- 20 إلى 25% علاوات الاستحواذ خليجياً.. «وربة» نفذها عند 20%
- 55 % وفورات متوقعة بالمصاريف التشغيلية تقدر بـ 239 مليون دينار
- 16 % ارتفاعاً في سعر سهم «وربة» منذ الإفصاح عن الصفقة في 8 يناير
- 12.4 مليار دينار حجم الأصول حال إتمام عملية استحواذ كاملة على «الخليج»
- الصفقة تعيد التوازن في السوق المصرفي المحلي بـ 4 بنوك تقليدية.. ومثلها إسلامية
- قيام مصارف كبيرة بمستويات صحية من الربحية والسيولة تدعم نمو الاقتصاد الوطني
- الاستحواذ يقلل مخاطر الائتمان تجاه المودعين ويعزز مستويات سلامة القطاع المصرفي
- الصفقة تتوافق مع توجهات «المركزي» لترسيخ دعائم الاستقرار النقدي والمالي
- تعزز التصنيفات الدولية والاستفادة من فرص تمويل المشروعات التنموية واحتياجات الحكومة
- تعمق القدرة على التمويل.. وسط مؤشرات وتوقعات باستمرار النمو في سوق الصكوك
- مكاسب الصفقة ستعمُّ على الجميع وتسهم في زيادة أرباح المساهمين ومن ضمنها الدولة
- مليار دينار قيمة مضافة سيخلقها الاندماج للبنك ومساهميه.. بما في ذلك الحكومة
علي إبراهيم
يعيد القطاع المصرفي الكويتي رسم خارطته التنافسية عبر إستراتيجيات مرنة تتمثل في اندماجات واستحواذات استراتيجية، تعزز الملاءة المالية، وتخفض التكاليف، وتوسع نطاق التمويل، ما يدعم الاقتصاد الوطني ويعزز ثقة المستثمرين.
وتسهم هذه التحولات في رفع الكفاءة التشغيلية وتوسيع نطاق الخدمات المصرفية، ما يعكس قدرة القطاع على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية، ويعزز استقراره المالي والنمو المستدام، ما يرسخ مكانته محليا وإقليميا وعالميا، ليواصل القطاع لعب دور رئيسي في تحفيز الاقتصاد الوطني وتوسيع نطاق الخدمات المصرفية بكفاءة وتنافسية عالية.
وتبرز فعالية القطاع من خلال صفقة «وربة - الخليج»، إذ يعد توقيع بنك وربة على اتفاقية شراء كامل الحصص المشكلة لرأسمال شركة الغانم التجارية التي تملك نسبة 32.75% من أسهم بنك الخليج، خطوة أولى قد تتبعها عملية استحواذ كامل لـ «وربة» على بنك الخليج، وتأتي هذه العملية امتدادا لسلسلة من عمليات الاستحواذ والاندماج بين المؤسسات المصرفية على مستوى الكويت ودول الخليج.
وتظهر أرقام الصفقة أن «وربة» عرض سعر 400 فلس لسهم بنك الخليج، بزيادة 20% على سعر السهم، كما في ديسمبر 2024، ليبلغ إجمالي الصفقة 498.16 مليون دينار، وجاء العرض بتلك الصورة محققا قيمة صفقة مثالية
لـ «وربة»، وذلك عند الارتكاز على 4 من المحددات الرئيسية التي يمكن تفصيلها كما يلي:
1 - دراسة صفقات الاندماج المصرفي السابقة في دول الخليج والتي تظهر أن عمليات الاندماج والاستحواذ غالبا ما تؤدي إلى تحقيق وفورات تشغيلية كبيرة نتيجة للتكامل بين البنوك المندمجة، وتشمل هذه الوفورات تقليص التكاليف الإدارية، تحسين كفاءة الأنظمة التشغيلية، ودمج الفروع والموارد البشرية، وفقا للتقديرات، فإن التكامل بين بنك وربة والبنك المستحوذ يمكن أن يحقق وفورات تشغيلية تعادل نحو 55% من المصاريف التشغيلية للبنك المستهدف، وهو ما يترجم إلى قيمة حالية صافية (NPV) تقدر بنحو 239 مليون دينار، وتأتي هذه الوفورات من تحسين كفاءة العمليات، توحيد الأنظمة التكنولوجية، وتقليل التكاليف الزائدة، ما يعزز الربحية ويسهم في خلق كيان مصرفي أكثر تنافسية في السوق.
