال نحو عشرة مصادر لرويترز إن مفاوضين ديبلوماسيين وعسكريين من الولايات المتحدة وتركيا وسورية إلى جانب قسد يبدون في المفاوضات قدرا أكبر من المرونة والصبر مما تشير إليه تصريحاتهم العامة. وشاركت خمسة من هذه المصادر بشكل مباشر في مناقشات مكثفة خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وقالت ستة من المصادر إن هذا قد يمهد الطريق لاتفاق في الأشهر المقبلة من شأنه أن يتضمن مغادرة بعض المقاتلين الأكراد من المنطقة المضطربة في شمال شرقي سورية، فيما يتم وضع آخرين تحت قيادة وزارة الدفاع الجديدة.
وفي حديث تلفزيوني، قال زعيم «قسد» مظلوم عبدي إن المطلب الأساسي للقوات هو الإدارة اللامركزية، وهو ما قد يمثل تحديا للإدارة السورية الجديدة التي تتطلع إلى إعادة كل مناطق البلاد إلى سلطة الحكومة بعد الإطاحة ببشار الأسد الشهر الماضي.
ونقل موقع تلفزيون «سوريا» عن عبدي، أنه التقى خلال الأيام الماضية قائد الإدارة أحمد الشرع في دمشق، وقال إنه رحب به باللغة الكردية.
وأوضح أن اللقاءات التي عقدها مع مسؤولين في الحكومة السورية، من بينهم أحمد الشرع، ركزت على آليات دمج الفصائل المسلحة ضمن إطار وزاري موحد تحت مظلة وزارة الدفاع.
وأشار عبدي إلى أن الاجتماع الأخير الذي عقد في وزارة الدفاع لمناقشة إعادة توحيد الفصائل السورية لم تتم دعوة قوات «قسد» إليه، معتبرا أن أي محاولة لإعادة دمج الفصائل من دون مشاركة جميع الأطراف ستؤدي إلى تعقيد الأوضاع وزيادة الانقسامات.
وكشف زعيم الميليشيات الكردية، عن أنه طرح خلال لقائه مع الشرع فكرة تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لدراسة عملية دمج القوات العسكرية وربطها بوزارة الدفاع السورية، لافتا إلى أنه يعارض فكرة وجود جيشين في سورية.
وأشار عبدي إلى أن «قسد» لا تعتزم حل نفسها، وأنها منفتحة على ربط نفسها بوزارة الدفاع والعمل وفق قواعدها، ولكن «ككتلة عسكرية».
ورفض وزير الدفاع السوري الجديد مرهف أبو قصرة هذا التوجه في مقابلة أجرتها معه رويترز أمس الأول، وقال إن مقترح أن تظل قسد كتلة واحدة «لا يستقيم»، وهو ما أكدته مصادر نقل عنها تلفزيون «سوريا» بأن وزارة الدفاع السورية أكدت رفضها لأي مقترح يمنح الفصائل المسلحة خصوصيات طائفية، دينية، أو مناطقية ضمن هيكلية الجيش الوطني المزمع تشكيله.
ميدانيا، أعلنت قوات غرفة عمليات «فجر الحرية» التابعة للجيش الوطني السوري تمكنها من قطع طريق الإمداد الرئيسي لميليشيا «قسد» إلى سد تشرين الواقع في ريف مدينة منبج شرقي محافظة حلب، بهدف إضعاف خطوط الدعم اللوجستي والتضييق على القوات المتمركزة في المنطقة.
وفي خطوة تصعيدية أخرى، قامت قوات الجيش الوطني بتمشيط معسكرات تدريب تابعة لميليشيا «قسد» في محيط سد تشرين، وأسفرت الاشتباكات في المنطقة عن مقتل عنصرين من «قسد»، مما يزيد من حدة التوتر على الجبهة، بحسب مواقع اخبارية سورية.
إلى ذلك، قام القائم بأعمال السفارة التركية لدى دمشق، برهان كور أوغلو، بافتتاح القنصلية التركية في مدينة حلب بعد إغلاقها لمدة 13 عاما، بحضور مسؤول الشؤون السياسية في وزارة الخارجية السورية، سعد نعسان، وذلك بعد أسابيع قليلة على إعادة افتتاح السفارة في دمشق.