بيروت - جويل رياشي
عرض رئيس الحكومة نواف سلام في إطلالة تلفزيونية عبر قناة "تلفزيون لبنان" الرسمية وبثتها غالبية الأقنية، لموقفه من الحكومة الجديدة التي شكلها السبت الماضي، وهي الأولى في عهد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون.
وتطرق الى المعايير التي وضعها لتشكيل الحكومة، وأبرزها فصل النيابة عن الوزارة في حكومته، وصولاً الى اشتراط عدم ترشح الوزراء الحاليين للانتخابات النيابية المقبلة المقررة سنة 2026.
وتناول كثيراً تجربة الرئيس الراحل فؤاد شهاب (1958 - 1964)، واصفاً إياه بأفضل رؤساء الجمهورية، ومتناولاً تجربته في الاحتكام الى "كتاب الدستور" (عرف بالكتاب).
وقال انه تشاور مع الكتل السياسية كلها، سعياً لتأمين الثقة لحكومته، كاشفاً انه صارحها (الكتل) برغبته في اختيار وزراء مقبولين منها ولكن غير حزبيين.
ورداً على سؤال عن استبعاد كتل سمته لرئاسة الحكومة مثل "التيار الوطني الحر" و"الاعتدال الوطني"، قال ان بعض الكتل حاولت ان تفرض عليه معايير في التأليف. وقال انه لم يضع في معاييره عدد النواب المنتمين الى الكتل لتمثيلها في الحكومة. "وقد صعّب عليّ التيار الأمر، ولم أصل الى تفاهم مع الاستاذ (النائب) جبران (باسيل). وغلب على طلب كتلة الاعتدال التمثيل المناطقي، في حين انني اعتمدت معيار الكفاءات".
وعن عدم حصول تبديل في الحقائب السيادية واستطاعة الحكومة الاستمرار بقوة دفع من المجلس النيابي، قال سلام ان الحكومة تحصن نفسها بقدر استعادة ثقة الناس، "وهذه حكومة تأسيسية هدفها وضع البلاد على سكة الدولة". واعتبر ان الواقعية السياسية ادت الى توزيع الحقائب كما حصل، مشدداً على عدم حصرية الوزارات الأربع الكبرى بالطوائف. وأعطى مثلاً عن وزير خارجية الاستقلال سليم تقلا وهو من طائفة الروم الكاثوليك "وهو أحد اهم وزراء الخارجية في تاريخ الجمهورية اللبنانية". كما تناول التجربة الناجحة للوزيرين الدرزيين الامير مجيد ارسلان (الدفاع) وكمال جنبلاط (الداخلية).
وذكر انه رفض اعتماد الانقضاض السياسي على الطائفة الشيعية بعد الحرب الأخيرة، من دون ان يعني ذلك تكريس حقيبة المال الى الطائفة الشيعية.
وعن البيان الوزاري للحكومة، قال سلام انه سيتطرق الى الانسحاب الإسرائيلي وفقاً للقرار 1701 وإعادة الإعمار، الى تحديات أخرى بينها الاصلاح المالي والسياسي، "من هنا كانت تسميتي للحكومة حكومة الإنقاذ والإصلاح".
وعن نية إسرائيل تأجيل انسحابها من الأراضي اللبنانية التي احتلتها، رد بالقول: "نسعى الى حصول الإنسحاب اليوم قبل الغد. ونقوم بدورنا عبر الجيش اللبناني لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وتأمين آلية المراقبة". وكرر القول: "نريد تعجيل الانسحاب وليس تأجيله".
وعن تطبيق سيادة الدولة شمال الليطاني وليس فقط في جنوبه وفق القرار 1701، أشار سلام الى "خطاب القسم للرئيس جوزف عون ببسط سلطة الشرعية اللبنانية وسلاحها، من دون إسقاط تراكمات سابقة، واستعجال التنفيذ خلال شهر من بدء ولاية رئيس الجمهورية، وهذا لا يتحقق بليلة واحدة".