2 - دراسة صفقات الاستحواذ السابقة التي تمت عبر تبادل الأسهم بين البنوك في دول الخليج، تظهر أن علاوات الاستحواذ تراوحت عادة بين 20% و25% من قيمة السهم المستهدف.
3 - تقديرات الوسيط للسعر المستهدف لسهم بنك الخليج بافتراض تنفيذ صفقة تبادل أسهم بنسبة 100% مع بنك بوبيان، جاءت بعلاوة تبلغ تقريبا 25% على سعر السهم غير المتأثر.
4 - منذ بداية تداول الأخبار في السوق حول الاتفاق بين شركة الغانم التجارية وبنك وربة، شهد سعر سهم بنك وربة ارتفاعا ملحوظا بنحو 16%.
في السياق ذاته، تبرز أهمية عملية الاستحواذ على أسهم بنك الخليج ومزاياها في 9 محاور رئيسية يمكن إجمالها كما يلي:
1- تعزيز تنافسية بنك وربة على المستوى المحلي وعلى مستوى الصناعة المصرفية الإسلامية عالميا، إذ يعد «وربة» السابع من بين البنوك التسعة العاملة في الكويت بحجم أصول يبلغ 5.29 مليارات دينار، ما يجعله في وضع تنافسي صعب مقارنة مع بقية البنوك المحلية ويحد من قدرته على النمو خاصة بعد الاندماجات الأخيرة بين المصارف الإسلامية محليا.
وفي حال إتمام عملية استحواذ كاملة على بنك الخليج سوف يبلغ حجم الأصول لدى الكيان الجديد ما يقارب 12.4 مليار دينار مما يجعله ثالث أكبر بنك على مستوى الكويت، كما يقدر أن يصبح بنك وربة ضمن أكبر 10 بنوك إسلامية على المستوى العالمي. الاستحواذ يزيد على 40 مليار دولار.
2- إعادة التوازن في السوق المصرفي الكويتي، ففي حال إتمام عملية استحواذ كامل سوف تتساوى أعداد البنوك التقليدية والإسلامية لتبلغ 4 بنوك لكل منها، مع تقارب كبير في الحجم الكلي حيث ستشكل البنوك التقليدية نسبة 49% من إجمالي الموجودات مقابل 51% للبنوك الإسلامية.
3- الاستفادة من سوق التمويل الإسلامي الواعد، فبحسب دراسة صادرة عن وكالة التصنيف الائتماني العالمية «ستاندرد آند بورز» فإن صناعة التمويل الإسلامي عالميا يتوقع أن تواصل نموها السريع في الأسواق الرئيسية لهذه الصناعة ومن ضمنها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتتوقع الوكالة استمرار مسار النمو في الأصول الإسلامية خلال عامي 2024 و2025 بنسبة نمو عالية من خانة واحدة.
ومن المتوقع كذلك أن تسهم المشاريع التنموية في المنطقة في خلق فجوة تمويلية يمكن للصكوك أن تسهم في ردمها، فضلا عن منتج التكافل الذي يتوقع أن يسجل نموا بنسبة 10% على أساس سنوي.
مع ذلك تواجه الصناعة المصرفية الإسلامية عدة تحديات، من أبرزها تركز أنشطتها في أسواق رئيسية محددة في بلدان الخليج العربي، والشرق الأوسط وبعض الدول الآسيوية، إلى جانب ذلك تسود الصناعة المالية الإسلامية حالة من التجزؤ، مما يؤثر في قدرة المؤسسات المصرفية الإسلامية على المنافسة عالميا نظرا لصغر حجم معظم تلك المؤسسات، وهو ما يعد حافزا لعمليات الاستحواذ والدمج لإيجاد كيانات أكبر وأقدر على المنافسة.
4- التوافق مع توجهات بنك الكويت المركزي لتعزيز الاستقرار المالي، إذ يطبق «المركزي» سياسات نقدية وسياسات رقابية وإشرافية حصيفة على القطاع المصرفي بهدف ترسيخ دعائم الاستقرار النقدي والاستقرار المالي في الكويت.
