أيا كان المبلغ الذي دفعته شركة «Paramount Pictures» لإقناع النجم جيم كاري بالعودة عن تقاعده المفترض، فقد كان يستحق كل ما دفع فيه من أموال، لأن الفيلم الثالث بسلسلة «Sonic The Hedgehog» ليس عائليا مملا مليئا بالحوارات مثل الفيلمين السابقين.
لقد كان الممثل الكوميدي الشهير صريحا للغاية بشأن دوافعه المالية للعب دور «د.روبوتيك»، العالم المجنون الذي يعاني من جنون العظمة وله شارب مبالغ فيه مثل فرشاة الرسم، ومخزون من الأجهزة الإلكترونية القاتلة، والحقد المبالغ فيه على الحيوانات الفضائية السريعة، لكن حتى لو كانت دوافع «كاري» للمشاركة بهذا الفيلم مالية إلا أن ذلك لا يعني أنه لا يبذل قصارى جهده بل على العكس من ذلك، ففي كل مرة يظهر فيها أمام الكاميرا في فيلم من أفلام «Sonic» يكون منهمكا في أداء لا يهدأ، سواء كان يرقص بخفة دم غريبة، أو يعبر بوجهه بتعابير لم يفكر بها أي إنسان من قبل، أو يلقي تعليقات ساخرة بأسلوب «الغرينش».
يجد جيم كاري في الجزء الثالث من سلسلة «Sonic» شريكا يمكنه أن يضاهي شخصيته الغريبة على الشاشة، وهو جيم كاري نفسه، ومن بين الأشياء التي تميز هذا الفيلم هي أنه يمنح الممثل دورا مزدوجا، ما يسمح له بلعب دور «روبوتيك» العائد ونسيبه البعيد، وكانت مشاهدة هذا الأسطورة الكوميدية في هذه الأفلام كافية لجعلنا نشعر بالفعل وكأننا نشاهد عرضا كوميديا منفردا على مسرح لكن تم وضعه في إطار فيلم كوميدي مكلف للغاية يناسب كل زمان ومكان (وهو أمر قريب للحقيقة عندما تكون نصف الشخصيات الأخرى الظاهرة على الشاشة رقمية)، غير انه هناك مشاهد مطولة في «Sonic 3»، حيث يكون «كاري» فقط هو من يقوم بتمثيل دورين في مشاهد لم شمل عائلي جنونية، وكما اتضح فإن اثنين منه أفضل من واحد فقط.
حتى الآن، لم يكن أداء كاري الرائع بالشخصية هو الأبرز فحسب، بل كان أيضا المنقذ لهذه الأفلام المقتبسة من ألعاب الفيديو، وقد شهد أول فيلم «Sonic The Hedgehog» شعبية بسبب الفضول، حيث عليك أن تتساءل: «لماذا قد يعجب المعجبون المتشددون بفيلم انتزع صديقهم الأزرق المفضل من مملكة السرعة والألوان ذات الـ 16 بت لصالح كوميديا صديقين مملة مع جيمس مارسدن؟»، ثم قدم «Sonic The Hedgehog 2» تحسنا طفيفا عن سابقه، وذلك في الغالب بسبب تقليل المشاهد التي يظهر فيها نجم «Sega» السريع وهو يجلس في مقعد الركاب داخل سيارة تسير ببطء، لكن الفيلم ظل يعتمد بشكل كبير على إشارات مستهلكة للثقافة الشعبية وخطوط قصصية فرعية مملة متعلقة بالشخصيات البشرية، وأخيرا يبدو أن الحظ يحالف السلسلة في المحاولة الثالثة، حيث تصل إلى ذروتها مع مغامرة أكثر سرعة وإثارة لفريق «سونيك».
باستثناء شخصية «د.روبوتنيك» ذات العيون الجاحظة، لا تثير الشخصيات الأخرى في هذه الأفلام الكثير من الاهتمام بها، حيث يقلص الجزء الثالث وقت الشاشة الذي يحصل عليه والدا «سونيك» بالتبني، وهما توم (جيمس مارسدن) ومادي (تيكا سامبتر)، بالرغم من توسيع قائمة الممثلين لتشمل شخصيات بظهور قصير مثل كريستين ريتر، وأحد أعضاء فريق «The Lonely Island»، وبوب من مسلسل «Mad Men» مع تقليل مشاهد حفلات الزفاف وأحاديث القلب إلى القلب حول طموحات «توم» المهنية، ويتمكن السيناريو الذي كتبه بات كيسي وجوش ميلر وجون ويتنغتون، من التركيز بشكل أكبر على المجموعة الغريبة من الكائنات الفضائية الملونة، القنفذ الشجاع وسريع البديهة سونيك (بين شوارتز)، والثعلبة الطائرة تيلز (كولين أوشونيسي)، وقنفذ النمل الجاد الذي لا يملك حس السخرية ناكلز (إدريس إلبا)، الذي تستحضر شخصيته الجدية القوية.
تدور حبكة الفيلم حول تقديم الشخصية المحبوبة لدى المعجبين «شادو»، الذي يمثل نسخة مظلمة وقلقة من «سونيك»، وهو قنفذ بطل شرير متجهم ومتأمل يهرب من سنوات من الاحتجاز الحكومي، مع شرارة كهربائية في عينيه ورغبة في الانتقام من البشرية، وتم تقديم الشخصية بصوت كيانو ريفز بأسلوبه المعتاد المميز مع صوته الهادئ والمتزن، ولـ «شادو» قصة خلفية معذبة، يصورها المخرج العائد جيف فاولر عبر لقطات «فلاش باك» درامية مكثفة تمنح «شادو» خسارة محورية ومؤثرة، تذكر قليلا بأجواء شخصية «ويك»، إذا كان هذا يبدو توجها جديا أكثر من اللازم بالنسبة لفيلم من سلسلة «Sonic the Hedgehog» فمنذ متى كان على هذا القنفذ صاحب الشعر الشائك والإيماءات المرحة أن يقدم مونولوجا عن الحزن والانتقام؟ ولكن قليلا من الدراما العاطفية أفضل من النكات السطحية التي ميزت ظهوره السينمائي الأول.
وبالحديث عن ذلك، فإن هذا الفيلم الثالث يبتعد أكثر عن الطابع غير المرغوب فيه في الجزء الأول، والذي ركز على علاقة «سونيك» بالبشر بدلا من المغامرات، ويقترب من حبكات مغامرات حماسية تشبه برامج الكرتون الصباحية، وهو ما يناسب الشخصية بشكل أفضل.
تذكرنا المشاهد البصرية المذهلة في الفيلم بجوهر أفضل ألعاب «سونيك»، كما يتميز الجزء الثالث أيضا بخيال أوسع من الأجزاء السابقة، مستلهما أفكارا من أفلام مثل «Moonraker» و«Mission: Impossible» وأفلام «الكايجو» و«الإنمي»، رغم أن الحوار ما زال مزيجا متفاوتا من النكات والدروس والتصريحات الدرامية مثل العبارة التي يقولها شادو: «هذا.. ينتهي.. الآن».