أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء الدنماركية ميته فريدريكسن أمس على ضرورة أن تدافع أوروبا عن «مصالحها الخاصة» مع الحفاظ على «الروابط بين ضفتي الأطلسي»، في وقت يتحدث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن ضم غرينلاند، الإقليم الدنماركي المتمتع بالحكم الذاتي.
وأشارت الرئاسة الفرنسية إلى أن ماكرون وفريدريكسن ناقشا «الأجندة الأوروبية، بهدف تعزيز اتحاد أوروبي موحد وقوي وذي سيادة، متمسك بالروابط بين ضفتي الأطلسي ويعرف كيف يؤكد ويدافع عن قيمه ومصالحه»، وذلك في بيان أصدرته عقب لقاء بين الجانبين من دون ذكر غرينلاند.
وأضافت الرئاسة الفرنسية أن الجانبين ناقشا على وجه الخصوص «قضايا الأمن والدفاع الأوروبية» قبل الاجتماع غير الرسمي لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي في 3 فبراير في بلجيكا.
وأكد ماكرون وفريدريكسن أيضا على «ضرورة تسريع تنفيذ أجندة القدرة التنافسية الأوروبية»، خصوصا في مواجهة الهيمنة الأميركية في المجال الرقمي وصعود الصين في هذا المجال.
وتتبنى الدول الأوروبية، بما في ذلك فرنسا، حاليا نهجا غير تصادمي في التعامل مع تهديدات دونالد ترامب. وبدلا من ذلك، يشدد الأوروبيون على ضرورة أن تطرح أوروبا أجندتها الخاصة في مواجهة المصالح الأميركية التي يدافع عنها ترامب.
وأكدت رئيسة الوزراء الدنماركية في وقت سابق في برلين أن «قارتنا تقوم على فكرة مفادها أن التعاون، وليس المواجهة، هو الذي سيؤدي إلى السلام والتقدم والازدهار».
كما استعرض ماكرون وفريدريكسن الاستعدادات للرئاسة الدنماركية المستقبلية لمجلس الاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من عام 2025.
في هذا الإطار، ستستقبل فرنسا ملك وملكة الدنمارك اللذين سيجريان زيارة دولة في الفترة من 31 مارس إلى 2 ابريل، وفق قصر الإليزيه.
موجة انتقادات واسعة لبايرو بعد تصريحات عن «إغراق» المهاجرين لفرنسا
اضطر رئيس الوزراء الفرنسي الوسطي فرنسوا بايرو للدفاع عن نفسه أمس بعد تعرضه لانتقادات من اليسار وقسم من حلفائه على خلفية تصريحاته عن وجود شعور متزايد بأن المهاجرين «يغرقون» فرنسا، وهي تصريحات لاقت قبولا لدى حزب التجمع الوطني اليميني.
وقال بايرو أمس الأول عبر قناة «إل إس آي» إن «التدفقات الأجنبية إيجابية بالنسبة إلى أي شعب، شرط ألا تتجاوز حدا معينا، فمنذ اللحظة التي تشعر فيها بأنك تغرق، وبأنك لم تعد تعرف بلدك أو أساليب الحياة فيه أو ثقافته، فإنك ترفض ذلك».
واعتبر رئيس الوزراء أن فرنسا لم تتجاوز هذه العتبة بعد لكن «نحن نقترب» منها، مضيفا أن «عددا من المدن والمناطق (لديها حاليا) هذا الشعور».
وتعليقا على هذه التصريحات، اعتبر أمس وزير الداخلية اليميني برونو روتايو وهو عضو في حزب الجمهوريين، أن «رئيس الوزراء سوغ السياسة التي أرغب في اتباعها».
بدوره، اعتبر وزير العدل جيرالد دارمانان المنتمي إلى حزب النهضة الرئاسي، أن «إقدام رجل وسطي معتدل متوازن بعد شهر ونصف شهر في ماتينيون (مقر رئاسة الوزراء) على التصريح بأن هناك نسبة من الأجانب لا يجب تجاوزها على التراب الوطني، يعد خطوة إلى الأمام».
وأشاد نائب رئيس حزب الجبهة الوطنية سيباستيان شينو بهذا «الانتصار في المعركة الأيديولوجية». أما رئيسة كتلة الحزب في الجمعية الوطنية مارين لوبن، فقالت إنها تنتظر أن يتخذ فرنسوا بايرو «إجراءات تبعا للاستنتاجات» التي خلص إليها.
لكن تصريحات رئيس الوزراء كان لها وقع الصدمة لدى الجناح اليساري في المعسكر الرئاسي.
وقالت رئيسة الجمعية الوطنية يائيل براون بيفيه «لم أكن لأدلي بهذه التصريحات أبدا وهي تزعجني. نحن نتحدث عن رجال ونساء، عن بلادنا فرنسا التي لطالما استضافت وبنيت على هذا التقليد من خلال تاريخها وجغرافيتها وثقافتها».
أما الانتقادات من اليسار فكانت أشد، حيث قالت رئيسة كتلة الخضر في الجمعية الوطنية سيريل شاتلين إنها «صدمت بشدة» من تصريحات بايرو «المخزية»، معتبرة أنها تعكس «فكرة خاطئة يروج لها أقصى اليمين».
ووصفت رئيسة كتلة حزب فرنسا الأبية ماتيلد بانو وجهة النظر بشأن الهجرة التي يتبناها روتايو وحلفاؤه بأنها «عنصرية».
وقال رئيس كتلة الاشتراكيين في الجمعية الوطنية بوريس فالو «نحن لا نستعير عبارات أو هوامات اقصى اليمين»، معتبرا صريحات بايرو «شائنة».
ولفت فالو إلى إن تصريحات بايرو من شأنها «التأثير» على قرار حزبه دعم رئيس الوزراء في تصويت مستقبلي لحجب الثقة عنه.
وقال بايرو ردا على سؤال حول تصريحاته خلال جلسة مساءلة في الجمعية الوطنية أمس، إنه متمسك باختياره للمصطلحات.
وأشار إلى إقليم مايوت الفرنسي في المحيط الهندي، والذي يواجه هجرة مكثفة غير نظامية من جزر القمر المجاورة. وأضاف رئيس الوزراء «أي شخص يتابع الوضع في مايوت، وهي ليست الوحيدة في فرنسا، يمكنه أن يفهم أن الإغراق هو المصطلح الأكثر ملاءمة».
وقال أمام النواب إن «مجتمعا بأكمله في المقاطعة الفرنسية يواجه موجات من الهجرة غير الشرعية التي تصل في بعض الأحيان إلى 25% من السكان».
وتابع «ليست الكلمات هي التي تثير الصدمة، بل الواقع هو الذي يثيرها».