وهنا يمكن الإشارة بوضوح إلى الدور الإيجابي للبنك المركزي في إنجاح عمليات الاستحواذ السابقة وآخرها استحواذ بيت التمويل الكويتي على البنك الأهلي المتحد، حيث يصب قيام كيانات مصرفية كبيرة ذات ملاءة مالية جيدة ومستويات صحية من الربحية والسيولة في تحقيق هدف البنك المركزي بتعزيز الاستقرار المالي، كذلك فإن وجود جهاز مصرفي عالي الاستقرار والكفاءة مهم للغاية في سبيل تعزيز فاعلية أدوات السياسات النقدية وكفاءة توظيفها لتعزيز الاستقرار النقدي ودعم النمو في الاقتصاد الوطني.
وحيث إن بنك وربة سيعمد إلى زيادة رأسماله بنسبة 100% لتغطية قيمة الصفقة، ومع التوقعات بزيادة الربحية جراء توسع قاعدة الأصول وزيادة التنويع، مع زيادة العملاء والاستفادة من شبكة واسعة من الفروع المصرفية والخدمات، فإن ذلك يتوافق مع توجهات «المركزي» بتدعيم القواعد الرأسمالية لوحدات الجهاز المصرفي الكويتي، وتعزيز قدرتها على تقديم الخدمات للعملاء والتعامل مع الصدمات المالية والاقتصادية في حال وقوعها من موقع قوة.
5- تقليل مخاطر الائتمان تجاه المودعين على مستوى البنك، في حين أن الودائع لدى البنوك المحلية تتمتع بحماية حكومية في ظل القانون رقم 30 لسنة 2008 بشأن ضمان الودائع لدى البنوك المحلية في الكويت، إلا أنه ما يزال يتعين الحد من المخاطر المتعلقة بالعجز عن الوفاء بحقوق المودعين، حيث إن هذه المخاطر في حال تحققها سوف تلقي بأعباء مالية كبيرة على المال العام، وتبعات كبيرة على البنك، فضلا عن إمكانية إيقاف العمل بهذا القانون مستقبلا.
وحيث إن الكيانات المصرفية الصغيرة أكثر عرضة لهذا النوع من المخاطر فإن عملية الاستحواذ ستسهم في الحد من هذه المخاطر وهو ما يعود بالإيجاب على مستويات سلامة القطاع المصرفي في الكويت وتقليل الاعتماد على الدعم الحكومي.
6- تعزيز مستويات التصنيف والتقييم الدولية للبنك، من قبل وكالات التصنيف الائتماني العالمية، ويعكس بنك وربة من خلال هذه الصفقة قدرته المؤسسية ورؤيته للنمو على المدى المتوسط والبعيد، والاستفادة من الفرص التي تفتحها فرص تمويل المشروعات التنموية واحتياجات الحكومة، مما يرسخ التقييم الإيجابي الذي يتمتع به البنك.
7- تعميق القدرة على التمويل، فمع تنامي الحاجات التمويلية في ظل جهود التنويع الاقتصادي على مستوى المنطقة وعلى مستوى الكويت، حيث تتطلب المشروعات التنموية الكبرى مؤسسات تمويلية قادرة على تقديم التمويل في هذا المجال.
8- تشجيع الاستثمار الأجنبي والمحلي، إذ لا تقتصر المزايا التي تتيحها عملية الاستحواذ على النحو الذي سبق بيانه على بنك وربة فحسب، بل تمتد أيضا لتعزز السمعة الإقليمية والعالمية للاقتصاد الكويتي بوصفه سوقا يتمتع برقابة حصيفة ودور حكومي إيجابي يوفر بيئة محفزة للنمو والاستثمار ويعزز الثقة في الاقتصاد المحلي ومؤسساته، وفي القلب منها الجهاز المصرفي الذي يعد عصب النظام المالي.
9- المساهمة في زيادة أرباح المساهمين ومن ضمنهم الدولة، إذ سوف تسهم عملية الاستحواذ في تحقيق نمو كبير وملحوظ، كما تسهم في تكوين محفظة تمويلية متنوعة بما في ذلك محفظة تمويل للمستهلكين، مما سيسهم في خفض تكلفة التمويل وزيادة ربحية بنك وربة، بما يعود بالنفع على المساهمين ومن ضمنهم الدولة، حيث تبلغ نسبة ملكية الدولة ممثلة بالهيئة العامة للاستثمار والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية 24.9% من رأسمال البنك، كما سيخلق الاندماج في حال إتمامه قيمة مضافة قدرها مليار دينار للبنك ومساهميه بما فيه ذلك الحكومة.
