بيروت - بولين فاضل
رفعت سيدة جنوبية وأمامها على مرمى حجر البندقية الإسرائيلية مرفوعة الصوت عاليا والذراع مفتوحة وقالت: «قوص» (أطلق النار).. صورة بألف صورة اختزلت كل المشهدية الجنوبية، والأكيد أنها ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي يسطر فيها الجنوبيون دروسا في الشهادة والشجاعة حيال الاحتلال الإسرائيلي، ويندفعون ويدفعون دماءهم ثمنا للحق و«لا يموت حق وراءه مطالب»، كما يقال.
ففي يوم أمس، 26 يناير، يوم انقضاء مهلة الـ 60 يوما التي لحظها اتفاق وقف إطلاق النار لانسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب اللبناني، ورغم عدم إتمام هذا الانسحاب سلك الجنوبيون بالمئات طريق العودة المحفوفة بالخطر من أجل الدخول إلى بلداتهم المتاخمة للحدود، والتي حولها الاحتلال إلى أطلال شاهدة على عدوانه.
وفيما أكد الجيش اللبناني في بيان له «مواكبة دخول المواطنين إلى عدد من البلدات الجنوبية»، داعيا «إلى ضبط النفس واتباع توجيهات الوحدات العسكرية»، لاسيما ان معظم قرى القطاع الشرقي لم يغادرها الجيش الإسرائيلي، دخلت وحداته أمس قرى جنوبية مثل مارون الراس والضهيرة، وتبعها دخول الأهالي اليها بعدما تجمعوا منذ الصباح منتظرين أن تدق ساعة الدخول.
وفي وقت بلغت حصيلة غير نهائية للنيران الإسرائيلية على الأهالي المتمسكين بالعودة والعسكريين اللبنانيين المواكبين لها، «٢٢ شهيدا وأكثر من ١٢٤ جريحا» بحسب وزارة الصحة اللبنانية، قال الجيش اللبناني إن «الجيش الإسرائيلي واصل الاعتداء على المواطنين ورفض الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار والانسحاب من الأراضي اللبنانية».
وأعلنت قيادة الجيش «استشهاد عسكري على طريق مروحين الضهيرة - صور وإصابة آخر في بلدة ميس الجبل - مرجعيون نتيجة استهدافهما بإطلاق نار من قبل العدو الإسرائيلي، في سياق اعتداءاته المتواصلة على المواطنين وعناصر الجيش في المناطق الحدودية الجنوبية».
وفي هذا الإطار، عمد الجيش الإسرائيلي بمشهد تكرر في أكثر من قرية، إلى إطلاق الرصاص على الأهالي الذين حاولوا دخول بلدة كفركلا بعدما تجمعوا عند مدخلها والى جانبهم النائب في حزب الله علي فياض ابن بلدة الطيبة المجاورة لكفركلا، والذي قال إنه «على رغم سقوط جرحى، فإن أهالي كفركلا يصرون على الدخول إلى بلدتهم».
وفي تواصل لـ «الأنباء» مع ابنة بلدة ميس الجبل الحدودية عبدة برجي، روت أنها تجمعت منذ السابعة من صباح أمس الأحد «مع أبناء البلدة ومشوا ساعتين على الأقدام من بلدة شقرا باتجاه ميس الجبل وتجمعوا في نقطة للقوات الدولية «اليونيفيل» منتظرين أن يساعدهم الجيش اللبناني في الدخول إلى بلدتهم».