وعن حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، قال رئيس الحكومة: "على امتداد مساحة لبنان كاملة، ووفق وثيقة الوفاق الوطني الموقعة في الطائف، ورد نص عن بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها.. وقد دفعنا ثمناً غالياً في الجنوب نتيجة ما اعتمد تسميته مناطق منزوعة السلاح".
وتناول قضية الودائع المصرفية فقال: "لا شطب للودائع، بل شطب هذه الجملة"، وذكّر الناس بأنه مودع مثلهم ولديه اموال عالقة في المصارف.
وتحدث عن ضرورة تحسين الشروط اللبنانية مع صندوق النقد الدولي، وصولاً الى تطبيق الأفضل. وسأل عن جدية المناداة سابقاً ب "الكابيتال كونترول" مستغرباً عدم تطبيقه. وقال ان الدولة ستكون قوية في مشروع الاصلاح، في رد على سؤال للصحافي نبيل بو منصف عن "مافيات تتفوق على الدولة". ودعا "الى إعادة الصحة الى المصارف بوضع هيكلية جديدة لها".
وشدد على ان الإصلاحات المالية وتعزيز القضاء كفيلان باستعادة ثقة المودعين.
ورفع كتاب وثيقة الطائف مشيراً الى تضمنه هذه الإصلاحات.
وفي محور العلاقات مع الدول الخارجية، وارتدادات الأشهر الأخيرة "التي كانت فاقعة"، رأى سلام انه منذ الخمسينيات من القرن الماضي، راهن أفرقاء محليّون عدة على الخارج، "وحان الوقت لنراهن على بعضنا بإعادة بناء الدولة، وترميم علاقاتنا مع الدول العربية التي ساءت كثيراً. والعرب عائدون الى لبنان". وتناول زيارات رئيس وزراء قطر ووزراء خارجية السعودية والكويت ومصر والامين العام لمجلس التعاون الخليجي الى بيروت أخيراً.
ورفض سلام ما يثار عن نقل سكان غزة الى اي دولة أخرى، "وحتى الى الضفة الغربية". مؤكدا ان "الحل بالتضامن العربي". ودعا الى تطبيق مقررات قمة بيروت بحل الدولتين في فلسطين. وطالب بتطبيق سلة مترابطة للوصول الى حل الدولتين وقيامه على حل عادل وفق القوانين.
وعن المقاربة اللبنانية للعلاقات مع سورية، قال رئيس الحكومة: "هناك مجموعة قضايا بينها تثبيت الحدود وموضوع اللاجئين السوريين"، مطالباً بعودتهم "خصوصاً بعد زوال النظام السابق الذي تسبب بتهجيرهم.. وعلينا ان نعمل معاً لعودة السوريين الى سورية".
وقال انه هنأ الرئيس السوري احمد الشرع هاتفياً اثناء اتصال الرئيس جوزف عون به. مضيفا "لا بد من حوار بين لبنان وسورية".
ودعا الى الاستفادة من الاستثمارات الخليجية بعد إعادة ترميم العلاقات، "وهناك خطوات اصلاحية لا بد ان نقوم بها".
وعن احتمال وضع قانون جديد للانتخابات النيابية، قال: "القانون الحالي غير مرضٍ بالنسبة الي.. هناك مجموعة من الإصلاحات الضرورية لقانون الانتخابات". وقال ان تحصين الحكومة يكون بكسب ثقة الناس.
ونفى ختاماً اشتراطه وجود وزراء من متخرجي الجامعة الأميركية، "وإحدى شهاداتي من الجامعة اللبنانية".
وعن عودته الى البلاد وتخليه عن منصبه رئيساً لمحكمة العدل الدولية، قال: "رأيت فرصة كبرى للعمل هنا وخدمة البلاد خصوصاً بعد انتخاب الرئيس جوزف عون".