«وربة».. في سطور
تأسس بنك وربة بموجب المرسوم الأميري الصادر في 17 فبراير عام 2010، كأول مبادرة حكومية متميزة لإشراك القطاع الخاص في تنمية الاقتصاد الكويتي من خلال تنويع الأنشطة الاقتصادية، حيث أسهمت الحكومة بنسبة 24% من البنك، وتوزعت بقية الحصص على جميع المواطنين الكويتيين المسجلين بذلك التاريخ. ويولي البنك اهتماما كبيرا بتقديم الخدمات المصرفية الرقمية، ويعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، ويبلغ إجمالي موجودات بنك وربة 5.29 مليارات دينار، وذلك بحسب البيانات المعلنة من البنك عن الفترة المنتهية في ديسمبر 2024، ما يضعه في الترتيب السابع بين البنوك الكويتية من حيث حجم الأصول، كما يتمتع بتصنيف ائتماني بدرجة A مع نظرة مستقبلية مستقرة بموجب تصنيف وكالة «فيتش» العالمية.
هذه مسيرة «الخليج»
تأسس بنك الخليج عام 1960 بموجب المرسوم الأميري الذي حمل رقم 44، وهو بذلك من أقدم البنوك في الكويت.
يتمتع البنك بشبكة كبيرة من الأفرع وأجهزة الصراف الآلي، حيث لدى البنك أكثر من 50 فرعا وأكثر من 300 جهاز صرف آلي في أنحاء الكويت.
يبلغ إجمالي موجودات بنك الخليج 7.48 مليارات دينار، وذلك بحسب البيانات المعلنة من البنك عن الفترة المنتهية في ديسمبر 2024، ما يضعه في الترتيب الخامس بين البنوك الكويتية من حيث حجم الأصول.
كما يتمتع بتصنيف ائتماني بدرجة A مع نظرة مستقبلية مستقرة بموجب تصنيف وكالة «فيتش» العالمية.
تعزيز فرص تمويل المشاريع
يعد الاقتراض الداخلي من الخيارات المطروحة لتمويل عجز الميزانية العامة للدولة شريطة صدور قانون الدين العام الذي يتيح للحكومة الاقتراض، وفي حال صدوره فإن القطاع المصرفي سيقوم بدور محوري في هذا الشأن، يضاف إلى الدور المأمول للقطاع المصرفي في تمويل المشاريع التنموية الضرورية لتنويع الاقتصاد الوطني بعيدا عن النفط، مما يتطلب مؤسسات مصرفية تتمتع بأوضاع مالية مستقرة والقدرة الكافية على تغطية الاحتياجات التمويلية التنموية.
الحفاظ على العمالة الوطنية
غالبا ما تنطوي عمليات الدمج والاستحواذ على عديد من التحديات التقليدية، من بينها دمج النظم التشغيلية والتقنية وقواعد البيانات والمنتجات والخدمات المقدمة للعملاء، بسلاسة ودون التأثير على سلامة وسلاسة الأعمال، وحيث يعد التكامل على مستوى الوظائف والموارد البشرية من المزايا التي توفرها عمليات الاستحواذ والاندماج، وفي حين ينجم عن عمليات الاندماج والاستحواذ عالميا خفض للموارد البشرية، إلا أن العمليات السابقة في الكويت والمنطقة كانت حريصة على المحافظة على الكوادر الوطنية العاملة في القطاع.
استمرارية الأعمال دون فقدان الثقة
تعتبر قضايا الامتثال للنظم والتعليمات الرقابية من الأساسيات التي يتعين مراعاتها، وتواجه عمليات الاندماج والاستحواذ، حيث يجب على الأطراف الالتزام بالقوانين واللوائح المحلية والدولية ذات الصلة، والتي قد تكون معقدة ومتشعبة، كما أن التعامل مع توقعات المساهمين، والعملاء، والموظفين يتطلب توازنا دقيقا لتحقيق رضا جميع الأطراف المعنية وضمان استمرارية الأعمال دون فقدان الثقة، في النهاية، فإن الإدارة الفاعلة لهذه التحديات تلعب دورا حاسما في نجاح عمليات الاندماج والاستحواذ وتحقيق القيمة المضافة المرجوة.